حكاياتي مع دادي-الواجب الأول

الواجب الأول

اليوم تلقيت أول واجب لابنتي بالمدرسة !! فذكرتني بحكاية ظننت أنها دفنت مع ذكريات الطفولة و لكني فوجئت بها تظهر علي السطح قادمة من معاميع معاميع دهاليز الذاكرة!! 🙂
الواجب عبارة عن تلوين و كتابة ثلاثة حروف… و أنا في روضة كان الواجب أيضاً تلوين!!

المدرسات هنا بأمريكا تقريباً يومياً يرسلوا لي كتيبات و ملازم عن طريقة التدريس و عن أهمية دوري كأم و انهم لن يستطيعوا بأي حال من الأحوال إستبدالي و كيف ما تقوله الآم بالفطرة يرسخ بعمق أكبر مما تظل تهاتي فيه المدرسات لساعات طويلة و ما هو دوري في تعليم إبنتي و أهمية إرتباطي بإبنتي و مساعدتي لهم في تعليمها …
من الآخر يودوا لو أننا كنا توأم ملتصق :))

الواجب … لابد و حتماً و لزماً أن أكتب و ألون معها الواجب ..!!!
و بمجرد أن أمسكت القلم حتي ترددت و تألمت و وجدت … الذكريات تطفو ..
الذكريات… أنا لم أُضرب بالمدرسة كثيراً بل هي مرات نادرة، فطوال حياتي من المتفوقين الذين يشار إليهم بالبنان و الحمد لله و كذلك للحق أقول أني كنت ضعيفة و مخلعة مثل بينوكيو و العرائس الماريونت ::))، فالمدرسات كنا يخافن أن يلمسوني حتي لا ينخلع كتفي منهم بالغلط أو تميل رقبتي و يحاتسوا في إعادتها واقفة و غيره 🙂
في سنة روضة ضربتني المدرسة لأني قلت لها أن دادي رحمة الله عليه قد ساعدني في التلوين !! 🙁
فعلت الواجب و في ميعاده و تذكرت إحضاره و كل الخطأ أن أبي رسم بعض الخطوط بالألوان في الرسمة ليعلمني كيف أملأ الفراغات و يريني كيف لا يجب أن أترك أي لون أبيض و هذا هو إتقان التلوين ..؟!
لم أكذب قلت للمدرسة ببرائة الأطفال أو هبلهم و بمنتهي الفخر أن والدي ساعدني لهذا هي أفضل تلوين في الفصل، فهناك من شخبط هكذا و هناك من فقط جرب لون بخطين و لا يُعتبر أنه لون أي شئ أما رسمتي فهي رائعة…. فوجدت المدرسة تزعق من بعيد من عند مكتبها: خليكي واقفة !!
وقفت و قلت في سري، سيصفق لي الفصل بالتأكيد و كما هو العادة أيضاً
فوجدتها تطلب مني أن أفتح يدي و أخذت عصايتين -من وجهة نظرها خفيفتين، هذا ما قالته لأمي لاحقاً حين جائتها لتعرف لماذا ضربتني- و ظلت تزعق بكلام لم أفهمه حينها و لكني حفظته لأنقله لأبي و كان كله عن شئ يسمي: “الإستقلالية” و كيف عليّ أن أعتمد علي نفسي و حين يكون شئ متعلق بالمدرسة يجب عليّ أن أنسي البيت و لا أحمل أحد أي عبئ،…إلخ

:)… سبحان الله علي التضارب، أمريكا تحاول أن تجعل العائلة مترابطة مع بعضها و مع المدرسة و في مصر كانوا يحدثونا في الروضة عن نسيان البيت حين أكون بالمدرسة !
دائماً ما كان المدرسين يشتكون من تدخل أبي في مذاكرتي و أنه يسبق المدرسة بسنوات و كثيراً ما تعرضت لمشاكل بسبب عدم تصديق المدرسين لما كنت أعرف و أفعل ؟!

علماً أن مدارس أمريكا لا تمنع المدرسين من ضرب التلاميذ و هناك في بعض المدارس من يدخل يحمل عصاه كذلك مثل مصر، و قد أُنتقد ذلك في كثير من الأفلام الأمريكية و مثلهوا بالمدرسين الذين يفعلون ذلك و سخروا منهم.
المهم ان الأسبوع الماضي تعرضت ابنتي للعقاب أيضاً و دت للبيت تبكي و قبل أن تنام بكت و في صباح اليوم التالي بكت قبل ذهابها للمدرسة مما جعلني تحدثت مع المدرسة و سألتها عما فعلت ابنتي و كيف عاقبوها ليؤلموها هكذا، فأجابت المدرسة أن أول مشكلة تعليمية تواجه المدرسين هي السكوت في الحصة و عليه فهي دورها كمدرسة روضة أن تدرب الأطفال علي ذلك لأنهم قادمون من المنزل -لا يوجد هنا سنة حضانة، الأطفال يلتحقوا بالمدرسة عند سن خمس سنوات و يدخلوا أولي ابتدائي ست سنوات- فخصصوا بعض النشاطات التي يشترط بها الصمت و كان النشاط هذه المرة هو الرسم في صمت و حين رفضت ابنتي السكوت عُوقبت بالمنع من الرسم و أُخذ منها ورقة الرسم و حرمت من النشاط، و هذا هو كان سبب بكاء ابنتي: الحرمان من ما يجب أن يُفعل مهما كان، لتصبح حريصة علي ما يجب أن تفعله.
اليوم التالي عادت ابنتي سعيدة من المدرسة حيث كافئوها علي كونها super silent أي الصامتة السوبر في الفصل 🙂

العقاب مطلوب و لكن كيفية العقاب؟؟..
أتعتقدون أن هذا هو سبب كرهي للرسم ؟! ربما..؟! لم أدرك ذلك سوي الآن و أنا أكتب هذه الكلمات ..
ربما ذلك لا واعياً ولد عندي كراهية للتلوين، و لكن حمداً لله العقاب مع ابنتي كان له أثر ايجابي و بدل من أن تكره الواجب أحبته و الحمد لله.

و لكن حتي لا نظلم المدرسة لأني حقاً أحبها و كانت أرحم كثيراً من مدرسات أخريات بالمدرسة و لا تلجأ للضرب كأول حل في الأغلب مثل بقية المدرسات.
و لكن حينها كانت هناك هوجة، نعم “هوجة” في التربية و تعليم الإستقلالية خاصة للفتايات مما يحقق لهم حرية في المستقبل و …إلخ من كلام و توصيات مجلس المرأة المتوحشة في مصر 🙂
طبقاً لتوجيهات السيد الرئيس و قرينته ..!!

أعلم أن مستوي التعليم في المدارس في أمريكا ليس قوياً، و لهذا لا أنبهر بالمرة بأي شئ يقومون به، و لكن في نفس ذات الوقت عانيت ما يكفي في التعليم بمصر و أدعو الله أن ينجي إبنتي من التعليم هناك !!
و لكني أحياناً في موضوعات معينة و هامة كهذه أحتار أيهما الصح؟
وجدت نفسي أقول لنعود للإنسان الأول و الفطرة قبل النظريات و الخزعبلات، ماذا كان يحدث؟

الطفل يظل متعلق بأمه يتعلم منها إلي أن يصل سن المراهقة و يبدأ التمرد و البحث عن الإستقلال، لهذا أمسكت القلم و فقت من شروطي و قلت لنفسي:”إذن هذه المرة سأتبع النظام الأمريكي و أرسم مع إبنتي :)”

ها ماذا تذكرون عن أول واجب و عن ذكريات الطفولة السعيدة ؟!

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.