رسالة عرفان لرسالة

رسالة عرفان لرسالة
في يوم كان عندنا إحدي قريباتنا، و هي تصغر أمي سنوات قليلة. وجدتني أقوم جرياً من علي المذاكرة و ألبس استعداداً للخروج، فسألتني عن السبب، فأجبتها و أنا عيناي جمرتي نار من الإحمرار لعدم النوم و ليس لقلته، و قلت:”هكذا سأتأخر عن رسالة”
لم تفهم، فرسالة حينها كانت فقط أسرة جديدة بالكلية
فقالت:” أنتي مش شايفة نفسك، إنتي أولي بصحتك و وقتك، تساعدي ناس مين؟؟ هو فيه ناس تستاهل؟؟؟ تلاقيهم و لا حتي بيقولولك شكراً؟؟!!”
فصدمتني الكلمات !!!! كنت أري أساطير لا تصدق من المتطوعين و حماسهم و الآن ها أنذا تصفعني واحدة من أهلي برفضها الفكرة من أساسها !!
لم أدر حينها ما أقوله و الوقت ليس في صالحي فقبلتها و احتضنتها و قلت: ” لا أفعل ذلك من أجل الناس بل لله و لا أنتظر كلمة شكراً بل في الحقيقة أكره سماعها!! نعم هناك ناس لا تستاهل، و لكن ليس كل الناس كذلك. ربما كنا نحن من خُلق بتلك الظروف، ألم نكن لنتعجب أنه لا يوجد من يشعر بنا و يمد لنا المساعدة؟! لا أحد يشتري ظروفه، فلنزكي منها ليديمها الله علينا”
و قبلتها و ذهبت و أنا أشعر أني بقمة فشلي، 

بالتأكيد هي لم تقتنع بكلامي و لن تقتنع مهما حدثتها عن العمل التطوعي و مع الأسف أنا شخصياً السبب!! فعلي مستوي الأقارب يروني البنت الهزيلة المريضة دائماً بسبب ضعفها و التي بلاها الله بعقلها و علمها، فكنت الإستثناء الذي يثبت القاعدة لديهم، و القاعدة بالطبع هي: “الجهل و الكسل نعم من الله علي البنات!!”

طبعاً شعرت بالفشل لأني لم أستطع إقناع أغلي الناس عندي بالعمل التطوعي و خدمة المجتمع بالرغم من أنها كانت ال
presentation
التي تُطلب مني دائماً تقديمها و التحدث عنها؟!
المهم الآن بعد مرور سنوات كثيرة علي هذه الذكريات، أقيم ما فعلته، هل حقاً خدمت مجتمي؟ هل حقاً قدمت شيئاً إستفاد منه آخرون؟؟ هل حقاً كنت من ضحي بوقته و مجهوده من أجل الغير؟؟؟
ربما؟! هكذا كانوا يقولون؟! و لكن بعد مرور هذه السنوات يجب أن أقف وقفة صدق مع نفسي…
الصدق أنه أنا من استفاد في المقام الأول و الأخير
يجب أن أعترف بجميل رسالة عليّ فلولاها ما كنت أي شئ أبداً…
حين أنظر لحياتي أجدها تتلخص بكلمتين: التدريس و الكتابة، فأجد رسالة تقف هناااااااااك في البداية تتواري في الظل لا تكاد تُري رغم أنها المصدر.
أولاً عملت بالتدريس بجامعات مختلفة… في الحقيقة أول دورة قمت بتدريسها كانت مع رسالة و كنت مرعوبة، و أذكر كلمات دكتور شريف لي حين أعربت له عن قلقي عن أني ربما لن أكون علي المستوي المطلوب، فأجابني بأني ان كنت أعرف جمل قليلة فمن هم بالداخل لا يدركون حروف الهجاء، فقولي ما تعرفين و بالتأكيد سيستفيدوا و لو حرف!!
و بالفعل دخلت و شرحت و فوجئت برد فعل ايجابي جداً و بعدها بدأ اسمي أنا و اخوتي يُعرف في الكلية و نُطلب للتدريس من المراكز الخاصة ثم التدريس بالجامعة بعد التخرج!!
ثانياً أعتبر من أكبر ما حققته بحياتي هو الكتابة، (ابتسامة) ، أول مقالات كتبتها بصورة منتظمة كانت بجريدة الأسرة بالكلية، و حينها نصحني دكتور شريف بترك الهندسة و احتراف الصحافة، مما جعلني أشعر بفخر شديد جداً و فرحة عارمة بما قاله، لتكتمل بنزول مقالاتي كجزء من الصفحة الأولي بالجريدة لعدة أعداد متتالي.
كنت قبل جريدة رسالة نشرت مقالتين فقط في مجلة كانت تصدر باللغة الإنجليزية و لم أنتظم معهم.
و سبحان الله حتي عندما فقدت توازن حياتي و مررت بفترة كانت شدة و ضيق عظيم ألم بي و فقدت الثقة بنفسي و بكل من حولي، وجدت رسالة مرة أخري هي من تعيد لي نفسي من خلال طلب من أحد متطوعين رسالة (وائل زكريا) بمساعدته بالتطوع في برمجة مشروع لأحد أنشطة رسالة، و من خلال هذا الشخص فُتح لي باب عمل كنت أظن أن لن يُفتح لي مرة ثانية أبداً لإنقطاعي عن البرمجة لعدة سنوات… جزاه الله و جزي من عرفني عليه عني كل الخير (أشرف الشفقي) ، حقاً لقد أنقذوني دون أن يدركوا ذلك من حالة اكتئاب و إحباط و نفسية متردية ليمدوني بالحياة. (هذه إعترافات في لحظة صدق مع النفس دون أية مبالغات)
بعد كل ما حكيت، أحقاً كمتطوعة في رسالة، كنت من أُفيد أم من يستفيد؟؟
صراحة لقد استفدت من العمل التطوعي : حياتي كلها
حتي يا ربي قدرتي علي الحكي لطفلتي، اكتشفتها أول مرة برسالة، حين تُركت مرة عنوة برسالة لأخذ بالي من بنات الدار، فجائتني إحداهن تطلب مني أن أحكي لها قصة، لا أذكر أي حكاية حكيت و لكني أذكر تجمعهن حولي واحدة تلو الأخري، و تحديق عيونهن بعيوني و هدوئهن الشديد و تركيزهن فيما أقول حتي كدت أفقد أنا تركيزي !!!
و وجدتني أقبلهن عرفاناً مني لهن علي هذا الوقت الممتع معهن!!! سبحان الله !!!
مهما حكيت و كتبت لن يكفي وصف جميل رسالة عليّ و علي حياتي !!!
أحمد الله علي وجود رسالة و أحمد الله علي حظي في العمل مع دكتور شريف عبد العظيم مباشرة، و يعلم الله كم أتمني أن أذهب لرسالة ثانية و كم أفتقد محاضرات و اجتماعات دكتور شريف التي كان حديثه لنا حينها كالحلم !!
يا رب اكرم و ارزق و اسعد تقبل منا و منه و من كل من تطوع بها و لو لسويعات قليلة !! 🙂

2 thoughts on “رسالة عرفان لرسالة

  1. جميل جدا العرفان بالجميل ، والأجمل منه التطوع من أجل فعل شيء لشخص ما ، وقد يكون هذا الشيء هاما جدا بالنسبة لهذا الشهص لكنه لا يستطيع فعله بمفرده فتخيلى مدي فرحته بمساعدتك له فى تحقيقه ، يا ليتنا نحاول جميعا التطوع وفعل الأشياء الخيرة قدر المستطاع حتي ولو من داخل بيوتنا

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.