الأختين

ظلت تراقب قطرات المطر من وراء الزجاج و هي تصطدم به ثم تسيل عليه في خط بتعرجات صغيرة إلي أن تختفي القطرة، ثم رفعت عينيها علي سطح أحد بيوت الجيران فوجدت حمامة ذات لون بني غامق و تبدو كأنه حماما ً ذكرا ً يجري وراء حمامة بيضاء شاهقة البياض كالتي ترسم رمزا ً للسلام ويحاول أن يغطيها بجناحه و لكنها تأبي و تجري و تطير مسافات قصيرة للمطر بعيدا ً عنه، و هو لا ييأس و يلاحقها فنظرت و تعجبت و قالت للحمامة البيضاء:”لتظلي بجانبه، كيف تهربي ممن يحبك؟ فالواحد لا يجد من يحبه الآن!!”

ثم نظرت إلي الشجرة المجاورة فوجدت عصفوران يفتحان جناحيهما علي مصرعيهم فظنت أنهما يتعانقان و لكنها وجدتهم يحميان بعض البيض الذي يفقس من المطر. و نظرت إلي الشارع فوجدت سيدة شكلها غير مألوف تدخل المنزل المقابل و تحمل شيء تخبئه فراقبتها فوجدتها تجلس في مدخل العمارة و أزالت حجابها و سترتها عما كانت تخبئه فإذا به طفل رضيع نائم ظلت تهزهزه و تهدهده حتي لا يستيقظ ولكن ما أن جلست بقليل حتي إستيقظ فرأت تعبيرات الضيق علي وجه الأم و لكنه إبتسم فإبتسمت و قبلته ثم حملته و غطته ثانية بحجابها و سترتها و قامت لتكمل هرولتها تحت المطر، فتذكرت الآية من سورة الأنعام:” ما من دابة في الأرض و لا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم”.

فنظرت للسحب و قالت:”يا تري ماذا تتمنين هذه المرة؟ كل مرة تمطر تتمني أمنية و تدعو بها تستجاب، فالدعوة وقت المطر مستجابة، فسرحت في زوجها و قالت الحب:”يا رب أتمني أن يحبني!!”

إنحسر نظرها مرة أخري في قطرة مطر تراقبها و هي تذكر حديثها مع زوجها ليلة سفره المعتادة حين سألته:”أتحبني ؟” فأجاب و هو يراجع حقيبة سفره المعتادة بسخرية:”الحب ده لا يفكر فيه سوي المرفهين أمثالك يا حبيبتي أما من مثلي يسف التراب في الغربة لا يفكر هكذا”

فقالت لنفسها بسخرية:”ما قيمة “حبيبتي” التي قلتها أذن ،لقد أفرغت من معناها!!!!”

ثم عادت لتشرد عينيها ثانية و سرحت مرة أخري بهذا الرجل الذي ينزل من الأتوبيس الأحمر المزدحم و يحمل طفل صغير بلبس المدرسة البني و يحمل مع الطفل حقيبة علي ظهره و حقيبتين آخرتين علي كل ذراع و يجري و يتلفت وراءه كل عدة دقائق، فوجدت ورائه طفلين آخران كبيران يجريان وراءه في المطر.

فقاطعت تأملاتها أمها و هي تدخل تحمل معها كوب من الشايء قائلة:

-”إشربي يا بنيتي، أكيد تشعرين بالبرد بعد مجيئك تحت هذا المطر”

فشكرت أمها و جلست بجانبها، فإذا بأمها تسرح و تتنهد فتسألها،

-”ماذا بك يا أمي، ماذا يضايقك؟”

-”أختك، أختك ستجعلني أجن!!!!!”

-”لماذا؟ ماذا فعلت؟”

-”تريد ترك عريسها الذي لتوها خطبت له!!”

فتجيب في جزع و حيرة:”لماذا؟ ألا تعرف أنه لا يتزوج أحد هذه الأيام؟!!”

فيسمعون الباب يغلق و تدخل أختها مبللة، فتقول الأم:

-”ها هي قد حضرت فلتسأليها، أنا لم يعد لي مرار علي هذا الدلع!!”

فتدخل أختها تسلم عليها و تغير ملابسها المبللة و بالفعل تنظر إلي إصبع أختها فتجدها قد خلعت دبلتها، فتسألها:

-”ماذا حدث؟”

-فتجيب أختها:”هي ماما قالت لك؟”

-طبعا ً

-نزل من نظري

-فتجزع الأخت الكبري من كلام أختها:” ماذا؟ أعلمت عنه ما يشين؟”

-فتقول الأخت الصغري:” لقد كنت بدأت أحبه، أنت تعرفين إعتراضي عليه من قبل، هو كان يقول أن حياته هي الموسقي، سيعيش للموسيقي و يموت للموسيقي، و أنا حاولت أن أجذبه للعالم الذي نعيش فيه، فهو مرفه إلي حد كبير كما تعلمين، فأخذته إلي دار أيتام و دار مسنين وأماكن العشوائيات و قلت له أننا يجب أن نعمل في شيء له فائدة حتي لا أصبح أنا و أبنائي لهذا المصير و حتي نستطيع أن نساعد هؤلاء الناس علي الحياة، و الموسيقي لا تصلح لأحد سوي الملاهي الليلية و الراقصات، و أن ميراثه لن يدم ، خد من التل يختل، و لكنه ظل مصرا ً أن الموسيقي أحد الطرق التي تؤدي إلي تحرر الروح و إنطلاقها في الفضاء الفسيح و هي ما تساعد علي أن يكون الإنسان مبدعا ً، و الإبداع هو الطريق الوحيد لحل المشكلات المعضلة كالتي يعيشها مجتمعنا، و هذا الكلام الفلسفي عن التحرر الفكري و المعنوي و الروحي أيضا ً أحد سبل مقاومة الحياة الإحتكارية المعاصرة، و أن أهم شيء هو إشباع الروح و العقل و إن إستطاع الإنسان إشباعهما لن يحتاج أكل أو شرب بل ستكون تمرة أو كسرة عيش كافية لإشباع الجسد طوال اليوم لأن النفس ستكون متخمة بأكلات الروح و العقل الدسمة”

فضحكتا الأختين و قالت الأخت الكبري:”أعلم هذا الكلام، ما الجديد إذن؟”

-فأجابت الأخت الصغري:”الجديد هو أني كنت بدأت أحبه، كنت بدأت أعجب بشدة أنه عنده مبدأ و مؤمن به و يحاول أن ينشره حتي لو إختلفت مع هذا المبدأ لا يهم، و لكني فؤجئت به من عدة أيام يترك كل المؤسسات الموسيقية التي كان يشترك بها و حين سألته عن السبب، قال أنه أصبح يحبني أكثر من الموسيقي و سيفعل أي شيء أطلبه منه و أنه لا يهم أي شيء سوي إرضائي!!”

-فتعجبت الأخت الكبري و قالت لنفسها:”يا إلاهي، هي ترفضه لأنه يحبها!!!و أنا أتمني أن يحبني زوجي؟!!”

-فقالت بصوت عالي:”و لكن هذا يعني أنه يحبك، أنت عجيبة، كنت سترفضيه لأن مبادئه لا تعجبك وحين يتنازل عنها لأجلك ترفضيه أيضا ً، ماذا تريديه أن يفعل هذا الغلبان ليعجب؟!! “

-فقالت الأخت الصغري:”كلا هذا يعني أنه ضعيف فهو حين كان يحب الموسيقي ترك أي شيء و كل شيء لأجلها، و حين أحبني ترك أي شيء و كل شيء من أجلي حتي مبادئه التي كان قد قرر أن يهب حياته لها، فأنا الآن لا أشعر بأمان فغدا ً ربما جد شيء أو أحد أحبه فيتركني لأجله و هكذا”

ثم تسكت برهة و تكمل:”يا أختي الكبيرة، الشخص القوي هو من يستطيع أن يتحكم بمشاعره و ألا يترك لنفسه العنان تفعل ما تحب، بل تفعل ما يجب أن تفعل حتي لو لم نحبه، هذا ما يسمي مجاهدة النفس و هذا هو ما يفتقره، و أنا لا أحب أن أترك حياتي لشخص هوائي ضعيف!!”

-”ولكنه يحبك”

-”الحب ليس شرطا ً من شروط الزواج و لا إستمراره!!”

-”أختي، حبيبتي، أنا أعلم أنك أكثرتحكم و قوة و عقلانية و إستقلالية عني، نعم أنت محقة الحب ليس شرطا ً لإستمرار الزواج و لكنه شرطا ً لإستمرارك سعيدة في الزواج، أفهمت الفرق؟!

الحقيقة أن الفرق كبير جدا ً كبير بدرجة يصعب وصفها أو شرحها فهي كالفرق بين السجين و الحر!! أتفهمين؟!!”

 

-فأجابت الأخت الصغري و قد ظهر عليها علامات تعجب و عدم فهم:” أنا أعرف تحديدا ً ما أريد و ما لا أريد، فمن سأتزوجه يجب أن يكون به صفات محددة، صفات أحبها، و ألا يكون به الصفات التي أكرهها، و بالتأكيد حين أجد شخصا ً كهذا سأحبه و أحبه بجنون و حينها أعيش سعيدة”

 

-فقالت الأخت الكبري:”نعم ربما ستحبيه و ربما سيكون بالمعني التقليدي “زوج مثالي” و لكن ربما أيضا ً أن لم يستطع أن يحبك هو و تزوجك لتصبحي زوجة تقليدية ،ستكوني حزينة وحيدة مرتبكة سجينة قلبك و روحك و بيتك، و ربما أكرمك و لا يرفض لك طلبا ً بل يشتري لك أكثرمما تحتاجين و إذا لم يحبك هو و ظللت أنت فقط من يحب ستكوني كالمسجون في سجن سوبر لوكس و يظل هو السجان الذي يحضر لك كل ما تحتاجين تحت قدميك و لكن ليس لأنه يحبك بل لأن هذه هي وظيفته و دوره.

لن تفرحي بما يحضر لك و لن تشعري بغضاضة أو مرارة إذا إسترده، فكل شيء يتساوي في النهاية، لا فرحة و لا حزن مجرد أيام تمر تنتظري فيها النهاية، نهاية أي مسجون، إما الموت أو الخروج من هذا السجن بالطلاق لحياة أمر و أقسي من السجن!!

حينها ينظر لك الجميع بحذر و ترقب وتبتعد عنك الصديقات حتي اللاتي يعرفن كم تعذبتي بهذا الزواج و لكن حينها ستكوني أنت المطلقة و هي المتزوجة و تخاف علي زوجها منك لأنك ربما تكوني الأجمل أو الأكثر جاذبية و تخاف أن ينساق زوجها ورائك، و ربما سيتأفف الأهل من عودتك لهم و سيظلوا يبذلون قصاري جهدهم ليعيدوكي للسجن قصدي لبيت زوجك و يحملوها كجميل علي الرأس للسجان.

أما لو تزوجتي ممن يحبك و تحبيه سيكون حقا ً الزواج كالحلم، ستشعري كأنك عصفور يملك فضاء السماء يضرب بجناحيه كيفما يشاء ووقتما يحب و في المكان الذي يختار، ستشعري بالحرية المطلقة و الأمان ، فلو زوجك أحبك لن يحاسبك علي أي شيء بل سيغفر لك كل شيء مهما كان عظم ما أتلفتيه، لو زوجك يحبك حتي لو لم تحبيه سيشعرك أنك إنسانة كاملة لا عيب فيكي، لا يراك سوي جميلة رقيقة بكي أنوثة محببة إلي قلبه، سيراك هكذا حتي لو كنت منكوشة و ترتدي جلباب كستور!!

ستحبون أن تشتركوا في كل شيء فقط لتكونوا معا ً مهما كان ما تفعلون ستشعرون بالسعادة سواء ما تفعلون هو غسيل الصحون أو سماع موسيقي أو ركوب درجات، لا فرق الشعور واحد.

و لكن إذا لم يحبك أصبح كالسجان الراقد بجوار السور الحديدي و دائما ً السور بينكما، يراقبك ويمصمص شفاه كلما فعلت شيئا ً أي شيء ليرضيه، سواء رقصت له سيقول خليعة و إن قرأت القرآن سيقول متزمتة أو ممثلة، يلتقط لك الهفوات و الذلات لا يصرح سوي بإنتقاده لعيوبك حتي لو فعلت شيء أعجبه سيضمره و لن يقوله، حينها ستشعرين بالإختناق كالآية :”وكأنما يصعد في السماء” و الوحدة حتي و هو علي بعد بعض ياردات فقط، ستشعري بالتعاسة و تتمني الموت عن الحياة معه!!”

 

– فتظهر علامات الإرتباك أكثر علي الأخت الصغري و تقول:”كيف يعيش كل الناس؟؟ أنا لا أري أحدا ً يعيش سعيدا ً كما تصفين”

 

– فتجيب الأخت الكبري:”نعم هذا صحيح، فلكلن أسبابها الخاصة، لاتوجد إمرأة تعيش دون حب و لكنها تغير دفة ووجهة الحب، فهناك فتاة صغيرة غندورة تتزوج من رجل في سن جدها فهي بالطبع لا تحب الرجل و لكنها تحب الألمظ و الفرو، و أخري سريعا ً سريعا ً أنجبت أطفالا ً كثيرة، فهي لاتحب الرجل و لكنها تحب أولادها و تستعيض بحبها لهم و بحبهم لها عن أي حب آخر و هذه هي القاعدة العريضة من النساء تشعر أن حياتها مع أبيهم تضحية من ضمن التضحيات التي تقدمها لهم ليعيشوا حياة مستقرة بين أب و أم، و هناك من تحب الناس و ظهورها و هي متبطأة ذراع رجل يجعلها مقبولة و محبوبة لديهم، فهي لا تحب الرجل، إنما تحب الظهور بجواره أمام الناس، و هناك من تحب غيرة النساء منها، فتتزوج من شخص كريه الطباع لها و لكنه مثلا ً وسيم جداً أو غني جدا ً، فهي لا تحب الرجل و لكن شعور أن الكل يحسدها و يغير منها يرضيها، و هكذا فلكل واحدة أسبابها”

 

-فتفيق الأخت الصغري و ترد في حزم:”كلا أنت تتكلمين عن الوهم، فمثلا ً لو تقدم لك من لا تفخري به و به عيوب كثيرة و لكنه يجعلك تحلقين في الفضاء مثلما تصفين، أستتزوجيه؟”

 

– فترد الأخت الكبري بخيبة أمل و عيناها في الأرض:”كلا، لن أتزوجه، لأني لا أحب أن أجلب لأبنائي أب لا يفخرون به، و لكني لو علمت أني لا أنجب سأتحسربقية حياتي علي عدم زواجي منه!!”

 

-فترتبك الأخت الصغري ثانية ً و تسأل:”كيف هذا؟ لقد تخلبطت !”

-فتوضح الأخت الكبري:”يا حبيبتي، أنت الآن قبل الزواج بحياتك ناس كثيرة، أم، أب، أخوة، أصدقاء، مدرسين، أقارب، خالات، عمات، و أبنائهم، جيران،……إلخ ناس كثيرة جدا ً ،كل منهم له مكانه في قلبك و عقلك، حين تملين وتشتاقين للكلام تجد بدائل كثيرة، و لكل له تأثيرمعين عليكي، و لكن بعد الزواج،كل مشاعرك تتغير، لا يصبح في قلبك و لا يشغل عقلك سوي زوجك، يصبح هو كل حياتك، لو العالم كله مدحك وزوجك إنتقدك، ستشعري بالحزن فقط ، و لو العالم كله ذمك و نبذك، و زوجك أحبك ومدحك، ستشعري بالفرح فقط و لن تشعري بأي غضاضة.

بعدالزواج أنت تستغنين عن العالم أجمع بزوجك فقط، و هو الوحيد الذي سيكون معه مفتاح سعادتك، الآن أقول لك سعادتك تنبع من داخل ذاتك و قلبك و يشعها عقلك لباقي أطراف جسمك، و لكن بعد الزواج ،ستنبع سعادتك من إبتسامة زوجك لك أو كلمة حب بسيطة يلقيها في أذنك في الصباح قبل ذهابه للعمل، مهما حدث في بقية هذا اليوم لن يؤثر عليك، لأنك ستظلي مشغولة بتلك الكلمة البسيطة الجميلة، ستسرحي في لمعة عينيه و رائحته و القشعريرة التي سرت بجسمك لحظتها، و كلما تذكرت هذه اللحظة ستسري هذه القشعريرة مرات ومرات بجسمك لتدفئك و تسعدك.

و لكن إن لمعت عيناه بالشرر و القسوة و قال كلمة فيها نقد أو إشمئزاز أو لوم، حتي لوكرموكي في هذا اليوم بجائزة نوبل و ظل العالم كله يحلف بإسمك و قامت مظاهرات تنده بحبك كالأميرة ديانا، ستظلي أنت حبيسة ذاتك كلما تذكرت هذه اللحظة إشمأزت نفسك و مغصت معدتك و نهكت قوتك، ستظلي تشعري رغما ً عنك بالإنكسار و الخذي و تظل عيناك لا تري الناس من حولك إنما تنظر للأرض هربا ً من عيون زوجك وكلمته التي تلاحقك، و حينها ستخافي حتي الموت لأنه سيكون زوجك في الخلود فتتحسري علي حياتك و مماتك.”

 

-فتدمع الأخت الصغري من الحيرة و الإختيار و القرار، فتحتضنها أختها و تربت علي كتفها و تقول لها و هي تلاعب خصلات شعر أختها:” كل ما أريد أن أقوله لأني أريد لك السعادة دنيا و آخرة، تأكدي فقط من مشاعرك نحوه ومشاعره نحوك، تأكدي إن كان حقا ً هوائي ومن الممكن أن يحب غيرك بعدك أم لا، لا يوجد سوي فتاة أحلام واحدة في حياة كل رجل، كل ما أقوله، تأكدي إن كنت أنت هذه الفتاة أم لا، فإن كانت الإجابة بلا فأتركيه، لأنه بداخله سيظل يقارنك بها طول العمر،

، و لكن إن كنت أنت هذه الفتاة، فتأكدي من حبك له، تأكدي حتي لا تندمي يوما ً علي ما كان في يديكي و تركتيه لمجرد إرضاء الناس و الأهل، فالناس لن تعيش معكي بالمنزل و لكن هو من سيلازمك طوال الوقت، فتحرري من قيود آراء الأهل و الأصحاب، لن ينفعك أحد منهم إذا كنت سعيدة أو شقية، غوصي في أعماقك وتخيلي نفسك ببيتك و أنت و هو وحدكما، أسألي نفسك هل هذا يكفيكي و يرضيكي أم لا؟، تخيلي أنك بالبيت وهو آت إليك هل ستكوني مشتاقة وتنتظريه بلهفة و شوق وفرح وهل دخوله عليك البيت يهلل قلبك ؟أم تتأففين و تشمأزين بمجرد معرفتك أنه قريب من المنزل و تظلي طوال وجوده بالمنزل تتذمرين بداخلك؟

وهومسافر هل تتمنين عودته سريعا ً أم تتنفسين الصعداء وتحمدين الله أنه بعيد عنك؟

وهوهل يتودد إليكي وقت قوتك وغناك ونجاحك وفرحك أم سيغيرمنك و يتمني زوال النعمة عنك حتي تحتاجي إليه و ترضخي له وتتساوي معه في النصيب؟

هل يدعمك و يشجعك أم دائما ً يحطمك و يدمرك؟ هل في ضعفك وحزنك و فقرك و مرضك سيرحمك أم سيذلك و يتضرر منك و من وجودك و يحقرك و يقلل من شأنك و يظل طوال الوقت يعايرك بأنه تفضل عليكي برحمته و أمواله و خدمته لك في هذه الأثناء؟

صحيح الحب ليس شرطا ً لإستمرار الزواج و لكن المودة و الرحمة في كل قول و فعل شروط، إعلمي أننا كما قال رسول الله نحن كالقوارير أي كسر بنا لا يصلح، ربما نظل متماسكين، ربما نظل بفائدتنا لمن حولنا و لكن يظل الشرخ موجود بأعماقنا لا يصلحه أي شيء، حتي لو تغيربعد أن كسرنا و أصبح يعاملنا أفضل، ربما سامحناه و لكننا لن نستطيع محو الذكريات ولن نستطيع نعيش بالأمان الذي كنا نألفه و نعيش به من قبل، سيظل هناك حائلا ً سدا ً، فمن جرحت مرة أخري ترتعد من حدوث جرح آخر، فربما تكون الثانية هي القاضية و تفقد السيطرة و الحفاظ علي حياتها و علي زمام أمورها و تنهار تنهار تماما ً لتصبح أشلاء قارورة مجرد قطع زجاجية فائدتها الوحيدة هي القطع و الجرح و الألم و لا تستخدم سوي في الإنتحار!!!

يجب أن تسألي نفسك عن نفسك و تغوص في أعماقك، إسألي لو هو حدث له أي شيء لقدر الله هل ستضحي من أجله أم ستتذمري من خدمته، في وقت الضعف و المرض يظهر من يحب حبا ً حقيقياً ً و من يقف و يدعم و يرحم و يشفق ممن هو قاس القلب أناني لا يفعل سوي ما يريد و لا يسمح إلا بما يري!!

إسألي نفسك عنه و عن إحساسك به و خوفه عليكي و إشتياقه لكي و الأمان الذي يوفره لكي، هل تأنسين له، هل حقا ً تشعري أنه لباس لكي و أنت لباس له، هل و هو لباس لكي هل ستفخرين به أم ستخجلي من طلوعك من البيت به؟؟

إعلمي أختي العزيزة أن البيت هو المكان الوحيد الي سترتاحي به فإن لم يكن كذلك ستظلي تعبة طوال العمر!!

إبحثي عن سعادتك و إنسي الناس، الوحيدون الذي تهتمي لأمرهم و تقدري رأيهم هم أبنائك، حتي لا يجيء يوما ً يلومك أحد أولادك علي إختيارك و يصرخ بوجهك:” أين كان عقلك يا ماما لتتزوجي من هذا الإنسان، أنت تستحقين من هو أفضل و بالتأكيد كان هناك من هو أنسب فلم لم تري سوي هذا الإنسان؟”

فتندمين و تتحسرين و لا تعلمي بم تجيبي سوي بالإعتذار!!

سيحايبك الله علي إختيارك لزوجك و سيحاسبه علي إختياره، ففكري مليا ً بأسبابك و لا تقدمي علي القبول أو الرفض إلا و أنت مئة بالمئة متأكدة من نظرتك و حدسك و إحساسك، إن الله خلق العقل بالقلب و ليس المخ، فسلي قلبك أرجوكي”

25 سبتمبر 2010

 

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.