علينا السعي و ليس علينا إدراك النجاح

مدير التسويق العام لشركة فيليبس، بلجيكي الأصل تعرفت عليه خلال ورشة عمل لأحد المؤتمرات، كانت محاضرته عن التلفزيون ذي البعد الثالث الذي يباع حالياً في الأسواق

كان يقارب آنذاك من الخمسين من العمر و كان هذا في عام 2003

بعد كلمتي فوجئت به يقترب مني و يضحك قائلاً: أمازال هناك منك في العالم؟

فلم تعجبني الكلمات و منعت نفسي من النظر شذراً أو تجاهله إحتراماً لسنه الكبير

فقلت علي مضض: ماذا تعني ؟

فأجاب: هؤلاء الذين مازالوا يحلمون أن السلام يجب أن يسود العالم و أن الخير ينتصر دائما في النهاية

فبهت من الإجابة

فقلت: نحن عدد لا يحصي

فأجاب: عجباً أن يكون من هي بثقافتك و تعلمك و تقرر أن تضيع عمرها هباءاً في هذه الأوهام

فلم أرد و هو استطرد سريعاً: انقذي حياتك ربما فعلاً الخير هو من ينتصر دائما في النهاية و لكن هذه ستكون نهاية القصة و غالباً يكون نهاية عمرك قد إنقضي قبلها بسنون كثيرة و لاتري هذه الحقيقة أو تعيشي هذه النهاية السعيدة

فعرفت أنه لا يؤمن بالآخرة

فسألته:: ألا تؤمن؟

فأجاب: لا، لقد قرأت قليلاً عن الأديان و لكني لم أشتري هذا الكلام كله،  فكل دين ينكر الآخر

فأجبت مع شفقة عليه و هو ربما علي مشارف القبر: أنا لن أتحدث عن الأديان أجمع، أنا مسلمة و أؤمن بالله العادل و أؤمن بيوم القيامة حيث الله سيحكم بين عباده و أؤمن أن الموت هو موت للجسد المادي و ليس الروح التي تتنعم أو تتعذب في القبر ثم  في الآخرة

فنحن نعامل الله و ليس الخلق، لهذا أفعل ما أراه صحيحا بغض النظر عما كان أو سيكون، أو سواء وافقني الناس أم لا

فضحك عاليا و ترفع حاجبيه في عجب و قال: فكري ثانية، فالعالم يحكمه قانون الأقوي و ليست قوانين الأديان السماوية

فسألته: ألا تفعل الخير من أجل الخير مطلقا؟

فأجاب: لا، أفعل الخير كثيراً لأنه ينتابني بعدها شعور غريب داخلي بالسعادة و الإطمئنان و لكن ليس من أجل الثواب مثلك

هذه هي طبيعة البشر مثل طبيعة الكون من شروق و غروب

فسألته: ألم تفكر من الذي سن هذه القوانين و خلق البشر و الكون الذي تتحدث عنه؟

فأجاب: لا تحاولي معي، لقد قلت لك أني لا أشتري هذا الكلام، أنا أستمتع بحياتي ثم سأموت و أُنسي مع الزمن، هذا كل ما أريد أن أعرفه، لا أفكر فيما لا أعرفه من ما قد يحدث بعد الموت

مالي أنا و ما لا أعرف، أنا أهتم بالنتائج التي سأستفيد منها و أنا حي و أراها ملموسة أمامي

فخاب أملي في تغيير رأيه

فأنهي أخي الأكبر الحوار بقول: نحن نتبع دين يأمرنا أنه لو كانت القيامة تقوم و في يدك  نبتة فلتضعها بالأرض، فربما ما رأيت نهاية هذه النبتة و لا كان هناك وقت بعدها لتشعر بالسعادةأو أي شعور آخر أو ليستفيد من زراعتك أي شخص، و لكننا لا نفكر بكل هذا نحن نفعل الخير لأن الله أمرنا بذلك، نحن علينا السعي و ليس علينا إدراك النجاح

 

مصدر الصورة:

http://bottom-of-the-glass.blogspot.com/2010/04/bitter-end.html

 

1 thought on “علينا السعي و ليس علينا إدراك النجاح

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.