لست أنا من أعد هذا المحتوي، أنا أنشره فقط، جزي الله كل خير لمن أعتده
المصادر:
التفسير السعدي
أسباب النزول للنيسابوري
لمسات بيانية لفاضل السمارائي
متشابهات للكسائي
كتاب نظم الدررلتناسب الايات و السور
وقفه مع سورة ال عمران
هدف السورة : الثبات**
كل سورة من سور القرآن الكريم لها وحدة موضوع واسم كل سورة مستوحى من هذا الموضوع. وهدف سورة آل عمران: الثبات، فبعد أن عرض الله تعالى لنا المنهج الذي يجب علينا أن نتبعه في سورة البقرة جاءت سورة آل عمران لتدلنا على الطرق التي تعيننا على الثبات على هذا المنهج سواء كنا من حديثي العهد بالمنهج أو قديمي العهد فكل المؤمنين يحتاجون الى الثبات على المنهج حتى لا يتخاذلوا ولا يخافوا أن يزيغوا أو يضلو
وسورة آل عمران تنقسم الى قسمين اثنين:
القسم الأول من الآية 1 – 120) هذه الآيات تدلنا على كيفية الثبات فكرياً في مواجهة الأفكار الخارجية.القسم الثاني من الآية(121 – الى نهاية السورة) وفيها كيفية الثبات داخلياً.
وقد بدأت سورة آل عمران بالثبات فكرياً من الخارج لتجهيز البيئة المحيطة ثم انتقلت للثبات الداخلي للفرد. وسورة آل عمران تتمحور حول حادثتين:
حادثة وفد نصارى نجران الذي يمثل أول حوار للأديان في التاريخ وكيف نثبت في مواجهة الأفكار الخارجية من خلال المناقشة مع وفد نصارى نجران وهي تعلمنا فكرة مناقشة أهل الكتاب عامة.والحادثة الثانية غزوة أحد لتدلنا على كيفية الثبات العملي ورغم أن غزوة أحد وقعت قبل حادثة وفد نجران إلا أن ورودها بعدها انما هو لتحقيق فكرة الثبات الخارجي اولاً ثم الداخلي.
سبب تسمية السورة
تسمية السورة بـ (آل عمران) فهي إكرام لزوجة عمران والسيدة مريم ابنة عمران فالسيدة مريم عليها السلام كانت رمزاً للثبات في العبادة والعفّة وزوجة عمران كانت رمزاً للثبات بنصرة الإسلام (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا) وحينها كان المسجد الأقصى مأخوذاً من المؤمنين فنذرت ما في بطنها لخدمة المسجد الأقصى ووضعتها أنثى وتقبلها الله تعالى منها. وكذلك سورة آل عمران فيها نظرة عالية للمرأة بذكر زوجة عمران ومريم عليها السلام التي رفعت من الروح المعنوية لدى سيدنا زكريا u فدعا ربه أن يهب له ذرية صالحة. وفي هذا إشارة أن رمز الثبوت هم النساء ولذا جاء ترتيب سورة النساء مباشرة بعد سورة آل عمران. هذا والله اعلم
: ملحوظة:هناك سمة تعبيرية للسورة أي سورة تكثر فيها كلمات معينة مثل كلمة الله في سورة البقرة وكلمة الرب في سورة آل عمران والرحمن والرحمة في سورة مريم أكثر سورة في القرآن تردد فيها الرحمة والرحمن.
تناسب خواتيم البقرة مع أوائل آل عمران*
البقرة من خواتيمها قوله تعالى (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)) وفي بداية آل عمران (إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء (5) آل عمران) لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في السموات وما في الأرض إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء كأنها جزء منها، إذن مرتبطة
(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء (6)) في آل عمران وقال في البقرة (فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)) ذكر ما يشاء في التصوير وذكر ما يشاء في الخاتمة، يصوركم في الأرحام كيف يشاء هذا في بداية الأمر والخِلقة يتصرف كيف يشاء ثم (فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)) يتصرف كيف يشاء في الخاتمة إذن تصرف في التصوير كيف يشاء وتصرّف في الخاتمة كما يشاء. آية البقرة تقول (فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء) المفهوم من الآية أن الله يتصرف كما يشاء
معاني كلمات الوجه 1 من ال عمران
2 الحيّ :الدائم الحياة بلا زوال
2 القيوم :الدائم القيام بتدبير خلقه وحفظهم
4 أنزل الفرقان :ما فرق به بين الحق والباطل
4 الله عزيز :غالب قوي، منيع الجانب
7 آيات محكمات :واضحات لا احتمال فيها ولا اشباه
7 أم الكتاب :أصله يُردّ إليها غيرها
7 متشابهات :خفيات استأثر الله بعلمها، أو لا تتضح إلابنظر دقيق
7 زيغ :مَيْلٌ وانحرَافٌ عن الحق
7 تأويله :تَفسيرِه بما يُوافِق أَهواءهم
8 لا تزغ قلوبنا :لا تُمِلْها عن الحق والهُدَى
تفسير مبسط للوجه 1 من ال عمران
الآية 2: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾: أي: الذي لا يَستحق العبادة إلا هو، ثم ذكَر سبحانه البرهان على ذلك؛ فأخبر أنه ﴿ الْحَيُّ ﴾ الذي لا يموت، وكل حَيٍّ غيره مسبوقٌ بالعدم، ويَلحقه الفناء، فهو وحده المُتصِف بالحياة الكاملة، وهذه الحياة الكاملة تَستلزم بالضرورة وجود جميع الصفات – التي لا تتم الحياة إلا بها – (كالإرادة والعِلم والسمع والبصر والقدرة والقوة والعظمة والعِز، وغير ذلك من صفات الجلال والكمال)، وهو سبحانه ﴿ الْقَيُّومُ ﴾: أي: القائم على كل خلقه بالتربية والرعاية والحفظ والرزق والتدبير؛ ولذلك افتقرت إليه جميع مخلوقاته، واستغنى هو سبحانه عن خلقه).
الآية 3، والآية 4: ﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ﴾: أي: ومِن مَظاهر قيامِه تعالى بشؤون عباده ورحمته بهم: أن نزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الكتاب الذي لا ريب فيه، (وهو القرآن)، فكل ما فيه حقٌّ وصِدق، لا باطل فيه بأي وَجهٍ من الوجوه، ﴿ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾: أي: مُوافقًا لِما كان قبله مِن صحيح الكُتب السماوية، فلا يُخالِفها، ولا يَتناقض معها؛ لأن مَصدرها جميعًا واحد، وهو الله تعالى،﴿ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ ﴾: أي: مِن قبل نزول القرآن، ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ ﴾: أي: لإرشاد الناس إلى الإيمان، وإلى ما فيهِ صلاح دينهم ودنياهم، ﴿ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾: أي: وأنزل ما يُفرق به بين الحق والباطل؛ كالكتب السماوية والمعجزات، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ بمن جَحد حُجَجَهُ وأدلته، وتَفرُّده بالعُبودية).
الآية 7، والآية 8: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ ﴾: أي: واضحات الدَّلالة، لا تَحتمل إلا معنًى واحدًا؛ فلذلك ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾: أي: هُن أصل الكتاب، بحيث يُرجَعُ إلى هذه الآيات عند وجود التباس، أو إشكال في الفَهْم، ﴿ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾: أي: وهناك آياتٌ أُخَر تَحتمل بعض المعاني، فلا يُعلَمُ المُراد منها إلا بضَمِّها إلى الآيات المُحكَمات، ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾: أي: مرضٌ وضلال، فهؤلاء لِسُوء قصدهم: ﴿ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ﴾: أي: فيَذهبون إلى المُتشابِه وحده، دونَ أن يَرجعوا إلى المُحكَم الواضح؛ وذلكَ ﴿ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ﴾: أي: طلبًا لعمل الفتنةِ؛ ليُثيروا الشُّبُهات عند الناس؛ كي يُضِلوهم، ﴿ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾: أي: ولتفسير هذه الآيات المُتشابهات على ما يُوافق مَذاهبهم الباطلة، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾: أي: ولا يعلم حقيقة معاني هذه الآيات إلا الله، ﴿ وَالرَّاسِخُونَ ﴾: أي: وأما المُتمكنون ﴿ فِي الْعِلْمِ ﴾ – وَهُم أهل العِلم اليَقيني، الذين رسخت أقدامهم في معرفة الحق، فلا يَزِلُّون مِن أجلِ شُبهة أو باطل – فهؤلاء ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ﴾: أي: صدَّقنا بهذا القرآن، ﴿ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾: أي: كله – المُحكَم والمُتشابه – قد جاءنا مِن عند ربنا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ويَرُدُّون مُتشابِهه إلى مُحكَمِه، ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾: يعني: وإنما الذي يَفهم ويَعقِل المعاني على وجهها الصحيح: هم أصحاب العقول السليمة، فهؤلاء يَسألون ربهم الثبات، ويقولون: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ ﴾: أي: لا تُضِل ﴿ قُلُوبَنَا ﴾، ولا تجعلها تميل عن الحق بسبب شُبهةٍ أو شهوةٍ أو فِتنةٍ، وذلك ﴿ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾إلى الحق وعَرَّفتنا به، ﴿ وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ﴾: أي: وامنحنا مِن فضلك رحمة واسعة، ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾: أي: كثير الفضل والعطاء).
الآية 9: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ ﴾: يعني: يا ربنا، إنا نُقِرُّ ونَشهد بأنك ستجمع الناس ﴿ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾: أي: ليومٍ لا شك في وقوعه (وهو يوم القيامة)، فمُجازٍ فيه الناس بأعمالهم (حَسنها وسَيئها)، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾.
متشابهات من ال عمران
إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)
تقدمت الأرض على السماء فى أربع سور فى القرءان الكريم هذا الموضع أولها والمواضع الثلاثة الباقية هى فى سور : يونس 61 ، إبراهيم 38 ، العنكبوت 22 . وجاءت بصورة مختلفة فى أية رقم 4 سورة طه .
في الايه 4 من ال عمران(إن الذين كفروا بايات الله) في ال عمران21 يكفرون
الموضع الوحيد
ايه 7 (في قلوبهم زيغ) في غيرها في قلوبهم مرض
المتشابهات
(وما يذكر الا اولو الالباب) البقرة 269 وفي ال عمران 7
وفي غيرهما (إنما يتذكر أولو الالباب)
بداية السورة ونهايتها يدلان على ان الحق معنا وعلينا ان نتمسك به. (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ). آية 3 و(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) . آية 200
النصف الأول من سورة آل عمران يدعو للثبات فكرياً ويتمثل في مناقشة راقية للرسول r مع أهل الكتاب ليعرض معهم أين الحق. وقد أقام وفد نجران في مسجد الرسول r وناقشهم فيه أيضاً. وعلينا ان نتخذ هذه التعاليم لمحاورة الذين اختلفوا معنا في المعتقد ونقتدي بالرسول صل الله عليه وسلم
لمسات بيانيه من ال عمران
آية (3):
*ما الفرق بين دلالة كلمة الكتاب والقرآن؟(د.فاضل السامرائى)
من ناحية اللغة كلمة قرآن هي في الأصل في اللغة مصدر الفعل قرأ مثل غفران وعدوان. ثم استعملت عَلَماً للكتاب الذي أُنزل على الرسول r (القرآن).
أما الكتاب فهي من الكتابة وأحياناً يسمى كتاباً لأن الكتاب متعلق بالخط، وأحياناً يطلق عليه الكتاب وإن لم يُخطّ (أنزل الكتاب) لم يُنزّل مكتوباً وإنما أُنزل مقروءاً ولكنه كان مكتوباً في اللوح المحفوظ قبل أن ينزّل على رسول الله r.
أما من ناحية الإستعمال فيلاحظ أنه يستعمل عندما يبدأ بالكتاب يكون يتردد في السورة ذكر الكتاب أكثر بكثير مما يتردد ذكر القرآن أو قد لا تذكر كلمة القرآن مطلقاً في السورة. أما عندما يبدأ بالقرآن يتردد في السورة ذكر كلمة القرآن أكثر الكتاب أو قد لا يرد ذكر الكتاب مطلقاً في السورة وإذا اجتمع القرآن والكتاب فيكونان يترددان في السورة بشكل متساو تقريباً ونأخذ بعض الأمثلة:
في سورة آل عمران بدأ السورة بالكتاب (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {3}) وورد الكتاب 33 مرة في السورة ولم ترد كلمة القرآن ولا مرة في السورة كلها.
تدبر في السورة
1- لتعميق التوحيد في قلبك وإزالة أثر الشبهات والشهوات منه اقرأ بتدبر واستحضار أوائل سورة آل عمران إلى آية ١٨/محمد الربيعة
2- سورة آل عمران….،سورة الثبات كأنها نازلة فيكم …. فتدبروها { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا }/محمد الربيعة
3- واعتصموا بحبل الله جميعا”ما يفعله بعضنا يدل على أننا لم نمر من هنا/
تدبر في السورة
أثنى الله على عباده المؤمنين بقوله : { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا .. } فلولا خوف الإزاغة لما سألوه أن لا يزيغ قلوبهم !! ثبتنا يارب
2- ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ) “يضل في النهاية من شك البداية، ومن رسخ العلم في قلبه خاف على نفسه الضلال، ومن دعاء الراسخين: ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ).”
3- وهب لنا من لدنك رحمةإنك أنت الوهابسيعطيك ولو لم يكن هناك جديد لديكلأنه وهاب
تصويب لما سبق في هذه الفقره
*تناسب خواتيم البقرة مع أوائل آل عمران*
البقرة من خواتيمها قوله تعالى (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)) وفي بداية آل عمران (إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء (5) آل عمران) كأنها جزء منها، إذن مرتبطة
——————————————–
(١٠-١٥)
معاني الكلمات:
*كدأب .. :كعادة وشأن ..
*بئس المهاد :بئس الفراش، والمضجع جهنم
*لعبرة .. :لعظة ودلالة ..
*حب الشهوات :المشتهيات بالطبع
*المقنطرة :المضاعفة، أو المحكة المحصنة
*المسوّمة :المُعْلمة . أو المطهّمة الحِسان
*الأنعام :الإبل والبقر والضّأن والمعْز
*الحرث :المزروعات
*حسن المآب :المرجع : أي المرجع الحسن
تفسير مبسط للآيات:
تحذير الكافرين وبيان حقيقة الدنيا (١٠-١٥)
آيه ١٠: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ)
بعد أن ختمت المقدمة السابقة بالتأكيد على البعث والحشر ،حذرت الآيات الكافرين من الإغترار بأموالهم وأولادهم ،وبينت لهم أنها لن تغني لهم من الله شيئا يوم القيامة ،حيث سيكونون وقوداً للنار
آيه١١: (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
وشأن هؤلاء الكافرين كشأن آل فرعون والأقوام السابقة حيث ملكوا المال والمنصب واستعبدوا الناس ،وكذبوا بآيات الله تعالى ،فعاقبهم الله تعالى بسبب تكذيبهم وعنادهم.
ثم انتقلت الآيات من التحذير الى التهديد بالنار
آيه١٢: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)
قل-أيها الرسول-للذين كفروا من اليهود وغيرهم،الذين استهانوا بنصرك في بَدْر، وقالوا لك: “لا يَغُرَّنَّك أنك قاتلتَ مَن لا يُحسن الحرب فانتصرتَ عليهم، إنك إن قاتلتَنا ستعلمُ أنَّا نحن الناس، وأنك لم تلقَ مِثلنا”، فلما قالوا قولتهم هذه يُهَددون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمره اللهُ تعالى أن يقول لهم: ﴿ سَتُغْلَبُونَ ﴾ في الدنيا، وستموتون على الكفر، ﴿ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ ﴾ لتكون فراشًا دائمًا لكم، ﴿ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾: أي: وهي بِئسَ الفِراش والمُستقرُّ)، وبالفعل، فقد جمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لهم: ((يا مَعشرَ يَهود، احذروا مِن الله مِثل ما نزل بقريش يومَ بدر، قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم، وقد عرفتم أني نبيٌّ مُرسَل، تجدون ذلك في كتابكم وعَهْد الله إليكم))، (وقد صدق القرآن فيما أخبر به مِن هزيمة اليهود، فكان هذا دليلاً على أن القرآن وَحي من الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن الإسلام هو دين الله الحق).
آيه١٣: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ ﴾ أيها اليهود المتكبرون المعاندون {آيَةٌ }: أي: دلالة وعِبرة عظيمة ﴿ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ﴾: أي: في جماعتين تقابلتا في معركة بَدْر، منهم ﴿ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: أي: مِن أجلِ دين الله، وهم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ﴿ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ ﴾ تقاتل من أجل الباطل ﴿ يَرَوْنَهُمْ ﴾: أي: وهذه الجماعة الكافرة ترى المؤمنين ﴿ مِثْلَيْهِمْ ﴾: أي: يزيدون عليهم في العدد زيادة كثيرة، تبلغ المضاعَفة وتزيد عليها، وأكَّد هذا بقوله: ﴿ رَأْيَ الْعَيْنِ ﴾، وقد جعل الله ذلك سببًا لنصر المسلمين عليهم، فهزموهم، وقتلوا زعماءهم، وأسَرُوا كثيرًا منهم، ﴿ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ مِن عباده؛ فاللهُ تعالى يَنصر مَن نَصر دينه، ويَخذل مَن كفر به، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾ الذي حدث ﴿ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾: أي: لَعِظة عظيمة لأصحاب البصائر النافذة، والعقول الكاملة، الذين يَهتدون إلى حِكَم الله وأفعاله،
وإلا، فلو نظر الناظر إلى مجرد الأسباب الظاهرة (كالأعداد والعُدَد) لَتأكد بأنه مِن المستحيل هزيمة هذه الفئة القليلة لِتلك الفئة الكثيرة، ولكن كانَ وراء هذا السبب – الذي يُشاهَد بالأبصار – سببٌ أعظم منه، لا يُدركه إلا أهل البصائر والإيمان بالله، والتوكل عليه، والثقة بكفايته، وهو نصره لعباده المؤمنين على أعدائه الكافرين، وإمداده لهم بجنوده التي لا يعلمها إلا هو؛ (كالملائكة، وكإلقاء الرُّعب في قلوب الكافرين، وتكثير أعداد المؤمنين في عيون أعدائهم)، وغير ذلك).
آيه١٤: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)
تبين الآيات حقيقة الدنيا ،وأنها زُينت للناس لدرجة الحب ،ومن هذه الشهوات : النساء والبنين والأموال الكثيرة من الذهب والفضة والخيل المسومة للحسن ،والأنعام والحرث وأنواع الزرع ،وهذا كله مما يستمتع به في الحياة الدنيا ، وهي قصيرة مهما طالت ،وفي مقابل هذا فإن الله تعالى عنده حسن العاقبة والمرجع في الدنيا والآخرة
وفي الآيات عظة للمسلمين حتى لا يغتروا بالحياة الدنيا وزينتها التي تلهيهم عن الآخرة كما حصل للكافرين
آيه١٥: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)
جاءت الآية بخطاب للنبي صل الله عليه وسلم ،أن يسأل على سبيل التشويق إن كانوا يريدون أن يدلهم على ما هو خير من كل ما ذُكر من زينة الحياة الدنيا ،وهو النعيم المقيم في جنة الخلد لمن راقب الله وخاف عقابه له جنات تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار, خالدين فيها, ولهم فيها أزواج مطهرات من الحيض والنفاس وسوء الخلق, ولهم أعظم من ذلك: رضوان من الله.
( والله بصير بالعباد) فهو يعطي كلاً ما يستحقه من العطاء فهو سبحانه المطَّلع على سرائر خلقه .
لمسات بيانية
آية 10
(وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّار)ِ في هذه الجملة من الآية القرآنية لطائف عدة تجعلك تقف أمامها وقفة التأمل في محارب بيان الله تعالى.
أولاً: قال تعالى (وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) فأتى بالضمير (هم) بين المبتدأ والخبر ولو حذف الضمير (هم) لتمّ المعنى: أولئك وقود النار. فائدة الضمير هنا تأكيد وقصر العذاب عليهم.
ثانياً: جاءت الجملة بتعبير (وقود النار) وهذا تصوير وتمثيل للكافرين حيث آلوا إلى وقود للنار وهذا التعبير جاء ليسلب الكافرين كل خصائص الإنسان ومميزاته ويصورهم في صورة الحطب والخشب الذي تُشعّر به النار. فانظر كيف شمل هذا التصوير القرآني شدة العذاب مع شدة الإهانة للكافرين.
لمسات بيانية
آية 14
*ما دلالة بناء الفعل زُين للمجهول؟(د.فاضل السامرائى)
في القرآن خط تعبيري واضح أن ربنا سبحانه وتعالى لا يسند العيب لنفسه وإنما ينسب له الخير وذكرنا أمثلة كثيرة في القرآن:
– (وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا (83) الإسراء) لم يقل مسسناه بالشر وإن كان الكل من عند الله سبحانه وتعالى لكن تأدباً
– (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ (14) آل عمران) لم يقل زين لهم بينما يذكر (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ (7) الحجرات) (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) الصافات).
آية 14
ما دلالة تقديم الأولاد على الأموال فى قوله تعالى(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ {14}) سورة آل عمران؟(د.فاضل السامرائى)
في مواطن الحُبّ يقدّم الأولاد على غيرهم وفي حبّ الشهوات قدّم النساء على باقي الشهوات (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ {14}).
أما فى مواطن الالهاء كقوله تعالى فى سورة المنافقون (لاتلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله) قدّم الأموال على الأولاد مع أنّ حُبّ الأولاد أكثر لكن الإلتهاء بالمال يكون أكثر لذا قدّم الأموال على الأولاد للتحذير.
آيه 14:
*(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ (14) آل عمران) لِمَ لم يقل زُيّن للرجال طالما ذكر في الآية (من النساء)؟(د.فاضل السامرائى)
الآية (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)) عندما ذكر البنين هذا ألمح إلى رغبة النساء في ذلك، هن يحملن البنين ويرغبن فيه. إذن البنين ليست خاصة بالرجال، عندما ذكر البنين هذا إلماح وليس تصريح إلى رغبة النساء فيه لكن لم يشأ أن يخدش حياءها ولم يقل زُين للنساء حب الشهوات من الرجال، كلمة البنين فيها إشارة إلى معاشرة الرجال وإلا كيف يأتي الأولاد؟ بمعاشرة الرجال فلما قال البنين دخل فيه النساء تضميناً لا تصريحاً. الناس يحبون شهوة النساء والبنين والذهب والفضة، البنين يحبها الرجال والنساء إذن دخلت النساء في الآية تلميحاً وليس تصريحاً ولكن لم يصرِّح حتى لا يخدش حياءها ما قال زين للنساء حب الشهوات من الرجال، لما ذكر البنين دخل فيه النساء تلميحاً. لم يقل زُيّن للرجال حب الشهوات من النساء لأن الرجال يسعون في ذلك وينفقون في ذلك والناس هذه أعم لأن البنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ليست خاصة بالرجال ولو قال الرجال فأين يذهب النساء؟ ألا يحبون القناطير المقنطرة؟! فعمم لكن دخل فيه النساء تلميحاً يعني حب النساء للرجال دخله تلميحاً بذكر البنين لأنه لا يحسن أن يذكر أن يحب النساء الرجال لكن الرجال ليس عندهم مانع يجهرون بذلك ويتحدثون بذلك ويسعون في هذا الأمر وينفقون المال في هذا الأمر فلا مانع أن يصرّح بهم في الآية لكن النساء في الغالب يتعففن عن ذكر ذلك لا يُحسن أن يقال فيهن ما يقال في الرجال لكن الآية شملت النساء أولاً دخلت تحت العموم في كلمة الناس وذكرها تلميحاً بحبِّ البنين والقناطير المقنطرة إذن دخلت النساء في الآية تلميحاً لكن لم يخدش حياءها وكلمة الناس تضم الجنسين الرجال والنساء.
المتشابهات
(لأولي الابصار)
اول ال عمران١٣
سورة النور ٤٤
وفي غيرهما(ﻷولي الالباب)
(قل أؤنبئكم) آل عمران ١٥
(قل أفأنبئكم)الحج٧٢
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
[آل عمران ١١]
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ۙ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
[الأنفال : ٥٢]
إضاءات
١- الأموال والأولاد والرجال والعتاد- مهما كثروا- لن يغنوا من بأس الله شيئا، (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ).
٢-الذنوب بريد العذاب العاجل والأجل،(فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
٣- الذي سيدخلك الجنة هو رحمة الله ثم عملك الصالح، وليس كثرة أموالك وأولادك؛ فاشتغل بما ينفعك، (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا).
٤- من أفضل الوسائل لمواجهة المغريات والشهوات: تذكر الآخرة، ووعد الله- تعالى- لمن صبر على تلك المغريات،(قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ).
————————————
(16-22)
معاني كلمات الوجه 3 من ال عمران
17 القانتين :المطيعين الخاضعين لله تعالى
17 بالأسحار :في أواخر اللّيل إلى طلوع الفجر
18 قائما بالقسط :مقيما لالعدل في كلّ أمر
19 الدّين :الطّاعة والانقياد لله , أو الملّة
19 الإسلام :الإقرار بالتّوحيد مع التّصديق والعمل بشريعته تعالى
19 بغيا :حسدا وطلبا للرياسة
20 أسلمت وجهي لله :أخلصت نفسي أو عبادتي لله
20 الأمّيين :مشركي العرب
22 حبطت أعمالهم :بطلت أعمالهم وخلت عن ثمراتها
تفسير مبسط للوجه 3 من ال عمران
الآية 17: ﴿ الصَّابِرِينَ ﴾ على الطاعات، وعن المعاصي، وعلى ما يُصيبهم من أقدار الله المُؤلمة، ﴿ وَالصَّادِقِينَ ﴾ في الأقوال والأفعال، ﴿ وَالْقَانِتِينَ ﴾: أي: الطائعين المُنقادين لله تعالى، ﴿ وَالْمُنْفِقِينَ ﴾ أموالهم سِرًّا وعلانية، ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾: أي: الذين يُكثرون من الاستغفار (وهو طلب المغفرة) في آخر الليل، قُبَيْل طلوع الفجر (وهو وقت السحور)؛ وذلك لأن هذا الوقت يُرجَى فيه قبول الاستغفار، وإجابة الدعاء).
الآية 18: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾: أي: لا معبود بحقٍّ إلا هو، وكل معبودٍ سِوَاهُ باطل، وهذا هو ما يُعرَف بـ (توحيد الأُلُوهِيَّة)، وهو إفرادُ الله وحده بجميع أنواع العبادة؛ (كالصلاة والصيام والدعاء والذبح والنذر والطواف والاستعانة – فيما لا يَقدر عليه الخلق – والاستغاثة)، وغير ذلك من أفعال العبد، وهذا النوع من التوحيد هو الذي لم يُقِرَّ به مُشركو العرب، على الرغم من أنهم كانوا يعترفون بأن الله وحده هو المُتفرِّد بالخلق والرزق والتدبير، وغير ذلك من أفعال الرب تبارك وتعالى، وهو ما يُعرَف بـ (توحيد الرُّبوبِيَّة)؛ قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [العنكبوت: 61]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ﴾ [يونس: 31]، ورغم إقرار المشركين بتوحيد الرُّبوبية فإن ذلك لم يُنَجِّهِم من الخلود الأبدي في النار؛ إذ إنه لا بد مِن أن يجمعوا بين توحيد الألوهية وتوحيد الرُّبوبية، فكما اعترفوا بأنه وحده الخالق الرازق، لا بد أن يعترفوا – أيضًا – بأنه وحده المستحق للعبادة، وأن يُوَحِّدوا له عبادتهم، ولكنهم تكبروا عن الإقرار بتوحيد الأُلوهية؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الصافات: 35]؛ وذلك لأنهم كانوا يعلمون أنهم إذا أقروا بكلمة: (لا إله إلا الله)، فإنهم سوف يَنقادون لأمر الله وحده، ولن يُحَكِّمُوا أهواءهم وشهواتهم في أي أمر بعد ذلك.
﴿ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴾: أي: وقد شهدت الملائكة، وشهد أهل العلم – أيضًا – على أنه لا معبود بحق إلا هو سبحانه، ﴿ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾: أي: قائمًا بالعدل، ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
الاية 19: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾؛ أي: إن الدين الذي ارتضاه الله لخَلقِه، وأرسل به رسله، ولا يَقْبل غيره هو الإسلام، وهو الانقياد لله وحده بالطاعة، والاستِسلام له بالعبودية، والسلامة من الشِّرك، واتباع الرسل فيما بعثهم الله به من التوحيد، حتى خُتِموا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذي لا يَقبلُ اللهُ مِن أحدٍ دينًا – بَعدَ بِعثتِهِ – سوى الإسلام الذي أُرسِلَ به؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾، ﴿ وَمَا اخْتَلَفَ ﴾: أي: وما وقع الاختلاف بين ﴿ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ﴾ مِن اليهود والنصارى، فتفرَّقوا شِيَعًا وأحزابًا ﴿ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ﴾: أي إلا مِن بعد ما تبينوا أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو النبي الذي وُعِدوا به في التوراة والإنجيل، وذلك ﴿ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾: أي ظلمًا وحسدًا، وحفاظًا على المنافع التي بينهم، وطلبًا للدنيا؛ لأن كل فرقة منهم كانت تتمنَّى أن يكون هذا النبي الخاتَم مِن عندها، حتى تكون لها الرئاسة والسُّلطة الدينية والدنيوية دونَ غيرها،
﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾؛ أي: فإن الله يُحصِي عليه ذنوبَ كُفره وسيئات عِصيانه، ثم يحاسبه عليها، ويَجزيه بها – وخصوصًا مَن ترك الحق بعدما عرفه – وهو سبحانه سريع الحساب، فلا يَشغله شيء عن آخر، ولا يُتعبه إحصاءٌ ولا عدد).
الآية 20: ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ ﴾؛ أي: فإن جادلوك بعد أن أقمتَ عليهم الحُجة، ﴿ فَقُلْ ﴾ لهم: ﴿ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ ﴾: يعني أخلصتُ قصدي وتوجهي، وأخلصتُ كل أعمالي القلبية والبدنية لله وحده، وانقدتُ له بقلبي ولساني وجميع جوارحي، (وإنما خَصَّ الوجه لأنه أكرم وأشرف الجوارح، وعليه تظهر المَشاعر، وبه يَحصل التوجُّه إلى كل شيء)، فإذا خضع وجهه لله، خضعتْ له جميع جوارحِه، فلا يُشرك بعبادته أحدًا، ﴿ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ﴾؛ أي: وكذلك مَن اتبعني من المؤمنين، أخلَصوا توجههم وأعمالهم لله، وانقادوا لأمره،
﴿ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ ﴾، وهم مُشركو العرب: ﴿ أَأَسْلَمْتُمْ ﴾؟ ﴿ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا ﴾، إلى الطريق المستقيم، ﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾؛ يعني: وإن أعرضوا عن الإسلام ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ﴾؛ أي: فما عليك إلا البلاغ، وقد أبلغتَهم وأقمتَ عليهم الحُجَّة، وحسابُهم على الله تعالى، ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾.
الآية 21: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ ﴾ ظلمًا ﴿ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ ﴾؛ أي: ويقتلون الناس الذين يَأمرون بالعدل واتباع طريق الأنبياء ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾؛ أي: فأخبِرهم بخبرٍ يَظهرُ أثره على بَشرَةِ وجوههم ألمًا وحسرة، وهو العذاب المؤلم – للأبدان والقلوب والأرواح – في النار
الموضع الوحيد
(أولئك الذين حبطت أعمالهم…)
باقي المواضع بدون الذين
المتشابهات
إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ
ال عمران 19 ،
الشورى 14 ،
الجاثية 17
حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ
⚡يونس 93
التركيز على موضع الإختلاف فى سورة يونس
جاءت (حتى) ولم تأت (بغياً بينهم)
ردت إن الذين يكفرون مرتين فقط فى القرأن فى هذين الموضعين
(ال عمران 21 ، النساء150) وبخلاف ذلك وردت إن الذين كفروا 18 مرة فى القرءان.
لمسات بيانيه
*(وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17) آل عمران) لِمَ خصّ الله سبحانه وتعالى الاستغفار بوقت معين ولم يخص الصفات الأخرى بقيد أو صفة؟ فلِمَ لم يقل مثلاً الصابرين في البأساء؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن الصبر يُحمد في كل وقت وليس للصبر وقت يفضّل فيه عن غيره وكذلكم الصدق ولكن تخصيص وقت الاستغفار بالسَحَر لأمر أراده الله تعالى لك أيها المؤمن أن هذا الوقت فيه من الهدوء ما يجعل العابد أشد إخلاصاً وخشوعاً لله تعالى وفيه بُعدٌ عن الرياء أمام الناس فلا يراك في هذا الوقت إلا من تقصده وهو الله عز وجل.
لمسات بيانيه
ايه 17
*(الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17) آل عمران) تُرى ألا يستقيم المعنى إذا أغفلنا حرف العطف (و) بينالصفات؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
فالأصل في تعدد الأخبار ترك العطف فنقول مثلاً: هذا هو المسلم الصدوق الأمين المخلص، فلِمَ ورد حرف العكف بين الصفات؟ لقد اختاره الله سبحانه وتعالى لبيانه الجليل إيذاناً بمعنى خصوصي ما كان ليتحصّل لو حُذِف حرف العطف وهذا القصد هو الإشارة إلى كمال الموصوف وهو قوله (والله بصير بالعباد) في كل صفة بحيث تنزل كل صفة منزلة مستقلة وما ذاك إلا لقوة الموصوف في تلك الصفة وكأنه يقول: والله بصير بالعباد الصابرين، والله بصير بالعباد الصادقين، والله بصير بالعباد القانتين وهكذا. هذا هو المعنى الذي نستفيده من تكرار حرف العطف بين هذه الصفات.
لمسات بيانيه
آية (19):
*(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ (19) آل عمران) هل عددت كلمات هذه الآية؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إنها على قِلّتها استطاعت أن تأتي ببيان عظيم الدين الإسلامي وفضيلته بأجمع عبارة وأوجزها. لقد جاءت الآية على صفة الحصر، حصر الدين في الإسلام دون غيره وذلك لتعريف إسم (إنّ) أي الدين وخبره أي الإسلام وكأن الله تعالى يقول لا دين إلا الإسلام. ألا ترى أنك تقول أحمد الناجح فتحصر النجاح بأحمد بخلاف أحمد ناجحٌ أي هو ناجح من بين الناجحين. ثم أكّد الله تعالى انحصار الدين بالإسلام أكثر باستعمال حرف التوكيد (إنّ).
لمسات بيانيه
ما الفرق بين القسط والعدل؟(د.فاضل السامرائى)
القسط يكون أولاً في الوزن وغيره وله معنيان العدل والحِصّة والنصيب ولذلك كلمة القسط تستعمل في القرآن في الوزن وفي غيره (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (42) المائدة) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ (135) النساء) . أولاً لم يستعمل العدل مع الميزان مطلقاً في القرآن كله لم يستعمل إلا القسط لأن القسط هو الحصة والنصيب والغرض من الميزان أن يأخذ الإنسان نصيبه ولذلك لم ترد في القرآن كلمة العدل مع الوزن (وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ (152) الأنعام) ومن أسماء الميزان القسطاس (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (35) الإسراء) باعتبار يأخذ حقه. القسط عامة لكن مع الميزان لم تستعمل إلا كلمة القسط لأن من معاني القسط الحصة والنصيب والغرض من الميزان الحصة والنصيب. وللعلم كلمة يقوم لم ترد في القرآن مع العدل (قوامين بالقسط) فقط (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (25) الحديد) (وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ (127) النساء) (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ (18) آل عمران )(وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) الرحمن) (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ (85) هود).
لمسات بيانيه
آية (21):
*في سورة البقرة (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (61) البقرة) وفي آل عمران (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)) وفي آل عمران (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (112))) فما اللمسة البيانية في الآيات؟(د.فاضل السامرائى)
وردت في أكثر من آية وردت في البقرة (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) وفي آل عمران (وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ) يعني هناك نبيين وأنبياء وتنكير الحق وتعريفه، وفي آية أخرى في آل عمران (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ). (الحق)المعرَّف المعرفة تدل على أنه كانوا يقتلون الأنبياء بغير الحق الذي يدعو إلى القتل، ما يدعو إلى القتل معلوم إذن هم يقتلونهم بغير الحق الذي يستوجب القتل إذن إذا كان أي واحد يقتل واحداً بغير الحق الذي يستوجب القتل كان ظالماً هذا (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) يعني بغير الأسباب الداعية إلى القتل. (بغير حق) أصلاً ليس هنالك ما يدعو إلى هذه الفعلة لا سبب يدعو إلى القتل ولا غيره من الأسباب، أحياناً واحد يقسوعل واحد بالكلام يقول له أنت سفيه فيقتله هذا بغير حق الذي يدعو للقتل قد يكون أثاره، حتى أحياناً تحصل عندنا مشادات إذن هذا بغير الحق الذي يستوجب القتل هذه (يقتلون النبيين بغير الحق) يعني ليس هنالك سبب يدعو إلى القتل، إعتداء هكذا فأيُّ الأسوأ؟ بغير حق أسوأ. هذا أمر
والأمر الآخر النبيين جمع مذكر سالم جمع قلة والأنبياء جمع كثرة إذن هم يقتلون كثرة من الأنبياء بغير حق، أيُّ الأسوأ؟ (يقتلون الأنبياء بغير حق) أسوأ من ناحيتين من ناحية الكثرة ومن ناحية بغير حق يقتلون كثيراً من الأنبياء بدون داعي
وهناك أمر آخر هو عندما يذكر معاصي بني إسرائيل يذكر الأنبياء.
نقرأ سياق الآيتين (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (61) البقرة) هذه آية البقرة.في آل عمران (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (112)) هذه عامة، كرر (ضربت). في البقرة قال (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) جمعهما في كلام واحد بينما في آل عمران أكّد وكرر وعمم قال (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) ما قال المسكنة، ثم قال (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) ضربت مرة أخرى، كرر أعاد فصار تكرار وتعميم وتأكيد لأنهم فعلوا أسوأ فإذن استحقوا هذا الكلام التأكيد في ضرب الذلة والمسكنة. هل يجوز في البيان أن نضع واحدة مكان أخرى؟ لا يمكن. في آل عمران قال(وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ) هذه عامة هذه ليست في بني إسرائيل أما (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (112)) هذه في بني إسرائيل تحديداً في بينما الآية الأخرى هذا حكم عام (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَالنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)) هذا حكم آخر ثم يتكلم عن الآخرة (أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (22)) أولئك كانت عقوبة الدنيا بينما هنا الحكم عام في الدنيا والآخرة، هذا فيمن قتل النبيين فما بالك بمن قتل الأنبياء؟! لو قال الأنبياء يعني لم يشمل النبيين فلما قال النبيين شمل الأنبياء فالذي قتل القلة هذا أمره فما بالك بمن قتل أكثر، هو قتل قلة بدون داعي فما بالك بمن قتل أكثر؟! كل واحدة مناسبة في مكانها. الألف واللام في اللغة ربما تحول الدلالة بغير حق وبغير الحق وجمع الكثرة وجمع القلة، جمع المذكر السالم وجمع التكسير. جمع التكسير فيه جمع قلة وجمع كثرة، جمع التكسير أفعُل أفعال أفعِلة فُعلة جموع قلة وما عداها جمع كثرة 23 وزن جموع كثرة.
يمكن قراءة ما جاء حول هذا الموضوع في كتاب التعبير القرآني للدكتور فاضل في موضوع التشابه والاختلاف
اضاءات
١.من أسلم قلبه لله وجوارحه وأصبح وقفا في حياته علي الله فقد اهتدى الى سبيل النجاة والسلام.
٢.من علق قلبه بالحياة الدنيا وأعرض عما يصرفه عنها من العبادات ضل في حياته وسعيه وحسابه على الله وسيلقى جزاءة
٣.الكفر والظلم من موجبات هلاك الدنيا ولزوم عذاب الاخرة.
٤.قتل الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر كقتل الانبياء في عظم الجرم.
٥.الشرك محبط للاعمال ومفسد لها في الدنيا والاخرة.
٦.من خذله الله تعالي لا ينصره أحد، ومن ينصره الله لا يغلبه أحد.
——————————
(٢٣-٢٩)
معاني كلمات الوجه 4 من ال عمران
غرّهم :خدعهم وأطمعهم في غير مطمع
يفترون :يكذبون على الله
تولج :تُدخل
بغير حساب :بلا نهاية لما تعطي أو بتوسعة
أولياء :بطانةأوأعواناوأنصارا
تتقوا منهم تقاة :تخافوا من جهتهم أمرا يجب اتِّقاؤه
يحذركم الله نفسه :يخوفكم الله غضبه وعقابه
تفسير مبسط للوجه الرابع من آل عمران:
الإعلام بانتقال الرسالة والريادة إلى أمة الإسلام
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُون( ال عمران ٢٣) َ
يخبر تعالى عن حال أهل الكتاب الذين أنعم الله عليهم بكتابه، فكان يجب أن يكونوا أقوم الناس به وأسرعهم انقيادا لأحكامه، فأخبر الله عنهم أنهم إذا دعوا إلى حكم الكتاب تولى فريق منهم وهم يعرضون،
تولوا بأبدانهم،
وأعرضوا بقلوبهم، وهذا غاية الذم، وفي ضمنها التحذير لنا أن نفعل كفعلهم، فيصيبنا من الذم والعقاب ما أصابهم، بل الواجب على كل أحد إذا دعي إلى كتاب الله أن يسمع ويطيع وينقاد، كما قال تعالى { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا }
(ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ۖ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُون ( آل عمران ٢٤) َ
والسبب الذي غر أهل الكتاب بتجرئهم على معاصي الله هو قولهم { لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون } افتروا هذا القول – أن النار لن تمسهم يوم القيامة إلا أيامًا قليلة ، ثم يدخلون الجنة، – فظنوه حقيقة فغَرَّهم هذا الظن الذي زعموه فتجرؤوا على الله ودينه.
(فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [سورة آل عمران : 25]
ثم حذرهم الله تعالى من يوم الحساب ،فقال : كيف سيكون حالهم يوم القيامة وقد افتروا على الله وكذبوا رسله وقتلوا أنبياؤه ،والله جامعهم ومحاسبهم ومجازيهم
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة آل عمران : 26]
تشير الآيات إلى تفرد الله تعالى بالملك وتصرفه فيه ، فهو سبحانه مالك الملك ،يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء ،ويعز من يشاء ويذل من يشاء ،وهو على كل شئ قدير
وفي الآية إشارة إلى أن الله تعالى يختار من يشاء من عباده لحمل رسالته .
وفي الآية تنبيه وإرشاد إلى شكر نعمة الله على رسوله ﷺ وعلى هذه الأمة ،
لأن الله تعالى حول النبوة من بني إسرائيل إلى النبي العربي القرشي الأمي صل الله عليه وسلم
(تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [سورة آل عمران : 27]
ومن مظاهر قدرتك أنك تدخل الليل في النهار فيطول وقته، وتدخل النهار في الليل فيطول وقته، وتخرج الحي من الميت؛ كإخراج المؤمن من الكافر والزرع من الحب، وتخرج الميت من الحي؛ كالكافر من المؤمن، والفرخ من البيضة، وترزق من تشاء رزقًا واسعًا من غير حساب وعدّ.
هذه الآية متصلة بالآية السابقة ،فهذه كلها دلائل الملك والإرادة ،فلا أحد يجادل الله تعالى في ملكه ،وتصرفه في الموت والحياة ،والليل والنهار ،فيجب ألا يجادلوا في أمر النبوة وانتقالها من بني إسرائيل إلى أمة الإسلام
وفي استخدام ألفاظ الليل والموت ،والنهار والحياة إشارة لما في الديانات الباطلة المحرفة من ظلمات الجهالة والشرك ،وإلى ما حدث بظهور الإسلام من إبطال تلك الضلالات
بعد بيان بغي أهل الكتاب وإعراضهم عن الحق ، تأتي النتيجة المنطقية ، نهى الله تعالى عباده المؤمنين من موالاة الكافرين
(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) [سورة آل عمران : 28]
لا تتخذوا ـ أيها المؤمنون ـ الكافرين أولياء تحبونهم وتنصرونهم من دون المؤمنين، ومن يفعل ذلك فقد برئ من الله وبرئ الله منه، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم،
فلا حرج أن تتقوا أذاهم بإظهار اللين في الكلام واللطف في الفعال،
مع إضمار العداوة لهم،
ويحذركم الله نفسه فخافوه، ولا تتعرضوا لغضبه بارتكاب المعاصي، وإلى الله وحده رجوع العباد يوم القيامة لمجازاتهم على أعمالهم.
آيه29:
﴿ قُلْ ﴾ للمؤمنين: ﴿ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ ﴾ من مَحبة الكافرين ونُصرتهم، ﴿ أَوْ تُبْدُوهُ ﴾ للناس: ﴿ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾، وسيحاسبكم عليه، ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾؛ أي: وعِلمُهُ تعالى مُحيطٌ بكل ما في السماوات وما في الأرض، ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾؛ أي: وله القدرة التامة على كل شيء).
ورغم أنه كان من المُتوَقع – بعد أنْ ذكر الله عِلمَهُ الخاص (وهو علمه بما في الصدور)، وبعد أن ذكر علمه العام (وهو علمه بجميع ما في السماوات والأرض) – أن يقول بعدها: (والله بكل شيء عليم)، ولكنه سبحانه أراد إثبات صفة القدرة بعد إثباته لصفة العِلم، حتى يَكمُلَ بذلك تحذيرُهُ للعُصاة، فكأنه سبحانه أراد أن يقول: (ويُحذِّركم اللهُ نفسَه، فلا تتجرَّؤوا على عِصيانه ومُوالاةِ أعدائه؛ إذ إنه ما مِن معصية – خَفيةٍ كانت أو ظاهِرة – إلا وهو مُطَّلِعٌ عليها، وقادرٌ على العقاب بها، وإنْ أنظرَ مَن أنظر، فإنه سبحانه يُمهِل، ثم يأخذ أخْذَ عزيزٍ مُقتدِر).واعلم أن قوله تعالى: ﴿ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾، فيهِ إرشادٌ إلى تطهير القلوب، واستحضار عِلم الله تعالى بما فيها في كل وقت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – كما في صحيح مسلم -: ((إن الله لا يَنظر إلى صوركم وأموالكم، ولكنْ ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))، فالقلب هو مَحلُّ نظر الرب، فلذلك ينبغي أن يَستحي العبد أن يَرى اللهُ تعالى في قلبه أيَّ فِكرٍ رديء، بل عليه أن يشغل أفكاره فيما يُقربه إلى ربه (مِن نصيحةٍ يَنصحُ بها عباده، أو تدبُّر لآيةٍ من كِتابه، أو تفكُّر في عظمتِهِ تعالى ونِعَمِه، فيَستشعر أن عافيةَ اللهِ فضْل، وأن بلاءهُ عَدْل؛ إذ إنه لو عامله اللهُ بِعَدْلِه لأَهْلَكَهُ في الحال؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾ [فاطر: 45]، فبذلك يَشعر أنه لا يَستحق كل ما هو فيه من النِّعم بسبب ذنوبه، فساعتَها ينطقُ قلبُهُ بكلمة: (الحمدُ لله) – التي تملأ الميزان – قبل أن ينطق بها لسانه، وذلك على كل لحظة عافية تمر عليه هو لا يستحقها
أسباب النزول :
قوله (قُل اَللَّهُمَّ مالِكَ المُلكِ) الآية26:
١-قال ابن عباس وأنس بن مالك: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ووعد أمته ملك فارس والروم قالت المنافقون واليهود: هيهات هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم هم أعز وأمنع من ذلك ألم يكف محمدًا مكة والمدينة حتى طمع في ملك فارس والروم فأنزل الله تعالى هذه الآية.
٢-أخبرني محمد بن عبد العزيز المروزي في كتابه أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسين أخبرنا محمد بن يحيى أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا روح بن عبادة حدثنا سعيد عن قتادة.
قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته فأنزل الله تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلكِ تُؤتي المُلكَ مَن تَشاءُ) الآية.
أسباب النزول :
قوله (أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ أُوتوا نَصيبًا مِّنَ الكِتابِ) الآية
اختلفوا في سبب نزولها
١-فقال السدي: دعا النبي صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإسلام فقال له النعمان بن أدفى: هلم يا محمد نخاصمك إلى الأحبار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل إلى كتاب الله فقال: بل إلى الأحبار فأنزل الله تعالى هذه الآية.
٢-وروى سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدارس على جماعة من اليهود فدعاهم إلى الله فقال له نعيم بن عمرو والحرث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد فقال: على ملة إبراهيم قالا: إن إبراهيم كان يهوديًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم فأبيا عليه فأنزل الله تعالى هذه الآية.
٣-وقال الكلبي نزلت في قصة اللذين زنيا من خيبر وسؤال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم عن حد الزانيين وسيأتي بيان ذلك في سورة المائدة إن شاء الله تعالى
أسباب النزول:
قوله تعالى : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) الآية [ 28 ] .
١- قال ابن عباس : كان الحجاج بن عمرو ، وكهمس بن أبي الحقيق ،وقيس بن زيد – وهؤلاء كانوا من اليهود – يباطنون نفرا من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة بن المنذر ، وعبد الله بن جبير ، وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء اليهود ، واحذروا لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم . فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
٢-وقال الكلبي : نزلت في المنافقين : عبد الله بن أبي وأصحابه ، كانوا يتولون اليهود والمشركين ، ويأتونهم بالأخبار ، ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – . فأنزل الله تعالى هذه الآية ، ونهى المؤمنين عن مثل فعلهم .
لمسات بيانية
آية 23
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ (23) آل عمران) لقد جاءت الآية بعبارة (أوتوا الكتاب) فما المعنى الذي أضافته عبارة (نصيباً)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن النصيب هو القسط والحظ وقد جاءت نكرة للدلالة على التهاون بهم والتقليل من شأنهم. وجاءت (من) بمعنى التبعيض زيادة في ذلك التهاون والتقليل تعريضاً بأنهم لا يعلمون من كتابهم إلا حظا يسيرا.
لمسات بيانيه
آية 26
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء (26) آل عمران)
لو تأملت السياق لرأيت أنه يقتضي أن يقول تؤتي الملك من تشاء وتأخذه ممن تشاء للمقابلة بين الإتيان والأخذ كما قابل بين العزة والذل (وتعز من تشاء وتذل من تشاء) فلِمَ خصّ المُلك بالنزع دون الأخذ؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن لفظ النزع يفيد تمسك المالك بملكه وعدم خروجه عنه بسهولة كما يفيد اقتلاع الملك من مقرّه بشدّة لأن المالك لا يتخلى عنه لو كان الأمر بيده
لمسات بيانيه
آية (27):
ما اللمسة اليانية في استخدام فعل (يخرج) وليس الصيغة الاسمية كما فى سورة الأنعام؟ (د.فاضل السامرائى)
قاعدة نحوية: الإسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث والتجدد. وهذه الآية تدخل في هذه القاعدة.
فى سورة الأنعام قال تعالى (إنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)) و (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96)) أبرز صفات الحيّ الحركة والتجديد (من الحياة) وقد قال تعالى مع الحيّ (يُخرج الحي من الميت) جاء بالصيغة الفعلية التي تدل على الحركة. ومن صفات الميّت هو السكون لذا جاء بالصيغة الإسمية مع ما تقتضيه من السكون.
⚪وكلمة (يُخرج) لا تأتي دائماً مع الحركة وإنما تأتي حسب سياق الآيات كما في سورة آل عمران (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ {27}) لأن سياق الآيات كلها في التغييرات والتبديلات والأحداث التي تتجدد (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {26})(إيتاء الملك ونزعه، تعز من تشاء وتذل من تشاء، تولج الليل وتولج النهار) كلها في التغيرات وليست في الثبات وهذا ما يُعرف بمطابقة الكلام لمقتضى الحال.
لمسات بيانيه
آية (28):
* على من يعود الضمير في “يحذركم “وفي” نفسه “في الآية (وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ (28) آل عمران)؟(د.فاضل السامرائى)
الضمير يعود على الله تعالى، أن الله سبحانه وتعالى يحذر العباد نفسه.
لمسات بيانيه
آية28
*ما دلالة تقديم وتأخير كلمة (تخفوا) في آية سورة البقرة وسورة آل عمران؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة البقرة (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {284}) وقال في آل عمران (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {29}).
⚪️المحاسبة في سورة البقرة هي على ما يُبدي الإنسان وليس ما يُخفي ففي سياق المحاسبة قدّم الإبداء
⚪️أما في سورة آل عمران فالآية في سياق العلم لذا قدّم الإخفاء لأنه سبحانه يعلم السر وأخفى.
المتشابهات
(تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب)ٍ (27)
وباقى مواضع القرءان يولج : قاعدة الضبط التركيز على موضع الإختلاف فى سورة ال عمران
المتشابهات
(وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)
آل عمران: 28 ، 30
28 ، 29 حرف الصاد (المصير ، صدوركم )
30 ، 31 الباء (بالعباد ، تحبون)
ضبط تتابع الأيات بوجود حرف مشترك بين كلمتين فى أيتين متتاليتين
المتشابهات
{كل نفس ماكسبت}
البقره281؛ آل عمران:161-25
ابراهيم51
وفي غيرها {كل نفس بما كسبت}
المتشابهات
{تبدوا و تخفوا}
( تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه) آل عمران 29
(تبدوا مافي أنفسكم أو تخفوه) البقرة 284
النفس أعظم من الصدر وهى فى السورة الأطول (نفوسكم ، صدوركم)
الظهور قبل الخفاء (تبدوا ، تخفوا) وهو مُقدّم فى السورة الأطول.
المتشابهات
{ما فى السموات وما فى
الأرض}
قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)
ال عمران
لم ترد ما فى السموات والأرض إلا مرة واحدة فى سورة النساء (الأية 170) إبتداءاً من سورة البقرة وحتى سورة المائدة
وما غير ذلك وردت ( ما فى السموات وما فى الأرض)
إضاءات
١- بشرى وطمأنينة للعباد بكرم الله وفضله وسعته؛ التي لا تحد، وأن الرزق بيده وحده، وما العبيد إلا وسائل يقدرها الله لإيصال هذا الرزق، فإذا سألت؛ فأسال الله،(وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
٢-ادع الله- تعالى- أن يرزقك الإخلاص في عملك لله- تعالى- فهو سبحانه عالم بما في قلبك،(قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)
————————————
(٣٠\٣٧)
معاني كلمات الوجه 5من ال عمران
30 مُحضرا :مشاهدا لها في صحف الأعمال
33 آل عمران :عيسى وأمه مريم بنت عمران
35 محرّرا:عتيقا مفرّغا لعبادتك وخدمة بيت المقدس
36 أعيذها بك :أجيرها بحفظك وأحصنها بك
37 كفّلها زكريا :جعله كافلا لها وضامنا لمصالحها
37 المحراب :غرفة عبادتها في بيت المقدس
37 أنّى لك هذا :كيف أو من أين لك هذا ؟
37 بغير حساب :بلا نهاية لما يعطى أو بتوسعة
تفسير الوجه 5 من ال عمران
الآية 30: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا ﴾؛ أي: ينتظرها لتُجزَى به، ﴿ وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ ﴾ تجده أيضًا في انتظارها، و﴿ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا ﴾؛ أي: زمنًا ﴿ بَعِيدًا ﴾، ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ فاستعدوا لذلك اليوم، وخافوا بَطشَ اللهِ وعقابه إن عصيتموه، ﴿ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾؛ أي: ومع شدَّة عقابه، فإنه سبحانه رءوفٌ بالعباد، إذ لم يعاجلهم بالعقوبة، مع قدرته على ذلك).
الآية 31: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ ﴾ حقًّا ﴿ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾، فهل هناك شيء أفضل مِن مَحبة الله تعالى لعبده، وغفرانه لذنوبه؟! فوالله لو أيْقنَ العبد ذلك، لكانَ حريصًا – كُلَّ الحِرص – على التمسك بسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به في أقواله (كالمداومة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وغير ذلك من الأذكار والأدعية التي صَحَّتْ عنه صلى الله عليه وسلم)، وكذلك الاقتداء به في أفعاله (كالصلاة كما كان يُصلي، والوضوء مثل وضوئه، وغير ذلك)، وكذلك التأدُّب بآدابه في الطعام والشراب وغير ذلك، وكذلك التخلق بأخلاقه (قدر المُستطاع)، فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه، وإنما كان يغضب إذا انتُهِكَ حَدٌّ مِن حدود الله.
ويُلاحَظُ هنا أن الله تعالى قال: ﴿ يُحْبِبْكُم ﴾، ولم يقل: (يُحِبُّكُم)؛ وذلك لِيُوَضِّح لنا أن هذا الأمر يأتي بالتَدَرُّج، فكلما ازداد اتباعُك للنبي صلى الله عليه وسلم، كلما ازدادت محبة الله تعالى لك، وقد قال الحسن البَصْرِيُّ – رحمه الله – عن هذه الآية: (ادَّعَى قومٌ أنهم يحبون الله، فأنزل الله هذه الآية مِحْنَةً لهم – أي: امتحانًا لهم – إن كانوا صادقين في حب الله تعالى، فليتبعوا سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم)، فهذه الآية حاكمة على كل مَن ادَّعَى محبة الله تعالى وهو ليس مُتَّبِعًا لسُنَّةِ نَبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وليسَ مُطِيعًا له في أمْرِهِ ونَهْيِه.واعلم أن هذا الاتباع شرطٌ من شروط قبول العمل (مِثل الإخلاص تمامًا)؛ بحيث إنَّ العبد إذا فعل أمرًا مُبْتَدَعًا – لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الكِرام مِن بعدِه – فإن ذلك العمل لا يقبله الله منه؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيحين -: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ))؛ أي: فهو مَردودٌ على صاحبه، وقد أخبر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم – كما في صحيح مسلم – أن هناك أناسًا مِن أمته سوف يُطرَدون عن حَوضه يوم القيامة – رغم شدة الحر والعطش، ورغم حدوث الأمل لهم في النجاة بعدما رأوا الحَوض – فيناديهم صلى الله عليه وسلم: ((ألاَ هَلُمَّ)) فيُقالُ له: ((إنَّهم قد بَدَّلوا بَعدَك))، فيقول لهم: ((سُحقًا سُحقًا – أي: بُعدًا بُعدًا – لمَن بَدَّلَ بَعدي))، ففي هذا دليل على خطورة التفريط في اتباع سُنته صلَّى الله عليه وسلَّم.
الآية 32: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ ﴾ باتباع كِتابه، ﴿ وَالرَّسُولَ ﴾؛ أي: وأطيعوا الرسول باتباع سُنته في حياته وبعد مماته، ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾؛ أي: فإن أعرضوا عنك، وأصروا على ما هُم عليه مِن كُفرٍ وضلال، فاعلم أنهم ليسوا أهلاً لِمَحَبَّة الله تعالى لهم؛ ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾.
الاية 34: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ﴾: أي: إن هؤلاء الأنبياء والرسل – وهم آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عِمران – هم سلسلة طُهْر متواصلة في الإخلاص لله وتوحيده، والعمل بِوَحْيِه، ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ ﴾ لأقوال العباد ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بنيَّاتهم وأفعالهم؛ ولذلك يَصطفي مِنهم مَن يَعلمُ استقامته قولاً وفِعلاً، وهذا مِثل قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124].
الآية 35: ﴿ إِذْ ﴾: أي: اذكر حينَ ﴿ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ﴾: أي: جعلتُ لك ﴿ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ﴾: أي: خالصًا لك، لخِدمة بيت المقدس، ﴿ فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ ﴾ وحدك ﴿ السَّمِيعُ ﴾ لدعائي ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بنيَّتي).
الآية 36: ﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى ﴾ لا تصلح للخدمة في بيت المقدس، ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ﴾ وسوف يَجعل لها شأنًا، ثم قالت امرأة عِمران: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ ﴾ الذي أردتُ للخدمة ﴿ كَالْأُنْثَى ﴾ في ذلك؛ لأن الذكر أقوى على الخدمة، ﴿ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا ﴾: أي: أحَصِّنها ﴿ بِكَ ﴾ ﴿ وَذُرِّيَّتَهَا ﴾: أي: وكذلك أحَصِّن ذريَّتها بك ﴿ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾: أي: المطرود من رحمتك).
الآية 37: ﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ ﴾: أي: فاستجاب اللهُ دعاءها، وقَبِلَ منها نَذرها أحسن قَبول – ولم يَقبل أنثى مَنذورة غيرها – وعصم ابنتها مريم وولدها مِن مَسِّ الشيطان عند الولادة، قال النبي صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيحين -: ((ما مِن مولودٍ يُولد إلا والشيطان يَمَسُّهُ حين يُولد، فيَستَهِلُّ صارخًا مِن مس الشيطان، إلا مريم وابنها))؛ وذلك استجابةً لدعائها: ﴿ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾، واعلم أن كلمة: ﴿ بِقَبُولٍ حَسَنٍ ﴾ توضح أن هناك زيادة في رضاه تعالى عن امرأة عمران).
⚡﴿ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ﴾: أي: وتولَّى ابنتها مريم بالرعاية والتربية منذ ولادتها؛ وذلك لأن الله تعالى جعل زكريا عليه السلام كافلاً لها، قال تعالى: ﴿ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ﴾، فأسكَنها في مكان عبادته؛ ليربيها على أكمل الأحوال، فنشأت في عبادة ربها، وكان ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ ﴾ – وهو مكان صلاته – ﴿ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ﴾ هنيئًا مُعَدًّا فـ ﴿ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ﴾: أي: مِن أين لكِ هذا الرزق الطيب؟ ﴿ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾.
متشابهات
أطيعوا الله والرسول (وردت مرتين فى سورة ال عمران)
الأيتين 32 ، 132
الضبط بدوران الكلمة فى السورة ، وقلة الألفاظ حيث لم تتكرر كلمة أطيعوا وبروز اللام كما هى بارزة فى أسم السورة (ال عمران ، الرسول)
وأطيعوا الله ورسوله (ثلاث مرات فى سورة الأنفال ومرة فى المجادلة)
الأنفال 1 ، 20 ، 46 المجادلة 13
دوران الكلمات فى سورة الأنفال وبمعرفة الأية الأولى من سورة الأنفال تُضبط الأيتين الأخريين .
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول (4 مرات)
النساء 59 ، المائدة 92 ، النور 54 ، التغابن 23
لمسات بيانيه
آية (33):
*ما الفرق بين اصطفى واختار؟(د.فاضل السامرائى)
الإختيار هو أن تختار من غير متشابهات كأن أختار قلماً من بين ورقة وكتاب وقلم (وربك يخلق ما يشاء ويختار). أما الإصطفاء فهو أن أختار من بين أشياء متناظرة متشابهة (إن الله اصطفى آدم) اصطفاه من متناظرين.
لمسات بيانيه
(وإني سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) آل عمران) انظر إلى التوكيد بـ (إنّ) في (وإني أعيذها) مع أن المقام مستعملفي إنشاء الدعاء فما الظل الذي يلقيه هذا التأكيد على العبارة؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن مجيء مريم بنتاً خلافاً لما كانت ترجو أمها وتأمل يؤذن بأنها ستُعرِض عنها فلا تشتغل بها فقالت (وإني أعيذها) مؤكدة هذا الخبر والدعاء بإظهار الرضى بما قدّر الله تعالى لها ولذلك انتقلت إلى الدعاء لها تعبيراً عن الرضى والمحبة.
*قال تعالى في مريم عليها السلام (وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا (37) آل عمران) المفروض أن يقال إنباتاً،ما اللمسة البيانية؟(د.فاضل السامرائى)
أحياناً نأتي بالفعل ونأتي بمصدر فعل آخر كما في قوله تعالى (وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) نوح) لم يقل إنباتاً لكن هذا يكون لغرض. إذا كان الفعلان بمعنى واحد أو حتى لم يكونا بمعنى واحد يكون لغرض آخر مثل قوله تعالى (وتبتل إليه تبتيلا) المفروض تبتّلاً. تبتيل مصدر بتّل وبتل غير تبتّل تماماً والمعنى مختلف. ليجمع المعنيين يأتي بالفعل للدلالة ويأتي بالمصدر من فعل آخر من دلالة أخرى فيجمع بينهما حتى يجمع المعنيين. فبدل أن يقول: وتبتل إليه تبتلاً وبتّل نفسك إليه تبتيلاً يقول (وتبتل إليه تبتيلاً) فيجمع المعنيين وهذا من أعجب الإيجاز. هذه الآية (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) المزمل) فيها أمور في غاية الغرابة في الإيجاز. في مريم قال (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا (37) آل عمران) لم يقل إنباتاً لأنه لو قال إنباتاً هو الله تعالى أنبتها فالمنبِت هو الله تعالى لم يجعل لها فضلاً لكن أنبتها فنبتت نباتاً حسناً جعل لها من معدنها الكريم قبول هذا النبات وأنبتها فنبتت نباتاً حسناً أي طاوعت هذا الإنبات فجعل لها قبول، فجعل لها فضل في معدنها الكريم. بينما لو قال إنباتاً لم يجعل لها فضلاً رب العالمين أنبتها يفعل ما يشاء، لكن نباتاً جعل لها فضلاً، هي نبتت وجهل لها فضلاً فنبتت نباتاً حسناً فجعل لها في معدنها قبول لهذا النبات فنبتت نباتاً حسناً.
لمسات بيانيه
آية (30):
* هل أفردت الرأفة عن الرحمة في القرآن؟ (د.فاضل السامرائى)
فقط في موطنين في القرآن كله قال (والله رؤوف بالعباد) في موطنين: في سورة البقرة (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) البقرة) وفي سورة آل عمران (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ (30)) ما قال تعالى رؤوف رحيم. فلماذا؟
لو لاحظنا السياق الذي وردت فيه الآيتان يتوضح الأمر. في سورة البقرة قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) البقرة) السياق لا يحتمل رحمة لما يقول (فحسبه جهنم) كيف يناسب الرحمة؟ لا يناسب ذكر الرحمة. في الآية الثانية قال تعالى (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُوَإِلَى اللّهِ (28) آل عمران) مقام تحذير وليس مقام رحمة ولا يتناسب التحذير مع الرحمة لأن التحذير يعني التهديد. فقط في هذين الموضعين والسياق اقتضاهم أفردت الرأفة عن الرحمة.
لمسات بيانيه
*(وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ (30) آل عمران) ما دلالة تعريف العباد ؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
لاحظ لو قلت والله رؤوف بعباده ألا تجد أن المعنى سيكون قاصراً على فئة من العباد دون غيرها إن التعريف في كلمة (العباد) بـ (أل) أفاد الاستغراق فرأفة الله تعالى شاملة لكل الناس مسلمهم وكافرهم.
لمسات بيانيه
(وإني سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) آل عمران) انظر إلى التوكيد بـ (إنّ) في (وإني أعيذها) مع أن المقام مستعملفي إنشاء الدعاء فما الظل الذي يلقيه هذا التأكيد على العبارة؟(ورتل القرآن ترتيلا
لمسات بيانيه
ما اللمسة البيانية في تقديم شبه الجملة (عليها زكريا) في قوله تعالى في سورة آل عمران (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ {37})؟(د.فاضل السامرائى)
قاعدة نحوية: يقول سيبويه في التقديم والتأخير: يقدمون الذي هو أهمّ لهم وهم أعنَى به.
والتقديم والتأخير في القرآن الكريم يقرره سياق الآيات فقد يتقدم المفضول وقد يتقدم الفاضل. والكلام في الآية في سورة آل عمران والآيات التي سبقتها في مريم عليها السلام وليس في زكريا ولا في المحراب لذا قدّم عليها لأن الكلام كله عن مريم عليها السلام.
من اسباب النزول
قوله تعالى: ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ ) الآية 31.
قال الحسن وابن جريج: زعم أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم يحبون الله، فقالوا: يا محمد إنا نحب ربنا فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قريش وهم في المسجد الحرام، وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام، وجعلوا في آذانها الشنوف والقرطة، وهم يسجدون لها، فقال: “يا معشر قريش لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل، ولقد كانا على الإسلام”، فقالت قريش: يا محمد إنما نعبد هذه حبا لله ليقربونا إلى الله زلفى، فأنـزل الله تعالى: ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ ) وتعبدون الأصنام لتقربكم إليه ( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) “فأنا رسوله إليكم وحجته عليكم، وأنا أولى بالتعظيم من أصنامكم.
وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أن اليهود لما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، أنـزل الله تعالى هذه الآية؛ فلما نـزلت عرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود، فأبوا أن يقبلوها.
وروى محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: نـزلت في نصارى نجران، وذلك أنهم قالوا: إنما نعظم المسيح ونعبده حبًّا لله وتعظيمًا له، فأنـزل الله تعالى هذه الآية ردًّا عليهم.
(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [سورة آل عمران : 30]
هذه الآية مرتبطة بالتحذير المذكور سابقاً في السياق من الحشر والحساب والجزاء والتحذير من عذاب الله وغضبه ، وكون المصير إلى الله ،فبين ما يكون حينئذ من الحسرة والندامة وتمني المستحيل
قال السعدي : يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا } أي: كاملا موفرا لم ينقص مثقال ذرة، كما قال تعالى: { فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره }
{ وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا } أي: مسافة بعيدة، لعظم أسفها وشدة حزنها،
فليحذر العبد من أعمال السوء التي لا بد أن يحزن عليها أشد الحزن، وليتركها وقت الإمكان قبل أن يقول
{ يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله }
{ يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض }
{ ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانًا خليلا } { حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين }
فوالله لترك كل شهوة ولذة وان عسر تركها على النفس في هذه الدار أيسر من معاناة تلك الشدائد واحتمال تلك الفضائح، ولكن العبد من ظلمه وجهله لا ينظر إلا الأمر الحاضر
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة آل عمران : 31]
وهذه الآية فيها وجوب محبة الله، وعلاماتها، ونتيجتها، وثمراتها، فقال { قل إن كنتم تحبون الله } أي: ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لابد من الصدق فيها،
وعلامة الصدق :
اتباع رسوله ﷺ في جميع أحواله،
في أقواله وأفعاله
في أصول الدين وفروعه
في الظاهر والباطن
فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه :
محبة الله تعالى
وأحبه الله وغفر له ذنبه
ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته
( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) [سورة آل عمران : 32]
وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص
وختمت الآيات بالأمر طاعة الله تعالي ورسوله محمد صل الله عليه وسلم ،وحذرت من الإعراض عن ذلك لأنه كفر ( فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين )
↙️آية 30
وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ (30) آل عمران) ما دلالة تعريف العباد ؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
لاحظ لو قلت والله رؤوف بعباده ألا تجد أن المعنى سيكون قاصراً على فئة من العباد دون غيرها إن التعريف في كلمة (العباد) بـ (أل) أفاد الاستغراق فرأفة الله تعالى شاملة لكل الناس مسلمهم وكافرهم.
إضاءات
1. ادع الله- تعالى- أن يرزقك الإخلاص في عملك لله- تعالى- فهو سبحانه عالم بما في قلبك،(قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ).
- ابتعد عن أماكن السيئات قبل أن تتمنى ذلك، ولا تستطيعه،( وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا).
إضاءات:
إذا أردت محبة الله؛فلابد من أتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحه، (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)
——————————-
(٣٨-٤٥)
معاني كلمات الوجه 6 من ال عمران:
بكلمةٍ :بعيسى – خلق بِـ”كُنْ” بلا أب
حصورا :لا يأتي النساء مع القدرة على إتيانهن تعففا وزهدا
أنّى يكون؟ :كيف أو منْ أين يكون ؟
آية :علامة على حمل زوجتي لأشكرك
أن لا تكلّم النّاس :أن تعجز عن تكليمهم بغير آفة
إلاّ رمزا :إلا إيماءً وإشارةً
سبِّح بالعشيِّ :صلِّ من الزّوال إلى الغروب
الإبكارمن طلوع الفجر إلى الضّحى
اقنتي :أخلصي العبادة وأديمي الطاعة
يُلقون أقلامهم :يطرحون سهامهم للاقتراع بها
بكلمة منه:بقول ” كنْ” مُبتدِإٍ من الله
وجيها :ذا جاهٍ وقدْرٍ وشرف
تفسير مبسط للآيات:
اليوم بإذن الله ..نتعرف على قصة زكريا عليه السلام
(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) [سورة آل عمران : 38]
لما شاهد زكريا رزق الله تعالى لمريم بنت عمران على غير المعتاد من سُننه تعالى في الرزق؛ رجا أن يرزقه الله ولدًا مع الحال التي هو عليها من تقدم سنِّه وعُقْم امرأته، فقال: يا رب، هب لي ولدًا طيبًا ، إنك سميعٌ لدعاء من دعاك، عليمٌ بحاله.
(فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) [سورة آل عمران : 39]
فاستجاب له ربه ، ونادته الملائكة مخاطبة له وهو في حال قيامه للصلاة في مكان عبادته بقولها:
إن الله يُبشّرك بولد يولد لك اسمه يحيى.
ثم جاءت في البشارة ما يكون عليه يحيى عليه السلام من صفات وهي :
أن يكون ( مصدقًا بكلمة من الله ) وهو عيسى ابن مريم ـ لأنه خُلِق خلقًا خاصًّا بكلمة من الله ـ
أنه يكون ( سيدا ) أي سيدًا على قومه في العلم والعبادة
انه يكون ( حصورا ) مانعًا نفسه وحابسها عن الشهوات ومنها قُرْبان النساء ، متفرغًا لعبادة ربه
أنه يكون ( نبيا من الصالحين )
( قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء)( ال عمران٤٠)
فقال زكريا فرحاً متعجباً { رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر } وكل واحد من الأمرين مانع من وجود الولد، فكيف وقد اجتمعا، فأخبره الله تعالى أن هذا خارق للعادة، فقال: { كذلك الله يفعل ما يشاء } فكما أنه تعالى قدر وجود الأولاد بالأسباب التي منها التناسل، فإذا أراد أن يوجدهم من غير ما سبب فعل، لأنه لا يستعصي عليه شيء، فقال زكريا عليه السلام استعجالا لهذا الأمر، وليحصل له كمال الطمأنينة.⤵️⤵️
(قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ۖ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ۗ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) [سورة آل عمران : 41]
فرح زكريا عليه السلام بهذه البشارة ،وطلب علامة ليعرف بها حصول الحمل والولد ،فكانت الآية عدم استطاعته النطق بدون مرض ولا علة
ثم أمره الله بكثرة الذكر والتسبيح آناء الليل وأطراف النهار ،وهو ما قام به زكريا عليه السلام خير مقام ،بل زاد على ذلك أن أمر قومه بفعل ما أُمر هو به
(فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [سورة مريم : 11]
وهنا تتوقف الآيات عن ذكر المزيد عن قصة يحيى عليه السلام ،وتنتقل إلى قصة مريم عليها السلام
(وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) [سورة آل عمران : 42]
تبين الآيات اصطفاء الله تعالى لمريم عليها السلام ،وتفضيلها على نساء العالمين ،وذلك لكثرة عبادتها وزهدها وشرفها ،وطهرها من الاكدار والوسواس ،واصطفاها مرة اخرى لفضلها على نساء العالمين
قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( خير نساءها مريم ابنة عمران ،وخير نسائها خديجة ) اخرجه البخاري
(يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) [سورة آل عمران : 43]
ثم أمرتها الاملائكة بكثرة العبادة والخشوع والخضوع والسجود والركوع لله تعالى
وهذا الخطاب تمهيد ضروري لما سيكون بعد ذلك من بشارة بعيسى عليه السلام ،وهو أمر مهول جدا على المرأة الحرة الشريفة ،فكيف بامرأة هي من أكمل نساء العالمين
(ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) [سورة آل عمران : 44]
ثم وصلت الآيات إلى نتيجة حتمية بأن تلك الأخبار من الماضي نوحيها إليك يا محمد ،وهي من دلائل نبوته صل الله عليه وسلم ،ومن دلائل إعجاز القرآن العظيم ،لأن النبي محمد صل الله عليه وسلم ما كان هناك ،ولا عاش هذه الحوادث ،وما كان عندهم وهم يقترعون أيهم يكفل مريم ،وما كان لديهم وهم يختصمون
لمسات بيانيه
ما الفرق بين كلمة ولد وغلام واستخدام الفعل يفعل ويخلق في قصتي زكريا ومريم؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة آل عمران (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)) في تبشير زكريا u بيحيى u.
وقال تعالى في سورة آل عمران (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُيَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)) في تبشير مريم بعيسى u.
*وإذا سألنا أيهما أيسر أن يفعل أوأن يخلق؟ الجواب أن يفعل ونسأل أحدهم لم تقعل هذا فيقول أنا أفعل ما أشاء لكن لا يقول أنا أخلق ما أشاء. فالفعل أيسرمن الخلق .
*ثم نسأل سؤالاً آخر أيهما أسهل الإيجاد من أبوين أو الإيجاد من أم بلا أبّ؟ يكون الجواب بالتأكيد الإيجاد من أبوين وعليه جعل تعالى الفعل الأيسر (يفعل) مع الأمر الأيسر وهو الإيجاد من أبوين، وجعل الفعل الأصعب (يخلق) مع الأمر الأصعب وهو الإيجاد من أم بلا أبّ.
أما ما يتعلق باستخدام كلمة ولد أو غلام: إن الله تعالى لمّا بشّر زكريا بيحيى قال تعالى (أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى (39)) فكان ردّ زكريا (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ (40)) لأن البشارة جاءت بيحيى ويحيى غلام فكان الجواب باستخدام كلمة غلام. أما لمّا بشرمريم بعيسى قال تعالى (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (45)) فجاء ردّها (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ (47))جاء في الآية (كلمة منه) والكلمة أعمّ من الغلام ولمّا كان التبشير باستخدام (كلمة منه) جاء الردّ بكلمة ولد لأن الولد يُطلق على الذكر والأنثى وعلى المفرد والجمع وقد ورد في القرآن استخدامها في موضع الجمع (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) الكهف).
لمسات بيانيه
ما دلالة الاستفهام ب(أنّى)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
فى قوله تعالى (قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ (40) آل عمران) المعنى المراد كيف يكون لي غلام؟ وجاءت الآية من باب التعجب وليس من باب الشك في صدق الوعد. لكن الآية لم تستفهم بـ (كيف) الحالية وإنما استخدمت (أنّى) فهل يمكنك أن تستخلص معنى المكان الذي وضعت (أنّى) له؟ إنهما مكانان وليس مكاناً واحداً وهما الكِبر عدم الإنجاب فيتعذر في هذين المكانين الولادة.
لمسات بيانيه
آيه(39):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
قال تعالى (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ (39) آل عمران)انظر إلى الاسلوب الذي جاءت به البشرى لزكريا كيف بدأت الآية بالفاء العاطِفة إيذاناً بسرعة الإجابة لدعاء زكريا. ثم عبّر عن البشرى بالنداء وكأنه نداء من بعيد تعبيراً عن فرح الملائكة العظيم باستجابة الله تعالى لدعاء زكريا.
لمسات بيانيه
ما دلالة جمع المذكر فى قوله تعالى (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن المخاطَب بهذا الأمر هو مريم وكان حريّاً أن تخاطبها الملائكة بقولهم: واركعي مع الراكعات ولا يخفى أن في ذلك إشارة واضحة إلى فضل السيدة مريم عليها السلام بالإذن لها بالصلاة مع الجماعة وهذه خصوصية لها من بين نساء بني إسرائيل إظهاراً لمعنى ارتفاعها عن النساء وهذا هو السر في مجيء (الراكعين) بصيغة المذكر لا المؤنث.
لمسات بيانيه
ما اللمسة البيانية في ذكر عيسى مرة والمسيح مرة وابن مريم مرة في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)
لو عملنا مسحاً في القرآن الكريم كله عن عيسى نجد أنه يُذكر على إحدى هذه الصيغ:
المسيح: ويدخل فيها المسيح ، المسيح عيسى ابن مريم، المسيح ابن مريم (لقبه)
عيسى ويدخل فيها: عيسى ابن مريم وعيسى (إسمه)
ابن مريم (كُنيته)
حيث ورد المسيح في كل السور سواء وحده أو المسيح عيسى ابن مريم أو المسيح ابن مريم لم يكن في سياق ذكر الرسالة وإيتاء البيّنات أبدأً ولم ترد في التكليف وإنما تأتي في مقام الثناء أو تصحيح العقيدة. (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) آل عمران) (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) النساء) (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) المائدة) وكذلك ابن مريم لم تأتي مطلقاً بالتكليف (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) المؤمنون) (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) الزخرف).
أما عيسى في كل أشكالها فهذا لفظ عام يأتي للتكليف والنداء والثناء فهو عام(وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) المائدة) (ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مريم) ولا نجد في القرآن كله آتيناه البينات إلا مع لفظ (عيسى) (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) الزخرف) ولم يأت أبداً مع ابن مريم ولا المسيح. إذن فالتكليف يأتي بلفظ عيسى أو الثناء أيضاً وكلمة عيسى عامة (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) المائدة) فالمسيح ليس اسماً ولكنه لقب وعيسى اسم أي يسوع وابن مريم كنيته واللقب في العربية يأتي للمدح أو الذم والمسيح معناها المبارك. والتكليف جاء باسمه (عيسى) وليس بلقبه ولا كُنيته.
لمسات بيانيه
لماذا وردت كلمة (وَاسْجُدِي) التي وردت لمريم مرة واحدة في القرآن؟(د.فاضل السامرائى )
لم تتكرر لأنه لو خاطب أيّ أنثى أخرى وأمرها بالسجود لقال اسجدي وهناك كلمات عديدة لم تتكرر في القرآن مثل الصمد والنفاثات والفلق وغاسق ووقب وضيزى ولو اقتضى الأمر لكررها.
المتشابهات
○(ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْك)
َ ال عمران 44 ، يوسف 102
○(تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ) هود 49
- التركيز على موضع الإختلاف في سورة هود
لمتشابهات
(ثلاثة أيام) ال عمران 41 ،
(ثلاث ليال) مريم 10
أيام مذكر وكذلك أسم السورة
وليال مؤنثة وكذلك أسم السورة
المتشابهات
○(وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَار)
ِ ال عمران 41
○( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ )غافر 55
الضابط قلة الألفاظ فى سورة ال عمران حيث لم ترد كلمة بحمد ربك التى وردت فى سورة غافر
المتشابهات
{قال رب اجعل لي ءايه قال ءايتك ألا تكلم الناس……}
(ثلاثة أيام) ال عمران 41
(ثلاث ليال) مريم 10
أيام مذكر وكذلك أسم السورة
وليال مؤنثة وكذلك أسم السورة
المتشابهات
آل عمران40( قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ).
تشبه:
مريم آيه 8 ( قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيّاً).
ملاحظة:
الطبيعي أن ينظر المرء لعلة نفسه أولا لذلك قدم ذكر الكبر أولا في آية آل عمران.
وقدم ذكر المرأة و أخر الكبر في آية مريم لأنه كان تقدم ذكر الكبر فيها قبل ذلك ( قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا) آيه4
المتشابهات
(وأمراتى عاقرٌ) ال عمران
40
(وكانت أمراتى عاقراً) مريم 8
زيادة وكانت فى سورة مريم والضابط :
كلمة كانت مؤنثة مثل أسم السورة
البدء بالتذكير فى سورة ال عمران (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) والتأنيث فى سورة مريم (وَكَانَتِ امْرَأَتِي) والضبط بالجملة الإنشائية أيضاً :عمران أكبر
إضاءات
- إذا رأيت نعمة من الله على غيرك؛ فادع الله، فإنه لما رأى زكريا كرامة الله- تعالى- لمريم دعا بالولد،(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ).
- إذا اصطفى الله عبدا لمهمة جليلة؛ عليه أن يقبل على الله- تعالى- شكرا له، واستعانة به على إتمامها، والصبر على أدائها، (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ).
- اختر الأسماء الحسنة، وسم بها أبناءك وبناتك، كأسماء الأنبياء ونحوهم، ودع الأسماء الرخوة الممجوجة التي انتشرت في زماننا، ( أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ).
الموضع الوحيد
{المسيح عيسى ابن مريم}
آل عمران:45
النساء:171-157
وفي غيرها{المسيح ابن مريم }
——————————–
(٤٦-٥٢)
معاني كلمات الوجه 7 من ال عمران
46في المهْد :في مقرِّه زمن رضاعِه قبل أوان الكلام
46كهلاً :حال اكتمال قُوَّتِه (بعد نزوله)
47قضى أمرًا :أراد شيئًا . أو أحكمهُ وحتَّمه
48الكتاب :الخط باليد كأحسن ما يكون
48الحكمة :الفقه أو الصَّواب قولا وعملا
49أخْلقُ لكم :أُصوِّر لكم وأقدِّر لردِّ إنكاركم
49أُبرئُ الأكمه :أخلِّص الأعمى خِلقةً من العمى
49ما تدّخِرون :ما تخبئونه للأكل فيما بعد
52أحسَّ :عَلِمَ بِلا شُبهةٍ
52الحواريّون :أصدقاء عيسى وخواصُّه وأنصاره
تفسير مبسط للوجه7 من ال عمران
الآية 46: ﴿ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ ﴾: أي: بعد ولادته، ﴿ وَكَهْلًا ﴾: أي: وكذلك يكلمهم في حال كُهُولته بعد أن ينزل من السماء في آخر الزمان ويَقتل الدَّجَّال، (قال الحسين بن الفضل رحمه الله: “وفي هذه الآية نَصٌّ في أنه عليه الصلاة والسلام سينزل إلى الأرض)، فقد رُفِعَ عيسى عليه السلام إلى السماء وَعُمْرُهُ ثلاثٌ وثلاثون سنة (أي وهو في شبابه)، ﴿ وَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾: أي: وهو مَعدود من أهل الصلاح والفضل في قوله وعمله).
الآية 47: ﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ﴾؟! ﴿ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾: أي: هذا الذي يحدث لكِ ليس بمُستبعَد على الإله القادر، الذي يُوجِدُ ما يشاء من العدم، و ﴿ إِذَا قَضَى أَمْرًا ﴾: أي: إذا قدَّرَ أمرًا، وأراد إيجاد شيء: ﴿ فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾.
ويُلاحَظ هنا أن الله تعالى قال في قصة مريم: ﴿ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾؛ لأن الأمر كان مُعجِزًا وخارقًا للعادة، مِن غير وجود السبب الطبيعي للإنجاب، أما في أمر زكريا عليه السلام فإنه قال: ﴿ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾؛ لأن الأمر كان طبيعيًّا بين الرجل والمرأة، وكانت أسباب الإنجاب موجودة، ولكنها كانت مُعَطَّلَة).
الآية 48: ﴿ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ ﴾: أي: ويعلمه الكتابة، ﴿ وَالْحِكْمَةَ ﴾: أي: وسُنَن الأنبياء عليهم السلام، والفِقه، والسَّداد في القول والفعل، ﴿ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴾.
59مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ تدلُّ على أني مُرْسَلٌ مِن الله، وهي ﴿ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ ﴾: أي: أصنع لكم ﴿ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ ﴾: أي: مِثل شَكل ﴿ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ ﴿ وَأُبْرِئُ ﴾: أي: وبإذن الله تعالى أشفِي ﴿ الْأَكْمَهَ ﴾ وهو الأعمى، ﴿ وَالْأَبْرَصَ ﴾ وهو الذي أصابه مَرَضُ البَرَص فتغيَّر لونُ جلدِه، ﴿ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ ﴿ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ﴾ ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾: أي: إن كنتم مُصَدِّقين حُجَجَ اللهِ وآياتِه، مُقرِّين بتوحيده).
وهنا ينبغي أن نعرف الفرق بين المُعجِزات وبين ما يُسمونه بـ (السِّحر والشَّعْوَذَة): وهو أن المعجزة التي تحدث على يد النبي فإنه لا يَتباهَى بها، بل يَستدِلُّ بها لتقريب الناس إلى ربهم عَزَّ وجَلَّ، ولِدَعوَتِهم إلى التوحيد الخالص، وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من أعمال الخير والصلاح، أما التي تحدث على يد الكاهن أو الساحر فإنه يَدعو بها لنفسه وللشياطين، وللشِّرك بالله عَزَّ وجَلَّ، وفِعل المُنكَرات، وأكْل أموال الناس بالباطل.ثم قال لهم عيسى عليه السلام: ﴿ وَمُصَدِّقًا ﴾: أي: وجئتُكُم مُصَدِّقًا ﴿ لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾ المُنَزَّلة على أخي موسى عليه الصلاة والسلام، لأحُثَّكُم على العمل بها، ﴿ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ﴾ مِن الأطعِمة بسبب ذنوبكم، ثم أعادَ تذكيرهم بالمعجزات مرة أخرى، فقال: ﴿ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾؛ وذلك ليكون كلامه مؤثرًا في قلوبهم وطباعهم الغليظة، ولِيُؤكد أنها مِن عند الله، وليست من عند نفسه، فكأنه أراد أن يقول: “وجئتُكم بآيةٍ تدل على أن الله هو ربي وربكم، وعلى أني رسولٌ من عنده”.﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ ﴿ وَأَطِيعُونِ ﴾ فيما أبَلغُكُم به عن الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ﴾: أي: إن الله – الذي أدعوكم إليه – هو وحده ربي وربكم فاعبدوه، فأنا وأنتم سواءٌ في العُبودية والخضوع لله تبارك وتعالى، وإلاَّ، فدَعونا نتسائل: (أين قال عيسى في الإنجيل: (اعبدوني لأنني أنا ربُّكُم)؟! وأين هو – أصلاً – إنجيل عيسى ابن مريم عليه السلام؟! وهل يُعقلُ أن ينزل الإله مِن عَليائِهِ لِيَعيشَ في بطن امرأة، ثم يَخرج منه ليَعيش على الأرض، فيَرضع مِن أمِّهِ، ويحتاجَ إلى الطعام والشراب، وينام، ويحتاجَ إلى قضاءِ حاجته، ويَنشغلَ بأمر نفسِه؟! هل هذا إلهٌ يَستحق أن يُعبَد؟!) تعالى اللهُ عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا؛ ولذلك قال عيسى عليه السلام بعدها: ﴿ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾: يعني: وهذا – أي عبادة الله تبارك وتعالى وحده لا شريك له – هو الطريق الصحيح الذي لا اعْوِجاجَ فيه)، وهذا مُطابقٌ تمامًا لِما دعا إليه جميع الأنبياء والرسل من توحيد الله تعالى، وإخلاص العبادة له
وفي هذا دليل على أن دينَ الله واحدٌ وهو الإسلام، وذلك على مُختلف الأزمان والعصور، قال تعالى: ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾، ولكنّ الشرائع هي التي اختلفت، كما قال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾، ثم خُتِمَت بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم التي نَسخت جميع الشرائع المُنزَّلة، قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ ، ولذلك تَعهَّد اللهُ تعالى بحِفظ القرآن، قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾، وقال تعالى: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ﴾، أما الكتب السماوية الأخرى فإنّ الله لم يتعهد بحفظها، ولكنه وَكَلَ حِفظَها إلى الأحبار والرُهبان، قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ﴾، ولذلك أصابها التحريف).
من المتشابهات
ومن المقربين 45 ، ومن الصالحين 46
لضبط نهايات الأيات بالجملة الإنشائية : القرب أولاً ، بإعتبار من المقربين وردت أولا.
يخلق ما يشاء ، يفعل ما يشاء
يخلق ما يشاء أية 47 حيث خلق الله عيسى فى رحم مريم من غير أب فجاء فعل الخلق أبلغ فى التعبير عن خلق الله الذى يخلق بأسباب وبغير أسباب . لذا جاء مع نبى الله زكريا يفعل ما يشاء أية 40 .
لمسات بيانيه
تكرار (إذ):
تكررت في آية سورة المائدة ولم تذكر في آية سورة آل عمران لأنه في المائدة كان هناك تعداد لنِعم الله سبحانه وتعالى عليه، أما في آل عمران ما كان هناك نوع من التعداد للنعم وإنما كان نوع من بيان حال عيسى U وهو يتكلم .
*(وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ) لِمَ خصّ الله تعالى معجزة عيسى عليه السلام بشفاء هذه الأمراض؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إنك لو عدت إلى التوراة لوجدت اهتماماً بالغاً في أحكام الأبرص الذي أطال في بيانها بعدما وصفه الوحي لموسى u وكيف يمكن علاجه فجاءت هذه المعجزة فائدة لهم في دينهم ودنياهم ودليلاً آخر على فقه عيسى u بالتوراة وأحكامها.
*أربعة مدلولات لفظية تنزّه الله تعالى وتثبت صفاته وتنفي ألوهية عيسى عليه السلام كما يدّعيها البعض:
لمسات بيانيه
ما الفرق بين المعجزة والكرامة والخارقة؟(الشيخ خالد الجندي)
المعجزة: هي أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على أيدي الأنبياء إذا أرسلهم لأحد من خلقه وشرحها علماء التوحيد بأنها أمر خارق للعادة يقترن بدعوى النبو ة . وللمعجزة شروط هي :
أنها قد تتكرر وتكون مصاحبة لدعوة النبوة .ومن شروطها أن يبيّن النبي من فعل هذه المعجزة وينسبها لله تعالىوكل الأنبياء في القصص القرآني نسبوا المعجزات إلى الله تعالة (ناقة الله وسقياها) (رحمة من ربي) (وما فعلته عن أمري) (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر) وفي قصة الاسراء والمعراج قال تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً).والشرط الأخير أن تكون المعجزة من جنس ما برع به القوم في زمن النبي الذي تجري المعجزة على يديه (بنو اسرائيل اشتهروا بالسحر في زمن موسى u، وفي زمن عيسى uاشتهروا بالطب وفي زمن محمد rاشتهر العرب باللغة وبرعوا فيها فكانت معجزات الأنبياء من جنس ما برع به القوم.
الكرامة: هي أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على أيدي الأولياء لكن لها مواصفات:
*وهي أن الوليّ لا يستطيع تكرار هذه الكرامة لأنها لا تقتون بدعوة نبوة.
*ثم إن الكرامة تثبيت للولي وليس للناس كما في حال المعجزة .
*والوليّ يستحي من إظهار الكرامة وإذا ظهرت نبّه الناس إلى فاعلها الحقيقي وهو الله تعالى.
* ثم إن الولاية تترتب على الايمان الذي هو في القلب ولا يعلمه إلا الله تعالى فالكرامة تُمنح ولا تُطلب.
الخارقة: أمر خارق للعادة يجريه الشيطان على أيدي أوليائه (المعالجة بالإيحاء) كما قال تعالى في قصة موسى مع فرعون (يخيّل إليه من سحرهم أنها تسعى) وهذه الخارقة أو المعالجة بالإيحاء يستخدمها الأطباء في هذا العصر من باب الطب الحديث لشفاء المرضى يحبث يستثيرون قوة المناعة في الجسد. ولعل من أمثلة هذه الخوارق ما نراه في الهند من الذين يعبدون البقر ويمشون على النار أو على الماء فهذا مما يجريه الشيطان على أيدي أوليائه
لمسات بيانيه
ماالفرق بين قوله تعالى (بإذني) وقوله (بإذن الله) ؟(الشيخ خالد الجندي)
قال تعالى في سورة آل عمران (وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49)) وفي سورة المائدة (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110))
(بإذني) جاءت في سورة المائدة لأن الله تعالى يعلم أن هناك من سيدّعي ألوهية عيسى u فقطع عليهم تعالى خط من زعم الألوهية. فإذا فهم أحدهم من آية سورة آل عمران (بإذن الله) أن عيسى هو الله كما يقولون افتراء يعود إلى سورة المائدة التي فيها الكلام موجه من الله تعالى إلى عيسى u حتى يفهم الناس أن الذي يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى هو الله تعالى وليس عيسى u فالقرآن يدعم بعضه بعضاً.
هداية الايات صفحه ٦،٧ ال عمران:
١. مشروعية الدعاء وكونه سرا أقرب الى الاجابة، وكونه في الصلاه كذلك.
٢. جواز تلبيس ابليس على المؤمن ،ولكن الله تعالى يذهب وسوسته وكيده.
٣. فضل الاكثار من الذكر، وفضيلة صلاتى الصبح والعصر وفى الحديث”من صلى البردين دخل الجنة”.
٤. أهل القرب من الله هم أهل طاعته القانتون له.
٥. مشروعية الاقتراع عند الاختلاف وهذه وان كانت في شرع من قبلنا الا انها مقرره فى شرعنا والحمد لله.
٦. جواز طلب الاستفسار ( رب أنى يكون لى ولد) عما يكون مخالفا للعادة لمعرفة سر ذلك أو علته أو حكمته.
٧. فضل الحكمه وهى الفقه فى اسرار الشرع والاصابة فى الامور.
٨. الغيب لله،ويعلم أنبياءه منه ما يشاء.
٩. لا اله الا الله ومحمد رسول الله وعيسى كلمة الله وروح منه ورسول الى بنى اسرائيل.
١٠. الامر بالتقوى وطاعة الرسول لتوقف السعادة والكمال عليهما.
————————————–
(٥٣-٦١)
معاني كلمات الوجه 8 من ال عمران:
مكروا :أي الكفار فدبّروا اغتياله
مَكَرَ الله :دبّر تدبيرا مُحكما أبطل مكرهم
مُتوفِّيك :آخِذُك وافيًا بروحك وبدنك
مثل عيسى:حاله وصفته العجيبة
الممْترين:الشّاكِّين في أنه الحقّ
تعالوا:هلمُّوا، أقبِلوا بالعزم والرأْي
نبْتهل :ندْع باللّعنة على الكاذب منّا
الآية 55: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ﴾: يعني: ومكر الله بهم حين قال لعيسى: ﴿ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ﴾: أي: إني قابضك من الأرض – حياً – مِن غير أن يَنالك سُوء، ومُتمِمٌ لك ما كُتِبَ لك مِن أيام بقاءك مع قومك، ﴿ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ ببدنك وروحك، (واعلم أن بعض المُفسرين قد فسَّروا قوله تعالى لعيسى: (إني متوفيك): أنه ألقَى عليه النوم، ثم رفعه إليه، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ﴾ ، فأطلق سبحانه لفظ الوفاة على النوم)، ﴿ وَمُطَهِّرُكَ ﴾: أي: ومُخلصك﴿ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ﴿ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ ﴾: أي: الذين هم على دينك الحق (مِن توحيد الله تعالى، ومِن البِشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم)، فآمَنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد بعْثَته، والتزموا شريعته، فأولئك سأجعلهم ﴿ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾، وبالفعل، فقد أخبر سبحانه – في آيةٍ أخرى – بأنه أيَّد المؤمنين منهم على عدوهم، فأصبحوا ظاهرين عليهم، حتى بعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، فكان المسلمون هم المُتبعين لعيسى حَقيقةً، فأيَّدهم اللهُ تعالى ونصرهم على اليهود والنصارى وسائر الكفار، وإنما يَحصل في بعض الأزمان انتصار الكفار على المسلمين، وذلك حِكمةًً مِن الله تعالى، وعقوبةً للمسلمين على تَرْكِهم العمل بكتاب ربهم، وسُنَّة رسولهم صلى الله عليه وسلم، ﴿ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ مِن أمْر عيسى عليه السلام).
واعلم أنّ في قولِهِ تعالى: (وَرَافِعُكَ إِلَيَّ): دليلٌ على عُلُوّ اللهِ تعالى واستوائِهِ على عرشهِ حَقيقةً، كما دَلَّت على ذلك النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة، مِن غير تشبيهٍ – لهذا الاستواء – ولا تَكييف، (يعني مِن غير أن نقول: كيف استوى على العرش؟)، وسيأتي تفصيل ذلك في مَوضعه بإذن الله تعالى.
تفسير مبسط للوجه 8 من ال عمران:
الآية 53، والآية 54:
﴿ رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ ﴾: أي: عيسى عليه السلام، ﴿ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾: أي: فاجعلنا في الآخرة مع مَن شَهِدوا لك بالوحدانية ولأنبيائك بالرسالة، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، الذين يَشهدون للرسل بأنهم قد بلَّغوا أمَمَهم)، فلما قام الحواريون مع عيسى بنُصرة دين الله وإقامة شَرعه: آمنَتْ طائفة مِن بني إسرائيل بعيسى، وكفرتْ طائفة أخرى، فاقتتلت الطائفتان، فلهذا قال تعالى: ﴿ وَمَكَرُوا ﴾: أي: ومَكر الذين كفروا – من بني إسرائيل – بعيسى عليه السلام، بأن وَكَّلوا به مَن يَقتله، ﴿ وَمَكَرَ اللَّهُ ﴾ بهم، فألقى شَبَه عيسى على رجلٍ دَلَّهم عليه، فأمسَكوا به، وقتلوه وصلبوه (ظناً منهم أنه عيسى عليه السلام)، ﴿ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾.
وفي هذا إثبات صفة المَكْر لله تعالى على ما يَليقُ بجلاله وكماله، لأنه مَكْرٌ بحق، وفي مقابلة مَكْر الماكرين)، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: (وامكُر لي ولا تمْكُر عليّ) (انظر صحيح الترمذي: 3551)، ومما يَجب أن يُعلَم أنَّ أفعالَ الله تعالى لا تُشبه أفعال العباد، لأنّ ذاتَهُ سبحانه لا تُشبه ذَواتِهم.
الآية 56: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ بالمَسيح من اليهود، أو غَلَوا فيه من النصارى (يعني جاوَزوا الحَدّ في تعظيمه)، ﴿ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا ﴾ بالقتل وسلْبِ الأموال وإزالة المُلك، ﴿ وَالْآَخِرَةِ ﴾: أي: وأعذبهم في الآخرة بالنار، ﴿ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ يَنصرونهم ويَدفعون عنهم عذاب الله).
الآية 58:
﴿ ذَلِكَ ﴾ الذي ﴿ نَتْلُوهُ عَليْكَ ﴾: أي: نقصُّه عليك في شأن عيسى هو ﴿ مِنَ الْآَيَاتِ ﴾: أي: من الدلائل الواضحة على صحة رسالتك، وذلك باعتراف علماء النصارى أنفسِهِم، مثل النَجاشِي (مَلِك الحَبَشة)، وَمَن معه، فحِينما تلا عليهم جعفر بن أبي طالب آياتٍ مِن سورة مريم، حتى وصل إلى قول الله تعالى – حِكايةً عن عيسى -: ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾، قال النَجاشيُّ لِجعفر: (إنَّ الذي قلتَ – (وهو القرآن) -، والذي قال عيسى – (وهو الإنجيل) – لَيَخرُجُ مِن مِشكاةٍ واحدة)، وهو اللهُ تبارك وتعالى.
﴿ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ﴾: يعني: وهذا الذي نتلوه عليك هو من الدلائل الواضحة على صحة هذا القرآن الحكيم الذي يَفصل بين الحق والباطل).
الآية 59: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ﴾: أي: إنَّ خَلْقَ الله لعيسى مِن غير أب، مَثَلُُهُ كَمَثل خَلْق الله لآدم من غير أب ولا أم، إذ خَلَقَهُ من تراب الأرض، (﴿ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ ﴾) بَشراً (﴿ فَيَكُونُ ﴾)، فدَعوَى ألوهية عيسى لكونه خُلِقَ من غير أب دَعوَى باطلة، لأن آدم عليه السلام خُلِقَ من غير أب ولا أم، وقد اتفق الجميع على أنه عَبْد من عباد الله، وإلاَّ، فقد كانَ آدمُ هو الأوْلَى بهذا الادِّعاء).
ويُلاحَظ هنا أن الله تعالى قال: (﴿ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾)، رَغمَ أنه كانَ مِن المُتوَقَّع أن يقول: (خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَكان)، أي بصيغة الماضي، اتفاقاً مع سِياق الآية، ولكنه سبحانه أراد أن يُوضح أن هذا الأمر – وهو أمْر: (كُن فيكون) – يَتحقق في كل وقتٍ وحِين (في الماضي وفي المُستقبَل)، فكأنه سبحانه أراد أن يقول: (خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَكان، وكذلك يكونُ أيّ شيءٍ يُريده، في أيّ وقتٍ يُريده
الآية 60: ((﴿ الْحَقُّ ﴾): يعني: الذي جاءك أيها الرسول في أمر عيسى هو الحقُّ (﴿ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾): أي: فاستمِرّ على يَقينك، ولا تكن من الشاكِّين، وفي هذا تثبيتٌ وطَمأنَة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأمّته).
الآية 61: ((﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ ﴾): أي: فمَن جادَلَك في أمر عيسى – مِن أهل الكتاب – (﴿ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ﴾)، فنجتمعُ جميعاً في مكانٍ واحد، (﴿ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾): أي: ثم نتجه إلى الله بالدعاء أن يُنزل عقوبته ولَعْنته على الكاذبين مِنّا، المُصِرِّين على عِنادهم، فيَهلَكوا على الفور) وبالفِعل، فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغَد، ومعه الحسن والحسين وفاطمة (رضي الله عنهم)، إلاَّ أنّ علماء نصارى نَجران (الذين جاءوا يُجادلونه في أمر عِيسى) هَربوا من هذه المُلاعَنة، وذلك لأنهم عرفوا الحق، وخافوا إن لاعَنوا أن يَهلكوا، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأبَوْا، ورَضوا بالكفر (إبقاءً على زَعامتهم ودُنياهم)، ورضوا بالمُصالحة، فالتزموا بأداء الجِزيَة للمسلمين، (ففي هروب علماء نصارى نجران مِن المُلاعَنة: دليلٌ قاطع على أن محمداً هو رسول الله، وأنَّ دِينَهُ هو الدين الحق، وما سِواهُ باطل).
اسباب النزول:
قوله تعالى : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ) [ الآية 59 ] .
206 – قال المفسرون : إن وفد نجران قالوا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ما لك تشتم صاحبنا ؟ قال : وما أقول ؟ قالوا : تقول : إنه عبد ، قال : أجل إنه عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول . فغضبوا وقالوا : هل رأيت إنسانا قط من غير أب ؟ فإن كنت صادقا فأرنا مثله ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية .
أسباب النزول :
قوله تعالى : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) الآية [ 61 ] .
أخبرنا أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الزمجاري ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا حسين ، حدثناحماد بن سلمة ، عن يونس ، عن الحسن قال : جاء راهبا نجران إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال لهما رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : أسلما تسلما ، فقالا : قد أسلمنا قبلك ، فقال : كذبتما ، يمنعكما من الإسلام [ ثلاث ] : سجودكما للصليب ، وقولكما اتخذ الله ولدا وشربكما الخمر فقالا : [ ص: 55 ] ما تقول في عيسى ؟ قال : فسكت النبي – صلى الله عليه وسلم – ونزل القرآن : ( ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم إن مثل عيسى عند الله )إلى قوله : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) الآية ، فدعاهما رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى الملاعنة ، وجاء بالحسن والحسين وفاطمة وأهله وولده – عليهم السلام – . قال : فلما خرجا من عنده قال أحدهما للآخر : أقرر بالجزية ولا تلاعنه ، فأقر بالجزية . قال : فرجعا فقالا : نقر بالجزية ولا نلاعنك . [ فأقرا بالجزية ] .
لمسات بيانيه
آية (54):
ما هو المكر في قوله تعالى (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) آل عمران) ولماذا سماه الله تعالى المكر؟(د.حسام النعيمى)
المكر في اللغة معناه التدبير، أن يدبر الشيء يرتبه.(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) هم دبروا والله عز وجل يدبّر وهو خير المدبرين.
لمسات بيانيه
لماذا جاء نداء الله تعالى لعيسى (يا عيسى) في سورة آل عمران (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)) وليس(يا عيسى إبن مريم)كما في سورة المائدة ؟(د.حسام النعيمى)
عيسى U نودي أربع مرات في القرآن الكريم كله. في ثلاث مرات يناديه الله سبحانه وتعالى في مرة قال (عيسى) مجرّداً وفي مرتين (يا عيسى إبن مريم) والمرة الأخرى نودي فيها على لسان الحواريين (يا عيسى إبن مريم).
في النداء مرة واحدة نودي بإسمه المجرّد بأداة النداء يا. لما تنادي إنساناً بإسمه المجرّد
هناك صورتان:
الأعلى ينادي الأدنى (الأعلى منصباً وجاهاً) عندما يناديه بإسمه المجرّد هذا نوع من التحبب والتقرّب.
والمناسبة هنا مناسبة توفّي فلا بد أن يرقق الكلام معه أنه أنت قريب مني لأن هذا معناه قُرب فقال (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)) ☆هناك مانع في غير القرآن أن يقول: يا عيسى إبن مريم، لا ينفع معناه. يا عيسى أنت قريب مني أنا سأتوفّاك وسأرفعك إليّ ففي هذا الموضع لا يحتاج إلى أن يذكر أمّه. فيها نوع من التحبب لأنه يريد أن يتوفاه فناداه بالتقرّب (يا عيسى) ولا مجال لذكر أمه هنا.
لمسات بيانيه
آية (61):
*(فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) آل عمران) إن الفئة المجادِلة من وفد نجران كانت من الرجال البالغين فلِمَ جمع في المباهلة الأبناء والنساء ودُعوا إليها وكان يكفي أن يقال (وأنفسنا وأنفسكم)؟( ورتل القرآن ترتيلاً)
إن من ظهرت مكابرته في الحق وحب الدنيا علِم أن أهله ونساءه أحب إليه من الحق وأنه يخشى سوء العيش وفقدان الأهل ولا يخشى عذاب الآخرة لذلك طالبهم الله تعالى بإحضارهم وهذا يزرع الخوف في قلوبهم من إلحاق الأذى واللعنة بهم.
لمسات بيانيه
آية (56-57):
في سورة آل عمران عندما تحدث عن الكفار (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56)) قال (فأعذبهم) حاضر وعندما تحدث عن المؤمنين (وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57)) قال (فيوفّيهم) ولم يقلفأوفيهم. العمل كله لله تعالى فلماذا قال في الأولى فأعذبهم ثم فيوفّيهم؟(د.حسام النعيمى)
الآيات التي في سورة آل عمران في هذا الموضع فيها نوع من التنويع والتلوين بين الإفراد والجمع وبين الحاضر والغائب لكن لكلٍ موضعه. ننظر في الآيات يبدأ بقوله تعالى (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)) لمّا يقول: (إذ قال) قال للغائب لكن حينما نسمع (إذ قال الله) الله عز وجل حاضر في القلب دائماً فهو حاضر في قلبك عندما تقول الله الحضور دائم فصار عندك: قال للغائب والله حاضر فلوّنت العبادة بين غائب وحاضر. (يا عيسى إني متوفيك) إنّي هنا الإفراد لأن هذا أمر لا يُنسب إلا لله عز وجل.(وجاعل الذين اتّبعوك) نشدد على كلمة (اتبعوك) حتى لا تُفهم خطأ: الذين اتبعوك اي الذين اتبعوا عيسى بمبادئه التي جاء فيها وليست المحرّفة فالكلام عن الذين اتبعوه قبل التحريف. (ثم إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) الذي هو خلاف أمته. (فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين) لاحظ الحضور المتكلم الحاضر لماذا؟ لأن العذاب دنيا وآخرة.
(وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين)اولاً: الأجور متى تُدفع؟ بعد العمل فينبغي أن ينتهي العمل حتى تُدفع الأجور فإذن الأمر غائب سوف ينتهي العمل وسوف يوفّون الأجور، هذه واحدة. (أوفّيهم) الآن لا يستعمل السين معنى ذلك أنه تراخى الأمر لأنها تدل على التراخي تراخي الموضوع. (فيوفيهم) بالمضارع وهو الغيبة هنا تتناسب مع غيبة الأجور التي ستعطى لهم هذه مسألة الحقيقة (فأعذبهم) في الدنيا يعذبون، (فأحكم) عند رجوعكم أحكم مباشرة، كيف؟ يتكلم عن نفسه يتحدث معهم ثم يقلب الكلام بهذا القُرب؟. (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم) صار بُعد، جاء ابتعاد في الكلام عن الكلام الأول. أنت أمام عبارة انتهت وبدأت عبارة أخرى. لم يقل (والذين آمنوا) وإنما العبارة تبدأ (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم) صار هناك مسافة مبتعدة ابتعدت فقال (فيوفيهم) هذه واحدة. والمسألة الثانية لما استعمل الغيبة لأن عندنا في نهاية الآية قاعدة عامة، القاعدة العامة جاءت بالغيبة (والله لا يحب الظالمين)هذه قاعدة عامة. لم يقل أنا لا أحب الظالمين إنما يعني هو لا يحب الظالمين فكأن يوفيهم كانت تمهيداً لمجيء هذه القاعدة العامة (فيوفيهم أجورهم). (والله لا يحب الظالمين) غيب وهي قاعدة عامة فمهّد لها بالعبارة التي فيها الغيب (فيوفيهم أجورهم) بينهما مجانسة لا شك لكن قلنا هناك تلوين في العبارة بين الحضور والغيبة: حضور وغيبة، حضور وغيبة، لكن وفي الوقت نفسه يمكن أن تكون (فنوفّيهم أجورهم) وعند ذلك تكون ممهِدة لقوله (ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)). هناك روايتان (فيوفيهم) و (فنوفيهم). (فيوفيهم) ترتبط بالقاعدة العامة ، (نوفيهم) تنسجم مع ما قبلها من المتحدث لكن صار المعظم نفسه (نحن نصنع كذا وهو واحد لتعظيم الله تعالى) ومهّدت لـ (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) صار فيه تعظيم
الموضع الوحيد في القرآن:
[إذ قال الله ياعيسى]
آل عمران:٥٥
وفي غيره:(إذ قال الله ياعيسى ابن مريم) المائده
المتشابهات
{فمن حآجك فيه من بعد ما جآءك من العلم فقل…}
آل عمران ٦١
تشبه:
{فإن حآجوك فقل أسلمت وجهي لله…} آل عمران :٢٠
الموضع الوحيد في القرآن:
[فأحكم بينكم]
{ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (55) ال عمران
وباقى القرءان{ فأنبئكم}
وقاعدة الضبط التركيز على موضع الخلاف فى سورة ال عمران .ثم الحكم فى الإختلاف لجعلهم عيسى هو الله أو ابن الله تعالى الله عما يقولون
الموضع الوحيد:
[تكن]
{فلا تكن من الممترين}
آل عمران ٦٠
وفي غيره {فلا تكونن من الممترين }البقره١٤٧،يونس٩٤
الموضع الوحيد:
{لعنت الله على الكاذبين}
آل عمران :٦١
وفي غيره :
(لعنة الله على الظالمين)
عدا البقره:٨٩ (فلعنة الله على الكافرين)
الموضع الوحيد:
{وأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات}آل عمران:٥٧
وفي غيره:(فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات )
{فيوفيهم أجورهم}
آل عمران :٥٧
وفي غيره (فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله)
إضاءات
ضع برنامج لنفسك في قراءة قصص القرآن، مع جمعك للدروس والعبر منها،(إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ).
————————————-
: معاني كلمات الوجه 9 من ال عمران
كلمة سواءٍ :كلامٍ عدل أولا تختلف فيه الشرائع
كان حنيفًا :مائلاً عن الباطل إلى الدِّن الحق
مُسلما:موحّدا . أو منقادا لله مطيعا
وليّ المؤمنين :ناصرهم ومجازيهم بالحس
تفسير مبسط للوجه 9 من آل عمران :
الآية 62: ((﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ﴾) (﴿ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ ﴾): أي: وما مِن مَعبودٍ يستحق العبادة إلا الله وحده، (﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾).
الآية 63: ((﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾): يعني: فإن أعرَضوا عن تصديقك واتباعك فهم المفسدون، والله عليمٌ بهم، وسيُجازيهم على ذلك.
آيه64(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)
تتوجه الآيات بالخطاب لأهل الكتاب ،ودعوتهم للإتفاق على الحق والعدل الذي يعرفونه في كتبهم ، وهي الكلمة التي اتفق عليها الأنبياء والمرسلون، ولم يخالفها إلا المعاندون والضالون،
ثم فسرها بقوله ( ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ) فنفرد الله بالعبادة ونخصه بالحب والخوف والرجاء ولا نشرك به نبيا ولا ملكا ولا وليا ولا صنما ولا وثنا ولا حيوانا ولا جمادا
( ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ) بل تكون الطاعة كلها لله ولرسله، فلا نطيع المخلوقين في معصية الخالق، لأن ذلك جعل للمخلوقين في منزلة الربوبية
( فإن تولوا) عن هذه الدعوة المنصفة (فقولوا) أيها المسلمون لهم ( اشهدوا بأنا مسلمون )
آيه65(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
ثم تواصل الآيات دعوة أهل الكتاب ،وهذه المرة على سبيل الإنكار حيث تنكر عليهم مجادلتهم في ملة إبراهيم عليه السلام ؟
فاليهودي يزعم أنه كان يهوديًا، والنصراني يزعم أنه كان نصرانيًا،
وأنتم تعلمون أن اليهودية والنصرانية لم تظهر إلا بعد موته بوقت طويل، أفلا تعقلون بطلان قولكم وخطأ زعمكم.،ولهذا ختم الآية بقوله ( أفلا تعقلون )
آيه66(هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
اي حاججتم في صفة محمد صل الله عليه وسلم حيث تجدونه مكتوبا في كتبكم ( فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم ) وليس في كتبكم من أمر إبراهيم عليه السلام ،والله يعلم أن إبراهيم كان على دين الإسلام وأنتم لا تعلمون
67(مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
ما كان إبراهيم عليه السلام على الملة اليهودية، ولا على النصرانية، ولكن كان مائلاً عن الأديان الباطلة، مسلمًا لله موحدًا له تعالى، وما كان من المشركين به كما يزعم مشركو العرب أنهم على ملته.
68(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)
إن أحق الناس بالانتساب إلى إبراهيم، هم الذين اتبعوا ما جاء به في زمانه، وأحق الناس أيضًا بذلك هذا النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، والذين آمنوا به من هذه الأمة، والله ناصر المؤمنين به وحافظهم.
آية 69: ((﴿ وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ ﴾) عن الإسلام، (﴿ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ﴾) وأتباعهم (﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾) بذلك لفساد قلوبهم).
الآية 70: ((﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ﴾): يعني: لِمَ تجحدون – حسداً وعِناداً – بآيَاتِ اللَّهِ التي أنزلها في كتبكم، وفيها أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو الرسول المُنتظَر، وأنَّ ما جاءكم به هو الحق، ﴿ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾بذلك في أنفسكم، ولكنكم تُنكرونه أمام الناس).
أسباب النزول :
– قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} الْآيَةَ [69]:
نَزَلَتْ فِي مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَحُذَيْفَةَ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ حِينَ دَعَاهُمُ الْيَهُودُ إِلَى دِينِهِمْ، وَقَدْ مَضَتِ الْقِصَّةُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
أسباب النزول :
.- قَوْلُهُ تَعَالَى:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} الْآيَةَ [68]:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رُؤَسَاءُ الْيَهُودِ: وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّا أَوْلَى بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ مِنْكَ وَمِنْ غَيْرِكَ، وَأَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا، وَمَا بِكَ إِلَّا الْحَسَدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
لمسات بيانيه
ما فائدة (من)فى قوله تعالى (وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ (62) آل عمران)؟ (د.فاضل السامرائى)
هذه تسمى في اللغة مِنْ الاستغراقية التي تستغرق كل ما دخلت عليه. (وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ (62) آل عمران) استغرقت جميع الآلهة. (أن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ (19) المائدة) تستغرق كل ما دخلت عليه. لما تقول ما جاءني رجل فيها احتمالين أنه ما جاءك رجل وإنما رجلين أو أكثر وما جاءني رجل أي واحد من هذا الجنس أما ما جاءني من رجل تستغرق الجنس بكامله لم يأتك لا واحد ولا أكثر من هذا الجنس. ما أصاب من مصيبة أي أي مصيبة كبيرة أو صغيرة لم يشذ عنها مصيبة واحدة فيما يحدث في كل الدنيا لا يمكن أن تقع مصيبة إلا وهي مدونة في كتاب وخارج الكتاب لا تقع وهذا على سعة علم الله وإحاطته بالأشياء صغيرة أو كبيرة حيثما وقعت هي مدونة مكتوبة في كتاب من قبل أن تقع.
لمسات بيانيه
*(إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ (62) آل عمران) لو قلنا: هذا القصص الحق لتمّ المعنى المراد فما فائدة دخول (إنّ) والضمير (هو) في قوله تعالى (إن هذا لهو)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
دخول الحرف المشبه بالفعل (إنّ) يفيد تأكيد الجملة وقد زاد تأكيدها بدخول ضمير الفصل (لهو) الذي يفيد التوكيد والقصر وما ذاك إلا لزعزعة ثقة أصحاب المِلل بدينهم. فكأن الله تعالى يقول لهم إن هذا هو القصص الحق وحده لا ما تقصّه كتب أصحاب المِلل الأخرى وعقائدهم.
لمسات بيانيه
*ما الفرق بين الرُشد والحق؟ (د.فاضل السامرائى)
الحق ليس مناقضاً للرُشد ولا الرُشد مناقضاً للحق. الحق أعم من الرُشد، يعني يوصف بالحق أحياناً ما لا يوصف بالرشد ويُخبر عنه بما لا يخبر بالحق يعني (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (6) النساء) هل يمكن أن يقال آنستم منهم حقاً؟ كلا. (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ (61) البقرة)(إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ (62) آل عمران) (وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ (86) آل عمران) (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ (27) المائدة) كلها لا يصح فيها الرُشد، الحق أعم من الرشد (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ (57) الأنعام) لا يصح أن يقال يقص الرُشد، (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ (62) الأنعام) (فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ (32) يونس) الحق أعمّ. وهذا أول فرق بين الحق والرشد أن الحق أعم وأنه يُذكر في أمور لا يصح فيها ذكر الرُشد.
الأمر الآخر أن الرُشد لا يقال إلا في العاقل العاقل يوصف بالرُشد أما الحق عام، نقول القتل بالحق، هذا المال حق لك، إذن الله هو الحق، الجنة حق والنار حق. هنالك أمران حقيقة: أولاً الحق أعمّ من الرُشد يُخبر به عن الإنسان وغيره ومن ناحية اخرى الرُشد خاص بالعاقل، إذن الرشد قسم من الحق وليس الحق كله، كل رشد هو حق لكن ليس حق رشداً باعتبار الحق أعمّ.
لمسات بيانيه
آية (64):
*ما دلالة الفعل (تعالوا) فى قوله تعالى(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ (64) آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
ألا تجد أن في هذه الآية رفعة وسمواً فتأمل صيغة الأمر بفعل (تعالوا)والأصل فيه طلب الاجتماع في مكان عالٍ وهو هنا (الكلمة) وهو تمثيل رائع حيث جعل كلمة التوحيد تشبه المكان المراد به الارتفاع وهو مكان سامٍ يسمو بمن يلحق به.
(فَإِن تَوَلَّوْاْ (64) آل عمران) جيء في هذا الشرط بحرف (إن) ولم يأت بغيره وما ذاك إلا لأن التولّي بعد نهوض الحجة وما قبلها من الأدلة غريب الوقوع وهذا من المعاني التي تفيدها (إن) التي جاءت في قوله تعالى (فإن تولوا)فتأمل!.
المتشابهات
[ياأهل الكتاب]
1.{ ياأهل الكتاب لم تحاجون فى إبراهيم وما أنزلت التوراه والإنجيل إلا من بعده}
(65)آل عمران
2.{ ياأهل الكتاب لم تكفرون بأيات الله وأنتم تشهدون} (70)آل عمران
3.{ ياأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}
(71)آل عمران
المتشابهات
{والله ولي المؤمنين}
آل عمران60
{والله ولي المتقين}
الجاثيه19
المتشابهات
( هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ).
آل عمران66
تشبه:
( هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ …..).ِ آل عمران119
ملاحظة:
( هَا أَنْتُمْ أُولاءِ)الموضع الوحيد في القرآن.
المتشابهات
{ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم. ….}
آل عمران69
تشبه:
{ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً. ..}
البقره109
إضاءات :
رسالته عليه الصلام والسلام إلى هرقل في الصحيحين:
” بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بداعية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فعليك إثم الأريسيين و ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا : اشهدوا بأنا مسلمون ) /عبد الله بلقاسم
قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة …….كلمة…الحق ليس بكثرة الثرثرة. /عبد الله بلقاسم
تأمل آيات الطلاق في سورة البقرةتجدها تختم كلها بتوجيهات عامة للمؤمنين كقوله {والله يعلم وأنتم لا تعلمون}/محمد الربيعة
“ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم” لا تحملك الخصومة على سلب حق تعرفه في خصومك / عبد الله بلقاسم
– “والله يعلم وأنتم لا تعلمون” إيمانك بأن الله هو العليم سبحانه يقتضي منك الرضا بكل أقدارك وعدم التسخط أو الجزع فكل أمرك خير/ نوره
تصحيح رقم اﻻيه والله ولي المؤمنين رقمها 68
——————————————-
(٧١-٧٧)
معاني كلمات الوجه( ١٠ ) من آل عمران:
تلبِسون:تخلِطون أو تستُرون
عليه قائما:ملازما له تطالبهُ وتُقاضيه
في الأمٍّيِّين :فيما أصبنا من أمول العرب
سبيل :عِتاب وذمٌّ أو إثمٌ وحرجٌ
لا خلاق لهم :لا نصيب من الخير أو لا قدْر لهم
لا ينظُر إليهم :لا يُحسن إليهم ولا يرحمهم
لا يزكّيهم :لا يطهِّرُهم أو لا يُثني عليهم
تفسير مبسط للوجه (١٠) من آل عمران:
آيه٧١:(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
يا أهل الكتاب لم تخلطون الحق الذي أُنزل في كتبكم بالباطل من عندكم، وتخفون ما فيها من الحق والهدى، ومنه صحة نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأنتم تعلمون الحق من الباطل والهدى من الضلال.
الآية 72: ﴿ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا} : أي: أظهِروا الإيمان (نِفاقاً) {بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ ﴾: أي: أول النهار، ( وَاكْفُرُوا ) به { آَخِرَهُ): أي: آخر النهار ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ): أي: لعلهم يتشكَّكون في دينهم فيَرجعونَ عنه).
الآية 73: ((﴿ وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾: يعني: ولا تُصدِّقوا تصديقًا صحيحًا إلا لمَن آمَنَ بدينكم،﴿قُلْ إِنَّ الْهُدَى} والتوفيق هو﴿ هُدَى اللَّهِ} وتوفيقه للإيمان الصحيح، وقالوا: لا تظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين﴿ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ ﴾: أي: حتى لا يتعلموا منكم فيُساوُوكم في العلم،﴿ أَوْ
يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ ﴾: يعني: أو يتخذوا هذا العلم – الذي عندكم – حجة عليكم عند ربكم، فيغلبونكم بها، (﴿ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾) (﴿ وَاللَّهُ وَاسِعٌ ﴾) يَسَعُ بعلمه وعطائه جميع مخلوقاته، (﴿ عَلِيمٌ ﴾) بمَن يستحق فضله ونِعَمَه).
واعلم أن هذه الجُملة: ﴿ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ ﴾: هي مَعطوفة على قولهم في أول الآية: (﴿ وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾، فكأنهم يقولون: ﴿ وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ، ولا تُظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين، حتى لا يُؤْتَوا من العلم مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ بهذا العلم عِنْدَ رَبِّكُمْ ﴾)، وبهذا تكون الجُملة:﴿ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ }: هي جملة اعتراضية بين الجملتين، للتأكيد على أن التوفيق للهُدى إنما هو بيد الله تعالى وحده.
الآية 75 ، والآية 76: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ ﴾: أي تأمَنْهُ على مالٍ كثير، فـ ﴿ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ﴾من غير خيانة، ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ ﴾واحد، فـ ﴿ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ﴾: أي إلا إذا بذلتَ غاية الجهد في مُطالبته، و﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ ﴾: أي بسبب أنهم﴿ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾: أي ليس علينا في أكل أموال العرب إثمٌ ولا مؤاخذة، لأن الله قد أحَلَّها لنا، وهذا كَذِبٌ على الله، ولذلك قال سبحانه بعدها:{وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
أنهم كاذبون،
﴿ بَلَى ﴾: يعني ليس الأمر كما زعم هؤلاء الكاذبون، فإنّ المُتَّقِي حقاً هو﴿ مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ ﴾ الذي عاهدَ اللهَ عليه مِن أداء الأمانة، ومِن الإيمان به وبرسله،﴿ وَاتَّقَى ﴾: أي وخافَ اللهَ عَزَّ وَجَلّ، فامتثلَ أمْره، وانتهى عَمَّا نَهى عنه،
﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾.
الآية 77: (﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ﴾): أي يَستبدلون بعهد الله ووصيته التي أوصاهم بها في كتبهم، وكذلك يستبدلون بحَلِفِهم باللهِ (﴿ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾): أي عَرَضَاً زائلاً مِن الدنيا،
١﴿ أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ ﴾): أي لا نصيبَ لهم (﴿ فِي ﴾) نعيم الدار (﴿ الْآَخِرَةِ ﴾)
٢﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ﴾) يوم القيامة غضَباً عليهم، لتقديمهم هَوَى أنفسِهم على رضا ربهم، (﴿ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾) بعَين الرحمة
٣﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾): أي ولا يُطهِّرُهم مِن دَنَس ذنوبهم وكُفرهم
٤﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾) دائمٌ مُقيم في دار الشقاء).
ولذلك يجب ألاَّ يطمئن المسلمون إلى اليهود أبداً، وألاَّ يثقوا فيهم – حتى ولو حلفوا لهم -، وذلك لِما عُرِفوا بهِ من الغدر والخيانة.
أسباب النزول :
.- قولُهُ تَعَالَى:{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} الْآيَةَ [72]:
قَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: تَوَاطَأَ اثْنَا عَشَرَ حَبْرًا مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ وَقُرَى عُرَيْنَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْخُلُوا فِي دِينِ مُحَمَّدٍ أَوَّلَ النَّهَارِ بِاللِّسَانِ دُونَ الِاعْتِقَادِ، وَاكْفُرُوا بِهِ فِي آخِرِ النَّهَارِ وَقُولُوا: إِنَّا نَظَرْنَا فِي كُتُبِنَا وَشَاوَرْنَا عُلَمَاءَنَا فَوَجَدْنَا مُحَمَّدًا لَيْسَ بِذَلِكَ وَظَهَرَ لَنَا كَذِبُهُ وَبُطَلَانُ دِينِهِ، فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ شَكَّ أَصْحَابُهُ فِي دِينِهِمْ، وَقَالُوا: إِنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَهُمْ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، فَيَرْجِعُونَ عَنْ دِينِهِمْ إِلَى دِينِكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَخْبَرَ بِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُؤْمِنِينَ.
وقال مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: هَذَا فِي شَأْنِ الْقِبْلَةِ لَمَّا صُرِفَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى اليهود لمخالفتهم، قال كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابُهُ: آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ مِنْ أَمْرِ الْكَعْبَةِ، وَصَلُّوا إِلَيْهَا أَوَّلَ النَّهَارِ، ثُمَّ اكْفُرُوا بِالْكَعْبَةِ آخِرَ النَّهَارِ، وَارْجِعُوا إِلَى قِبْلَتِكُمُ الصَّخْرَةِ، لَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ أَهْلُ كِتَابٍ وَهُمْ أَعْلَمُ مِنَّا، فَرُبَّمَا يَرْجِعُونَ إِلَى قِبْلَتِنَا فَحَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مَكْرَ هَؤُلَاءِ، وَأَطْلَعَهُ عَلَى سِرِّهِمْ، وَأَنْزَلَ:{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} الْآيَةَ.
أسباب النزول :
– قولُهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الْآيَةَ [77]:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ هو فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْطَعَ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ»، فَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: فِيَّ وَاللَّهِ نَزَلَتْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النبيّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال:«لك بَيِّنَةٌ؟»قُلْتُ: لَا، فَقَالَ لليهودي:«أتحلف»، قلت يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِذَنْ يَحْلِفُ فَيَذْهَبُ بِمَالِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ-{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الْآيَةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدَانَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ.
لمسات بيانيه
آية (74):
*ما دلالة وصف الفضل بالعظيم فى الآية (74) آل عمران؟(د.حسام النعيمى)
قال تعالى:(وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) آل عمران.
هنا الفضل منسوب مباشرة ومسند الى الله تعالى فجاء بلفظ العظيم وكذلك ذكر الرحمة الواسعة فذكر العظيم.و جاءت بلفظ العظيم معرّفاً لأن ما قبلها معرّفاً ويأتي بالتنكير عندما يكون قد سُبِق بالتنكير (عظيم) كما في آية سورة آل عمران(فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) فضل جاءت نكرة فجاء لفظ عظيم نكرة ايضاً.
لمسات بيانيه
(72)
*د.حسام النعيمى :
قال تعالى فى سورة آل عمران (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
لماذا قال القرآن (طائفة)؟ يستعمل القرآن الكريم لفظ طائفة وفريق وفرقة والقرآن لا يجعل الكلام عاماً وهذا ما يسمى بالروح العلمي في التعبير فلا نعمم ونقول قال جميع الناس.هناك فرق بين كلمة طائفة وفريق أو فرقة ولكل كلمة من هذه معناها فالفرقة هي جماعة عددها كثير وسُمّيت فرقة كأنها فرّقت جمعاً أما الطائفة فهي الجماعة البارزة التي كأنها تطفو على السطح ظاهرة وهي أقل من الفِرقة وهؤلاء كأنهم ظاهرين بارزين لأنه كان لديهم مخططاً وهو أن يدخلوا في الاسلام صباحاً ثم يرتدوا في المساء حتى يقول الناس لا بد أنهم رأوا ما لا ينبغي فيرتدوا ايضاً. وليست كل طائفة تخطط وإنما الطائفة هم قوم ظاهرون كما في قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) لم ينزع عنهما صفة الايمان ويقال أن الصهيونية لها قيادة مستمرة على مدى الفي عام تنقل تجاربها الذين هم (حكماء صهيون) كلما هلك واحد دخل واحد آخر في هذه العصبة او القيادة فتجاربهم مستمرة متواصلة وخبراتهم متراكمة ومن خبراتهم في ذلك الزمان أنهم يكلّفون بعضهم بالدخول في دين الله في الصباح (الكلام في آية سورة آل عمران عن اليهود) ثم يرتدوا في المساء ليرتد
لمسات بيانيه
آية (75):
*(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا (75) آل عمران) إن الفعل (يأمن) يتعدى بحرف الجر (على) فنقول: أمنته على سِرّي وقال تعالى على لسان يعقوب (هل آمنكم عليه) فلِمَ عدّى الفعل )تأمنه) في الآية بالباء فقال (تأمنه بقنطار) دون تأمنه على قنطار؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
- الحرف (على) يدل على التمكن فإذا قلت أمنته على سِرّي أي جعلته متمكناً منه وراعياً له. وفي هذه الآية (إن تأمنه بقنطار) عُدِّيَ الفعل تأمنه بالباء للإيماء إلى أن هذه الأمانة أريد بها المعاملة والوديعة والأمانة بالمعاملة.
لمسات بيانيه
آية (77):
*ما دلالة وصف الثمن بالقليل؟ (د.حسام النعيمى)
الثمن هو المقابل أو العِوَض وكلمة ثمن أوالثمن وردت في أحد عشر موضعاً في القرآن الكريم كله. في موضع واحد فقط لم يوصف فى سورة المائدة(106). ووصف مرة واحدة بأنه بخس فى سورة يوسف وفى الأماكن الأخرى وصف بأنه قليل.
لما ننظر في الآيات: الآية التي لم يوصف بها تتعلق بشهادة على وصية فهنا الأمر يتعلق بمصالح الناس الذين لهم وصية. وحتى يشمل الحقير والعظيم والمادي والمعنوي والنفيس والتافه يعني حتى يقطع عليهم الطريق لأي تأويل.
الثمن القليل جاء حيثما ورد في الكلام عن حق الله سبحانه وتعالى ومعنى ذلك أن العدوان على حق الله سبحانه وتعالى مهما بلغ فهو ثمن قليل تحقيراً لشأنه وتهويناً من قدره.أي ثمن يناسب آيات الله عز وجل؟ لا شيء. فكل ثمن هو يقل في شأن آيات الله سبحانه وتعالى. فحيثما ورد الكلام عن آيات الله وعن عهد الله سبحانه وتعالى كله ثمن قليل لا يقابل. وليس معنى ذلك ثمن قليل أنه يمكن أن يشتروا به ثمناً كثيراً.كلا، وإنما بيان إلى أن هذا الثمن الذي أخذتموه لا يقابل آيات الله فهو قليل في حق الله سبحانه وتعالى وكل ثمن يؤخذ مقابل ذلك فهو قليل مهما عظُم. (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77) آل عمران) هذا الثمن سماه قليلاً.
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)آل عمران) هذا ماضي صار. وصفه بالقِلة أياً كان هذا الثمن هم باعوه في نظرهم بثمن عظيم لكن وصفه القرآن بالقِلة فبئس ما يشترون.
(وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) آل عمران) ليس معناه يشترون ثمناً عظيماً ولكن هذا الثمن مهما كان نوعه فهو قليل في مقابل التضحية بآيات الله سبحانه وتعالى.
في تسع آيات وصف الثمن بأنه قليل ، إما أن ينهاهم عن ذلك أو يثبته لهم بأنهم فعلوا ذلك وما قبضوه قليل.
ألا يمكن أن يأتى الوصف بالبخس والقليل معا؟ يمكن إذا أُريد بالبخس ما هو ليس من قدر الشيء الذي بيع ولا يستقيم مع آيات الله. ليس هناك شيء بقدر الآيات لذلك لا يستقيم إلا القلّة.
المتشابهات
(ليحاجوكم به عند ربكم)
البقرة 76
تشبه:
(أويحاجوكم عند ربكم)
73 ال عمران
ليحاجوكم (به) وردت فى سورة البقرة وهى بها باء مثل أسم السورة
المتشابهات
*[ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم]*
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}البقرة174
تشبه:
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ في الآخرة ولايكلمهم الله وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }آل عمران(77))
ملاحظه:
زيادة ( لا خلاق لهم في الآخرة؛ ولاينظر إليهم)في آل عمران.
المتشابهات
{ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}
آل عمران: 75 ، 78
ما بعد نهاية الأيات 75 ↔ 78 ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) قد يحدث لبس فى الإتيان بالأية التى تليها نظراً لتشابه النهايات والضابط من خلال المعنى .
ما بعد الموضع الأول بلى من أوفى بعهده وهى تناسب الأية التى تسبقها وهى أداء بعض أهل الكتاب للأمانة وعدم أداء البعض وهذه الأية فيها من الحث على الوفاء بالعهد لأن الله يحب من يفى بعهده ثم تأتى الأية التالية لها أيضاً لتوضح الجانب الثانى أو الشق الثانى من جزاء من لا يفى بالعهد بأنه لا خلاق له ولا يكلمه الله ولا ينظر إليه
إذن الأيات من 75 : 78 كالتالى:
الأية 75 إنقسام أهل الكتاب إلى قسمين من حيث الوفاء بالعهد قسم يفى وقسم لا يفى
الأية 76 جزاء من يفى بالعهد
الأية 77 جزاء من لا يفى بالعهد
الباء فى بلى تسبق الميم فى ما
وما بعد الموضع الثانى إشارة لمن يكتم رسالة الله بأسلوب إستنكارى يوضح شنيع فعل أهل الكتاب فى إتخاذ بعضهم بعضاً أرباباً على حساب كلام الله الذى حرّفوه .
الأية 78 : إفتراء أهل الكتاب الكذب على الله وتحريفهم ما انزل وقولهم أنه من عند الله
الأية 79 : لا يحل لبشر أن يحرف كلام الله ويقول للناس كونوا عباداً لى من دون الله
الضبط من خلال المعنى
الموضع الوحيد
{قل إن الهدى هدى الله}
آل عمران:73
وفي غيره
{قل إن هدى الله هو الهدى}
إضاءات
سل الله- تعالى- من فضله ورحمته،
ففضله أوسع مما يتخيله عقل،
( قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يشاء..)
لا تجعل يمينك وحلفك بالله هو سبب بيعك وربحك، (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَـٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
إحقاق الحق وبيان ما عند الخصم من إيجابيات منهج إسلامي في إنصاف الخصوم،(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا).
الكبر واحتقار الناس سبب من أسباب أكل أموال الناس بالباطل،( ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ).
ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم”الحق فوق الاصطفاف ، من يوافقك العقيدة لا يعني انه على حق دوما/عبد الله بلقاسم
( والله واسع) ما ضاق شيء من ورائه رب واسع” / عقيل الشمري
اﻷمانة هي اﻷمانة ولو في دينار واحد(ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار ﻻ يؤده إليك إﻻ ما دمت عليه قائما (/ سعود الشريم
————————————–
(٧٨-٨٣)
معاني كلمات الوجه 11 من ال عمران
78يلوون ألسنتهم:يُميلونها عن الصحيح إلى المحرَّف
79الحُكْمَ :الحِكمة أو الفهم والعِلم
79كونوا ربَّانيِّين:علماء مُعلِّمين فقهاء في الدِّين
79 :تدْرسون :تقْرؤون الكِتاب
81إِصري :عهدي
83له أسلم :له انقاد وخضع
تفسير مبسط للوجه (١١)من آل عمران
الآية 78: (﴿ وَإِنَّ مِنْهُمْ ﴾) – أي من أهل الكتاب – (﴿ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ ﴾): أي يُحَرِّفون الكلام – الذي في كتابهم – عن معناه الحقيقي، وكذلك يُحَرِّفون ألفاظه، بل ويَزيدون فيه مِن كلامهم، ثم يُمِيلون ويَعْوِجُون أَلْسِنَتَهُمْ بهذا الكلام الذي أضافوه، وذلك (﴿ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ ﴾): أي ليُوهِموكم أن هذا من الكتاب، (﴿ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ ﴾) (﴿ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾)، وهُم من أجل دنياهم: (﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾): أي يقولون على الله الكذب، مع عِلمهم أنهم يَكذبون على الله، وهذا أعظم جُرماً ممن يقولُ على الله بغير علم).
الآية 79: (﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ ﴾): أي يُنَزِّل الله عليه كتابه، (﴿ وَالْحُكْمَ ﴾): أي ويجعله حَكمًا بين خلقه، (﴿ وَالنُّبُوَّةَ ﴾): أي ويؤتيه النُبُوَّة، (﴿ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾)، فهذا يستحيل أن يَصدر مِن أحدٍ مَنَّ اللهُ عليه بالنُبُوَّة، (﴿ وَلَكِنْ ﴾) يقول لهم: (﴿ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ ﴾): أي كونوا حكماء فقهاء علماء (﴿ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ ﴾): أي: بسبب تعليمكم الكتاب للناس، وهذا التعليم يَستلزِمُ بالضرورة أن تكونوا أنتم على عِلمٍ بالكتاب، وأن تكونوا قدوة للناس (عِلماً وعَملاً)، (﴿ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾): يعني وبما تدرسونه من الكتابِ حِفظًا وعلمًا وفقهًا).
الآية 80: (﴿ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ﴾): أي آلهة تَعبدونهم مِن دون الله تعالى، (﴿ أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾): يعني أَيُعْقَلُ – أيها الناس – أن يأمركم بالكفر بالله، بعد أن أمَركم أن تنقادوا له؟، وبعد أن كنتم على فِطرَتِكم الأولى (وهي التوحيد)؟، وبعد تعاليم الرُسل التي قبله بتوحيد الله تعالى وإخلاص العبادة له؟ هذا لا يُعقَلُ أبداً، ولا يكونُ بأي حال).
الآية 81: (﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ ﴾): أي واذكر حين أخذ الله العهد المؤكَّد على جميع الأنبياء، فقال لهم: (﴿ لَمَا آَتَيْتُكُمْ ﴾): يعني لَئِنْ آتيتكم (﴿ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ ﴾) مِن عندي (﴿ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ﴾) (﴿ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ﴾): يعني فهل أقررتم واعترفتم بذلك، وأخذتم عليه عهدي المُوَثق؟ (﴿ قَالُوا أَقْرَرْنَا ﴾) (﴿ قَالَ فَاشْهَدُوا ﴾): أي فليشهدْ بعضكم على بعض، واشهدوا على أمَمِكم بذلك، (﴿ وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾) عليكم وعليهم (وفي هذا أن الله قد أخذ العهد على كل نبي أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخذ العهد أيضاً على أمم الأنبياء بذلك).
الآية 82: (﴿ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ ﴾): أي فمن أعرض عن الإسلام بعد هذا العهد الذي أخذه الله على أنبيائه (﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾).
الآية 83: ((﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ ﴾): يعني هل يريدون ديناً غير الإسلام؟ (﴿ وَلَهُ ﴾): أي وللهِ تعالى (﴿ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا ﴾): أي طَواعِيَةً (كالمؤمنين)، (﴿ وَكَرْهًا ﴾): أي ورغمًا عنهم عند الشدائد، حِينَ لا ينفعهم ذلك (وهم الكفار)، مثل إسلام ” فرعون ” عند موته، (﴿ وَإِلَيْهِ ﴾) وحده (﴿ يُرْجَعُونَ ﴾) جميعاً (مؤمنهم وكافرهم)، فيُجازي كُلاً بعمله، وفي هذا تحذير من الله تعالى لخلقه أن يرجع إليه أحدٌ منهم على غير مِلَّة الإسلام).
اسباب النزول:
قوله تعالى : ( أفغير دين الله يبغون ) الآية [ 83 ] .
224 – قال ابن عباس : اختصم أهل الكتابين إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما اختلفوا بينهم من دين إبراهيم ، كل فرقة زعمت أنها أولى بدينه ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم .فغضبوا ، وقالوا : والله ما نرضى بقضائك ، ولا نأخذ بدينك ، فأنزل الله تعالى : ( أفغير دين الله يبغون ) .
اسباب النزول:
قوله تعالى : ( ما كان لبشرا أن يؤتيه الله ) الآية [ 79 ] .
221 – قال الضحاك ومقاتل : نزلت في نصارى نجران حين عبدوا عيسى .وقوله : ) لبشر ( يعني عيسى ( أن يؤتيه الله الكتاب ) يعني الإنجيل .
222 – وقال ابن عباس في رواية الكلبي وعطاء : إن أبا رافع اليهوديوالربيس من نصارى نجران قالا : يا محمد أتريد أن نعبدك ونتخذك ربا ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” معاذ الله أن يعبد غير الله أو نأمر بعبادة غير الله ، ما بذلك بعثني ، ولا بذلك أمرني . فأنزل الله تعالى هذه الآية.
[ ص: 60 ] 223 – وقال الحسن : بلغني أن رجلا قال : يا رسول الله ، نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض ، أفلا نسجد لك ؟ قال : لا ينبغي أن يسجدلأحد من دون الله ، ولكن أكرموا نبيكم ، واعرفوا الحق لأهله . فأنزل الله تعالى هذه الآية .
لمسات بيانيه
آية (83):
*(أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) آل عمران) لم ابتدأت الآية بالاستفهام وحقها من حيث الظاهر أن تبدأ بالنهي أي لا تبتغوا غير دين الله؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
تدبّر واعتبر من هذه الآية التي جاءت على طريقة الاستفهام الإنكاري الذي يحمل معاني التوبيخ والتحذير إذ كيف يمكن للإنسان أن يختار ديناً غير دين الله والأجرام العلوية الكبيرة انصاعت لأمره وأسلمت؟!
لمسات بيانيه
آية (80):
*(وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (80) آل عمران) لقد جاء السياق القرآني بالنفي وتعلم أن النفي أعمّ من النهي فهلاّ قيل في هذه الآية (وينهاكم) بدل (ولا يأمركم)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
الجواب في هذه الآية لطيفة يمكن أن تستشفّها حين تعلم أن المسيح u لم ينههم عن إتخاذ الملائكة والنبيين أرباباً لأنه لا يخطر بالبال أن تتلبّس به أمة متدينة، فاقتصرت الآية بنفي الأمر لا بالنهي ولذلك عقّب بالاستفهام الإنكاري (أيأمركم بالكفر بعد إذا أنتم مسلمون).
المتشابهات
[وإذ أخذ الله ميثاق…]
{وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه}آل عمران (81)
{ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه..}آل عمران (187)
النبيين يسبقون أهل الكتاب:ضبط من خلال المعنى
المتشابهات
( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ).
آل عمران 83
تشبه:
الأنعام – 114 ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا …..).
النحل – 52 ( وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ).
الزمر- 64 ( قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ
المتشابهات
* (الْفَاسِقُونَ ) :
(فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82))
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ … وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110))
الموضع الوحيد :
(وإذ أخذ الله)
آل عمران:187-81
وفي غيرهما :(وإذ أخذنا)
الموضع الوحيد:
(وإليه يرجعون)آل عمران 83
وفي غيره (إليه ترجعون)
——————————————————
(٨٤-٩٢)
تفسير مبسط للوجه
(12)
وحدة الرسالات والدين الحق
(قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [سورة آل عمران : 84]
ثم أمر الله تعالى رسوله صل الله عليه وسلم أن يعلن لهم إسلامه طوعا واختيارا مبينا حقيقة وحدة الدين من الله تعالى والرسالات ( قل آمنا بالله وما أنزل علينا ) وهو القرآن الكريم ( وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ) من الصحف والوحي ( وما أوتي موسى وعيسى ) من التوراة والإنجيل ( والنبيون من ربهم ) من الوحي ( لا نفرق بين أحد منهم ) فنحن نؤمن بهم جميعا ( ونحن له مسلمون ) مصدقون
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [سورة آل عمران : 85]
ومن يطلب دينًا غير الدين الذي ارتضاه الله وهو دين الإسلام؛ فلن يقبل الله ذلك منه، وهو في الآخرة من الخاسرين لأنفسهم بدخولهم النار.
لما كان الضلال بعد الهدى دليل على اتباع الهوى وعدم الرغبة في الحق والهدى قال تعالى
(كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة آل عمران : 86]
وهذه الآية وما بعدها في المرتدين عن الإسلام ،ويدخل فيها أهل الضلال من أهل الكتاب الذين عرفوا الحق ولم يتبعوه
وقوله تعالى ( وجاءهم البينات ) أي قامت عليهم الحجج والبراهين على صدق ما جاءهم به محمد صل الله عليه وسلم ،ووضح لهم الأمر ،ثم ارتدوا إلى ظلمة الشرك ،فكيف يستحق هؤلاء الهداية
( والله لا يهدي القوم الظالمين ) لأنهم لا يبحثون عن الحق ولا يريدون الهداية ،ولهذا توعدهم الله باللعنة والعذاب فقال تعالى
(أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [سورة آل عمران : 87]
(خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ) [سورة آل عمران : 88]
فحقت عليهم لعنة الله تعالى ولعنة خلقه كما قال تعالى ( أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) البقرة ١٥٩
وترك باب التوبة والعودة مفتوح (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة آل عمران : 89]
يتوب على من تاب ،واشترط هنا مع التوبة الإصلاح لأن كفرهم بعد إيمانهم قد يوقع بعض الناس في الفساد والغواية بخلاف الكافر ابتداءا ،لذلك طالبهم بالإصلاح مع التوبة ،والله أعلم
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) [سورة آل عمران : 90]
بعد الترغيب في التوبة هدد وحذر من الكفر وعدم الرجوع ،وحذر من الإمعان في الكفر والإزدياد في الإثم ،كما قال قال عز وجل (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [سورة النساء : 18]
وبما أن الكافرين غرتهم أموالهم وأولادهم ،وغرتهم الحياة الدنيا ،فربما ظن بعضهم أن هذا سيشفع لهم يوم القيامة ،فقال تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَىٰ بِهِ ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) [سورة آل عمران : 91]
تأكيدا لما قال في صدر السورة (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) [سورة آل عمران : 10]
وقد قال النبي صل الله عليه وسلم ( يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة : لو أن لك ما في الأرض من شئ أكنت تفتدي به فيقول : نعم ،فيقول : أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم ،ألا تشرك بي شيئا ،فأبيت إلا أن تشرك بي ) أخرجه البخاري
والسياق يحتمل معنى أخر وجيها ،وهو أنه لن يقبل من أحدهم جميع ما أنفقه من أموال في ما يظن أنه من وجوه الخير والقربات بدون إيمان ⚡،كما قال النبي صل الله عليه وسلم عندما سألته عائشة رضي الله عنها فقالت : ( يارسول الله ، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعة ،قال : لا ينفعه أنه لم يقل يوما : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ) أخرجه مسلم
ثم قال تعالى مبينا أنواع الإنفاق التي تنفع المؤمنين فقال : (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [سورة آل عمران : 92]
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتصدق بالسكر ،فلما سُئل عن هذا ،قال : لأني أحبه فأتصدق به
أسباب النزول :
– قولُهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [90]:
قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ كَفَرُوا بِعِيسَى وَالْإِنْجِيلِ، ثُمَّ ازْدَادُوا كفرًا بمحمد وَالْقُرْآنِ.
– وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ إِيمَانِهِمْ بِنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ، ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بِإِقَامَتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ.
أسباب النزول :
– قولُهُ تَعَالَى:{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} الْآيَةَ [86]:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَارِثِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ خَالِدٍ وَدَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ارْتَدَّ فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} فَبَعَثَ بِهَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قُرِئَتْ عَلَيْهِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي قُومِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ، وَاللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- أَصْدَقُ الثَّلَاثَةِ، فَرَجَعَ تَائِبًا، فَقَبِلَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَرَكَهُ.
– أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى، حَدَّثَنَا سَهْلٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ارْتَدَّ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، فَنَدِمَ، فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ أَنْ يَسْأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ، فَإِنِّي قَدْ نَدِمْتُ، فَنَزَلَتْ:{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا} حَتَّى بَلَغَ{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} فَكَتَبَ بِهَا قَوْمُهُ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ فَأَسْلَمَ.
لمسات بيانيه
ماالفرق بين
[أنزلناإليك ،وأنزلنا عليك]
– أنزلنا إليك (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) البقرة)
– وأنزلنا عليك (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )84) آل عمران)؟
*د.حسام النعيمى:
لما تأتي (إلى) معناها الغاية، الوصول.
ولما تأتي (على) فيها معنى نوع من الإستعلاء. مثل(خرج على قومه في زينته) فيها نوع من العلو.لما تأتي: أُرسل إليه أو أُرسل إلينا كأنه قريب منا وباشرنا نحن، مسّنا.
وعلينا: فيه نوع من التلقّي من علوّ. لكن لِمَ استعمل هذا هنا واستعمل هذا هنا؟ لمَ قال مرة إلينا ومرة علينا؟
ننظر في آية البقرة (وما أنزل إلينا) وفي آل عمران (وما أنزل علينا) نلاحظ آية البقرة كان في بدايتها نوع من الدعوة أو مباشرة الدعوة لغير المسلمين من المسلمين أن يكونوا معهم يأتوا إلى دينهم فهو حديث بشري بين البشر عندئذ قالوا نحن وصل إلينا أو ورد إلينا ما هو خير مما عنكم. فيها معنى الوصول لاحظ الآيات (آمنا بما أنزل إلينا) هذا شيء وصل إلينا يعني تسلّمناه لا نحتاج إلى ما عندكم. فلما قال (أنزل إلينا) العطف عادة يكون مثل المعطوف عليه .
بينما في آية آل عمران الكلام عن ميثاق أُخِذ على الأنبياء أن يوصوا أتباعهم باتّباع النبي الجديد الذي سيأتي. ميثاق من الله عز وجل ففيه علو وفيه ذكر للسماء أو للسموات ففيها علو فناسب أن يقول (أُنزل علينا). لاحظ الآيات (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81))
هناك شيء آخر يلفت النظر في الآيات: أنه في آية البقرة قال (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) أعاد كلمة (أُوتي) . وفي آل عمران قال (وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) حذف أوتي. لماذا؟ لأن إيتاء النبيين ورد في آل عمران قبل قليل (لَمَا آَتَيْتُكُمْ) فلم يكررها بينما هناك لم يذكرها فكررها.
ما الفرق بين أنزل وأوتي ؟(د.فاضل السامرائى)
هذه الآية فيها إنزال وإيتاء. نسأل سؤالاً: مَنْ من الأنبياء المذكورين ذُكرت له معجزة تحدّى بها المدعوين؟ موسى وعيسى عليهما السلام ولم يذكر معجزان للمذكورين الباقين.
هل هذه المعجزة العصى وغيرها إنزال أو إيتاء؟ هي إيتاء وليست إنزالاً ولذلك فرّق بين من أوتي المعجزة التي كان بها البرهان على إقامة نبوّته بالإيتاء وبين الإنزال، هذا أمر.
كلمة (أوتي) عامة تشمل الإنزال والإيتاء. الكُتب إيتاء. أنزل يعني أنزل من السماء وآتى أعطاه قد يكون الإعطاء من فوق أو من أمامه بيده. لما يُنزل ربنا تبارك وتعالى الكتب من السماء هي إيتاء فالإيتاء أعمّ من الإنزال لذلك لما ذكر عيسى وموسى عليهما السلام ذكر الإيتاء لم يذكر الإنزال ثم قال (وَمَا أُوتِيَ موسى وعيسى والنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ) دخل فيها كل النبييبن لأنه ما أوتوا من وحي هو إيتاء.
(وَمَا أُنزِلَ على إِبْرَاهِيمَ) قد يكون إنزالاً ويكون إيتاء لكن ما أوتي موسى وعيسى عليهما السلام في هذه الآية هذا إيتاء وليس إنزالاً لأنه يتحدث عن معجزة ولأنهما الوحيدان بين المذكورين اللذين أوتيا معجزة. الآخرون إنزال وعندما يتعلق الأمر بالمعجزة قال إيتاء.
المتشابهات
الايه 87 من ال عمران متشابهه مع البقره161
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)
المتشابهات
(ولا هم ينظرون) في البقره162 ،ال عمران88 ،النحل85 ، الانبياء40 ، السجده 29
وفي غيرهما (ولا هم ينصرون)
الموضع الوحيد
(جاءهم البينات)ال عمران (86 -105)
وفي غيرهما (جاءتهم البينات)
المتشابهات
الايه 90 من ال عمران متشابهه مع النساء ايه 137
المتشابهات
الايه 91 من ال عمران متشابهه مع البقره ايه 161(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)
المتشابهات
الايه 88 من ال عمران متشابهه مع البقره ايه162 ،163
إضاءات
. باب التوبة لا يقفل أمام أحد؛ حتى وإن بالغ في الكفر أو المعاصي؛ فاحرص على التوبة والعمل الصالح قبل أن يأتي يوم لا إمهال فيه ولا إنظار،(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
ما أجمل التوبة إذا أضيف لها إصلاح ودعوة،(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
هداية الايات
١. لايصح ايمان عبد يؤمن ببعض الرسل ويكفر ببعض،كما لا يصح ايمان عبد يؤمن ببعض ما أنزل الله تعالى على رسله ويكفرببعض
٢. الاسلام:هو الانقيادوالخضوع لله تعالى وهو يتنافى مع التخيير بين رسل الله ووحيه اليهم.
٣. بطلان سائر الاديان والملل سوى الدين الاسلامي وملة محمد عليه السلام.
٤. التوغل فى الشر والفساد أوالظلم والكفر قديمنع العبد من التوبة ،ولذاوجب على العبداذا أذنب ذنباأن يتوب منه فورا،ولا يواصله مصرا عليه خشية أن يحول بينه وبين التوبة.
٥. التوبة مقبولة متى قامت على أسسها واستوفت شروطها ومن ذلك الاقلاع عن الذنب فورا،والندم على ارتكابه،والاستغفار والعزم على عدم العودة الى الذنب واصلاح ما أفسده مما يمكن اصلاحه.
٦.لا فدية تقبل يوم القيامة من أحد ولا فداء لاحد فيه،واليأس من النجاة لمن مات كافرا يوم القيامة.
————————————–
(٩٢\١٠٠)
تفسير مبسط الوجه 13 من ال عمران
الآية 93: ﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا ﴾: أي: حلالاً ﴿ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ لِمرضٍ نَزل به، وذلكَ ﴿ مِنْ قَبْلِ ان تنزل التوراه فلما
نُزِّلت التوراة، حَرَّم اللهُ فيها – على بني إسرائيل – بعض الأطعمة التي كانت حلالاً لهم، وذلك بسبب ذنوبهم وظُلمهم، ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ في دعواكم الكاذبة (مِن أن الله هو الذي حَرَّمَ على يعقوب هذه الأطعمة، وأنه أنزل في التوراة هذا التحريم على يعقوب)، وذلك حتى تعلموا صِدْقَ ما جاء في القرآن مِن أن الله لم يُحَرِّم على بني إسرائيل شيئًا قبل نزول التوراة، لا على يعقوب ولا على غيره، إلا ما حرَّمه يعقوب على نفسه).
الآية 94: ﴿ فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ﴾: أي: فمَن كذبَ على اللهِ بعدَ قراءة التوراة ووضوح الحقيقة: ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.
الآية 95: ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ﴾ ﴿ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ ﴾: أي: فإن كنتم صادقين في مَحبتكم وانتسابكم لإبراهيم عليه السلام، فاتبعوا مِلَّتَهُ التي شرعها الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فإنها الحق الذي لا شك فيه، وقد كانَ إبراهيم عليه السلام ﴿ حَنِيفًا ﴾: أي: مائلاً عن أي دينٍ باطل، فكانَ عليه السلام مُسلماً لله تعالى، ﴿ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
الآية 96: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ﴾: أي: بُنِيَ لعبادة الله في الأرض: ﴿ لَلَّذِي بِبَكَّةَ ﴾: أي: لَهُوَ بَيتُ اللهِ الحرام الذي بمكة، ﴿ مُبَارَكًا ﴾: يعني: وهذا البيت مُبارك تتضاعف فيه الحسنات، وتتنزَّل فيه الرحمات، ﴿ وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾: أي: (وفي استقباله في الصلاة، وكذلك في قصْدِهِ لأداء الحج والعمرة): صلاحٌ وهداية للناس أجمعين).
الآية 97: ﴿ فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ﴾: أي: في هذا البيت دلالاتٌ ظاهراتٌ على أنه مِن بناء إبراهيم، فمِن هذه الدلالات: مَقامُ إبراهيم عليه السلام، وهو الحَجَر الذي كان يَقف عليه حين كان يَرفع القواعد مِن البيت، هو وابنه إسماعيل، ﴿ وَمَنْ دَخَلَهُ ﴾: أي: ومَن دخل المسجد الحرام: ﴿ كَانَ آَمِنًا ﴾: أي: كان حقاً عليكم أن تؤَمِّنُوه، فلا يَحِلّ أن يَناله أحدٌ بسُوء، ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾: يعني: وقد أوْجَبَ الله قَصْدَ هذا البيت على المستطيع (بمالِهِ وبدنه) لأداء مناسك الحج، ﴿ وَمَنْ كَفَرَ ﴾: أي: ومَن جحد فريضة الحج فقد كفر، ومَن كفر ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ ﴾ عنه وعن حجِّه وعمله، و ﴿ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾.
الآية 99: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ ﴾: أي: لم تصدون مَن أراد الدخول في سبيل الله (وهو دين الإسلام)، و﴿ تَبْغُونَهَا ﴾ له ﴿ عِوَجًا ﴾: يعني: وتريدون له زَيغًا ومَيلا عن الاستقامة والهدى، وذلك بتشكيكه وتضليله، حتى يَضِلّ، ﴿ وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ ﴾: أي: وأنتم تعلمون أن ما جئتُ به هو الحق؟، ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
واعلم أن الهاء التي في كلمة: (تبغونها) عائدة على (سبيل الله)، لأن كلمة: (السبيل) تؤنَّث وتُذَكَّر، وبذلك يكون المعنى: (وتَبغون العِوَجَ لِسالِكِها (أي: سالِك سبيل الله)).
الآية 100: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴾: أي: يُضِلُّوكم، ويُلقوا إليكم الشُبُهات في دينكم، لترجعوا جاحدين للحق بعد أن كنتم مؤمنين به، فلا تأمَنوهم على دينكم، ولا تقبلوا لهم رأيًا أو مَشورة).
معاني كلمات الوجه 13 من ال عمران
92البِرّ :الإحسان وكمال الخير
93إسرائيل :يعقوب بن إسحاق عليهما السلام
95حنيفا :مائلاً عن الباطل إلى الدِّين الحقّ
96بِبكّة :مكة المكرمة
99تبغونها عِوجاً:تطلبونها مُعْوجّة أو ذات اعوجاج
اسباب النزول
قوله تعالى : ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل ) الآية [ 93 ] .
229 – قال أبو روق والكلبي : نزلت حين قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : إنا على ملة إبراهيم ، فقالت اليهود : كيف وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها ! فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : كان ذلك حلالا لإبراهيم ، فنحن نحله . فقالت اليهود : كل شيء ، أصبحنا اليوم نحرمه فإنه كان محرما على نوحوإبراهيم حتى انتهى إلينا . فأنزل الله عز وجل تكذيبا لهم : ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل )
اسباب النزول
230 – قال مجاهد : تفاخر المسلمون واليهود ، فقالت اليهود : بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة ، لأنه مهاجر الأنبياء ، وفي الأرض المقدسة . وقال المسلمون : بل الكعبة أفضل ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
لمسات بيانيه
آية (93 ):
*د.حسام النعيمى:
قال تعالى: (قُلْ فَأْتُوابِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) اليهود حرّفوا التوراة قبل الرسول R عن مواضعه،ومن بعد أن وضعوه في مواضعه عادوا مرة أخرى وحرّفوه.غيّروا فيها تغييراً جديداً ومع ذلك بقيت إشارة إلى نبوة محمد R في التوراة.
لمسات بيانيه
آية ( 94):
*قال تعالى (فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94)) آل عمران عرف كلمة الكذب مع أن القرآن الكريم استخدمها نكرة كما في سورة يونس (17) ما دلالة تنكير الكذب أو تعريفه؟(د.فاضل السامرائى)
المعرفة هى ما دلّ على شيء معين. الكذب يقصد شيئاً معيناً بأمر معين هنالك أمر في السياق يقصده فذكر الكذب، فلما يقول الكذب فهو كذب عن أمر معين بالذات مذكور في السياق أما عندما يقول كذب فيشمل كل كذب مثل قوله تعالى (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) آل عمران)الكلام عن الطعام، أمر معين، هو حرّم على نفسه وكذب على الله وقال حرّم كذا قال فاتوا بالتوراة في هذه المسألة مسألة الطعام فقال (فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ) لأن الكذب في مسألة معينة محددة.
التنكير كذب يشمل كل كذب وليس الكذب في مسألة معينة (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) يونس) لم يذكر مسألة معينة حصل كذب فيها فالكذب عام.إذن التنكير في اللغة يفيد العموم والشمول.
لمسات بيانيه
آية (97):
*قال تعالى في سورة آل عمران (فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)) وقال في سورة ابراهيم (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُواأَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)) فما سبب الاختلاف؟(د.فاضل السامرائى)
في سورة آل عمران(فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)) باستخدام صيغة الماضي وفي آية سورة ابراهيم (وإن تكفروا)
لمسات بيانيه
آية (98):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ (98) آل عمران) انظر كيف تنوع الخطاب القرآني بأساليب الإنشاء وما ذلك إلا لأغراض أرادها من ورائه، فأولاً جاء بالأمر (قُل) إهتماماً بالمقول وافتتح المقول بالنداء تسجيلاً عليهم ثم بالاستفهام إنكاراً لكفرهم بآيات الله تعالى فتذوق تفنن التعبير القرآني ودلالالته.
لمسات بيانيه
آية (100):
* لماذا قال تعالى (أوتوا الكتاب) ولم يقل (آتيناهم الكتاب)؟(د.فاضل السامرائى)
القرآن الكريم يستعمل أوتوا الكتاب في مقام الذم ويستعمل آتيناهم الكتاب في مقام المدح. قال تعالى (وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (101) البقرة) هذا ذم، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) آل عمران) هذا ذم . بينما آتيناهم الكتاب تأتي مع المدح (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ (121) البقرة) مدح،(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) القصص) مدح . هذا خط عام في القرآن على كثرة ما ورد من أوتوا الكتاب وآتيناهم الكتاب حيث قال أوتوا الكتاب فهي في مقام ذم وحيث قال آتيناهم الكتاب في مقام ثناء ومدح. القرآن الكريم له خصوصية خاصة في استخدام المفردات وإن لم تجري في سنن العربية. أوتوا في العربية لا تأتي في مقام الذم وإنما هذا خاص بالقرآن الكريم. عموماً رب العالمين يسند التفضل والخير لنفسه (آتيناهم الكتاب) لما كان فيه ثناء وخير نسب الإيتاء إلى نفسه، أوتوا فيها ذم فنسبه للمجهول (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا (5) الجمعة) (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى)، أما قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (32) فاطر) هذا مدح.
هداية الايات:
١. البر وهو فعل الخير يهدى الى الجنة،ولن يبلغ العبد بر الله وما عنده من نعيم الاخرة حتى ينفق من أحب امواله اليه.
٢. لايضيع المعروف عند الله تعالى قل او كثر طالما أريد به وجهه تعالى.
٣.البيت الحرام كان قبل بيت المقدس وأن البيت الحرام اول بيت وضع للتعبد بالطواف به.
٤. مشروعية طلب البركة بزيارة البيت وحجه والطواف به والتعبد حوله.
٥. وجوب الحج على الفور للقادر،والاشارة الى كفر من يترك الحج وهو قادر عليه ولا مانع يمنعه منه غير عدم المبالاة.
٦. شدة قبح كفر وظلم من كان عالمامن أهل الكتاب بالحق ثم كفره وجحدةبغيا وحسدا،وحرمة صرف الناس عن الحق والمعروف بأنواع الحيل وضروب الكذب والخداع.
٧. علم الله تعالى بكل اعمال عباده من خير وشر وسيجزيهم بهافضلا منه وعدلا
المتشابهات
الايه 98 متشابهه مع الايه 70 من ال عمران في اولها
المتشابهات
الايه 99 متشابهه مع الايه71 من ال عمران في اولها
المتشابهات
الايه 99متشابهه مع الاعراف الايه 86
—————————————
(101/108)
معاني كلمات الوجه 14 من ال عمران
⚡101من يعتصِم بالله :يلتجِئ إليه أو يستمسك بدينه
102حقّ تُقاتِه:حقّ تقواه : أي اتقاءً حقًّا واجبا
103اعتصموا بحبل الله:تمسّكوا بعهده أو دينه أو كتابه
103شفا حُفرة:طرف حفرة
تفسير مبسط للوجه 14 من ال عمران
الآية 100: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴾: أي: يُضِلُّوكم، ويُلقوا إليكم الشُبُهات في دينكم، لترجعوا جاحدين للحق بعد أن كنتم مؤمنين به، فلا تأمَنوهم على دينكم، ولا تقبلوا لهم رأيًا أو مَشورة).
الآية 102: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾، وذلك بأن يُطاع فلا يُعصَى، وبأن يُشكَر فلا يُكفَر، وبأن يُذكَر فلا يُنسَى، ﴿ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾: أي: وداوِموا على تمَسُّكِكُم بإسلامكم إلى آخر حياتكم، لتلقوا اللهَ وأنتم عليه).
الآية 103: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ﴾: أي: وتَمَسَّكوا جميعًا بكتاب ربكم وهَدْي نبيكم، ﴿ وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾: أي: ولا تفعلوا ما يؤدي إلى فُرقَتِكم، ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ﴾ ﴿ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ ﴾: أي: بفضله ﴿ إِخْوَانًا ﴾، ﴿ وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ ﴾: أي: على حافة نار جهنم، ﴿ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ﴾ بأنْ هَداكم للإسلام، ﴿ كَذَلِكَ ﴾: أي: وكما بَيَّنَ الله لكم مَعالم الإيمان الصحيح: ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ إلى كل ما فيه صلاح دينكم ودنياكم).
الآية 104: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ ﴾: أي: جماعة ﴿ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ﴾ ﴿ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ وهو ما عُرفَ حُسْنُهُ (شَرعًا وعُرفاً بين الناس)، ﴿ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ وهو ما عُرف قُبْحُهُ (شرعًا وعُرفاً بين الناس)، ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾: أي: الفائزون بجنات النعيم).
الآية 105: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا ﴾ شِيَعًا وأحزابًا،ة ﴿ وَاخْتَلَفُوا ﴾ في أصول دينهم ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ﴾: أي: من بعد أن اتضح لهم الحق، ﴿ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
واعلم أن كلمة: (البيّنات) ليست مُؤنّثاً حقيقياً، بمعنى أنه يجوز تذكيرها ويجوز تأنيثها، فيجوز أن تأتي مع الفِعل المُذَكَّر: (جاءهم)، كما يجوز أن تأتي مع الفِعل المُؤنَّث: (جاءتهم)، ولذلك نجد أن الله تعالى أحياناً يقول: (جاءهم البيّنات)، وأحياناً يقول: (جاءتهم البيّنات).
الآية 107: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ ﴾ وهم أهل السعادة، الذين آمنوا بالله ورسوله، وامتثلوا أمْرَه: ﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ ﴾: أي: فأولئك في جنة الله ﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.
الآية 108: ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ﴾: أي: بالصِدق واليقين، ﴿ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ﴾: أي: وما اللهُ بظالمٍ أحدًا مِن خَلقِه، ولا بمُنقِصهم شيئًا من أعمالهم).
من اسباب النزول
قوله تعالى : ( وكيف تكفرون ) الآية [ 101 ] .
233 – أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري ، حدثنا محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس الدوري ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن الأغر ، عن خليفة بن حصين ، عن أبي نصر ، عن ابن عباس قال : كان بين الأوسوالخزرج شر في الجاهلية ، فذكروا ما بينهم ، فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف ، فأتي النبي – صلى الله عليه وسلم – فذكر ذلك له ، فذهب إليهم ، فنزلت هذه الآية : ( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) [ إلى قوله ] : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) .
234 – أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين النقيب قال : أخبرنا جدي محمد بن الحسين قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، حدثنا حاتم بن يونس الجرجاني ، حدثنا إبراهيم بن أبي الليث ، حدثنا الأشجعيعن سفيان ، عن خليفة بن حصين ، عن أبي نصر ، عن ابن عباس قال : كانالأوس والخزرج يتحدثون ، فغضبوا ، حتى كاد [ يكون ] بينهم حرب فأخذوا السلاح [ ومشى ] بعضهم إلى بعض ، فنزلت : ( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله ) إلى قوله تعالى : ( فأنقذكم منها ) .
المباهلة هي الملاعنة ، والمقصود منها أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء ، فيقولوا : لعنة الله على الظالم منا
وآية المباهلة هي قوله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ). [آل عمران/59-61]
وكان سبب نزول هذه الآية أن وفد نصارى نجران حين قدموا المدينة جعلوا يُجادلون في نبي الله عيسى عليه السلام ، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية .
وقد تصلبوا على باطلهم ، بعدما أقام عليهم النبي صلى الله عليه وسلم البراهين بأنه عبد الله ورسوله .
فأمره الله تعالى أن يباهلهم .
فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة ، بأن يحضر هو وأهله وأبناؤه ، وهم يحضرون بأهلهم وأبنائهم ، ثم يدعون الله تعالى أن ينزل عقوبته ولعنته على الكاذبين .
فأحضر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وقال : هؤلاء أهلي .
فتشاور وفد نجران فيما بينهم : هل يجيبونه إلى ذلك ؟
فاتفق رأيهم أن لا يجيبوه ؛ لأنهم عرفوا أنهم إن باهلوه هلكوا ، هم وأولادهم وأهلوهم ، فصالحوه وبذلوا له الجزية ، وطلبوا منه الموادعة والمهادنة ، فأجابهم صلى الله عليه وسلم لذلك .
لمسات بيانيه
ورتل القرآن ترتيلاً:
قال تعالى (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ (103) آل عمران) الحبل في الأصل ما يُشدّ به للإرتقاء أو النجاة أو نحوه. فانظر بلاغة القرآن العظيمة في تصويره لهيئة اجتماعهم على دين الله كاستمساك جماعة بحبل أُلقي إليهم من منقذ لهم من غرق أو سقوط ليرتقوا به إلى القمم. فما أعظم هذه الاستعارة التمثيلية البليغة التي جُعلت الآية فيه على أقوى وجه لتمام البلاغة لكثرة ما فيها من المعاني.
لمسات بيانيه
ما اللمسة البيانية في استعمال تفرقوا و تتفرقوا في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة آل عمران(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواوَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103).
نلاحظ في القرآن كله وليس فقط في هذه الآية الحذف كما جاء في القرآن مثل (تنزّل وتتنزّل، تبدّل وتتبدّل- توفاهم وتتوفاهم) وهذا الحذف في عموم القرآن وحيث ورد مثل هذا التعبير في القرآن سواء في الفعل أو غيره يكون لأحد أمرين:
للدلالة على أن الحدث أقلّ.أن يكون في مقام الإيجاز.
في آية (103) آل عمران فالكلام هنا عن أمة واحدة لكل المسلمين وقد نهاهم الله تعالى عن أي جزء من التفرّق ولو كان قليلاً فقال تفرقوا، أما في قوله تعالى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) الشورى) فالكلام لكل البشر وذكر كل الأنبياء من زمن نوح إلى قيام الساعة فقال تتفرقوا.
لمسات بيانيه
آية (101):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ (101) آل عمران)انظر هنا كيف استطاع الاستفهام أن يُلقي ظلاله البلاغية فالاستفهام هنا ليس حقيقياً بل خرج إلى معنى الاستبعاد، إستبعاد كفر المؤمنين ونفيه.
لمسات بيانيه
(وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا (103) آل عمران) تدبر هذا التمثيل الرائع لهذه النعمة التي حظيت بها الأمة. ألا ترى كيف نقلك قوله تعالى (شفا حفرة) إلى عالم التخيل وكيف استطاع هذا القول أن يقرِّب لك المعقول باستعارة المحسوس إليه. فالنار حقيقة وتصويرها بحفرة تمثيل وتصوير لكنك ما كنت لتتخيل شناعة هذا الموقف وحال إنقاذك منها دون هذه الصورة الرائعة فما أكمل بيان الله عز وجل!
المتشابهات
(جاءهم البينات) ال عمران 86/105 وفي غيرهما جاءتهم البينات
المتشابهات
الايه 105 متشابهه مع الايه 86 اول ال عمران
المتشابهات
الايه 108 متشابهه مع الجاثيه 6
المتشابهات
ختام الايه 103 من ال عمران متشابهه مع《البقره242 / المائده88 / النور59》
وفي غيرهما (كذلك يبين الله لكم الايات)
المتشابهات
الايه 108 متشابهه مع البقره 252
هداية الايات:
١. طاعة كثير من علماء اليهود والنصارى بالاخذ بنصائحهم وتوجيهاتهم وما يشيرون به على المسلم تودى بالمسلم الى الكفر شعر بذلك ام لم يشعر فلذا وجب الحذر كل الحذر منهم
٢. العصمة فى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله فمن تمسك بهما لم يضل.
٣. الاخذ بالاسلام جملة والتمسك به عقيدة وشريعة أمان من الزيغ والضلال ومن الهلاك والخسران.
٤. وجوب التمسك بشدة بالدين الاسلامي وحرمة الفرقة والاختلاف فيه.
٥. وجوب ذكر النعم لاجل شكر الله تعالى عليها بطاعته وطاعة رسوله.
٦. وجوب وجود طائفة من أمة الاسلام تدعو الامم والشعوب الى الاسلام وتعرضه عليهم ،ووجوب وجود هيئات الامر بالمعروف والنهى عن المنكرفى كل مدن المسلمين.
٧. اهل البدع والاهواء يعرفون يوم القيامة بسواد وجوههم،واهل السنة والجماعة يعرفون ببياض وجوههم.
—————————————–
(109/115)
تفسير مبسط للوجه 15 من ال عمران
الآية 110، والآية 111: ﴿ كُنْتُمْ ﴾: أي: كَتَبَ الله أنكم ستكونونَ ﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾: أي: خُلِقَت لِنفع النَّاسِ، وذلك لأنكم ﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ ﴿ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ إيماناً صادقاً يُؤّيِّدُهُ العمل، ﴿ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ ﴾ بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به مِن عندِ الله، كما آمنتم ﴿ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ في الدنيا والآخرة، ﴿ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ برسالة محمد صلى الله عليه وسلم العاملون بها، وهم قليل، ﴿ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ الخارجون عن دين الله وطاعته، وهؤلاء ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ﴾: أي: إلا ما يُؤذي أسماعكم من ألفاظ الشرك والكفر وغير ذلك، كما قال تعالى: ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾، ﴿ وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ﴾: أي: يُعطونكم ظهورهم فِراراً منكم، ﴿ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ عليكم).
الآية 112: ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ﴾: يعني: أحاطت بهم ﴿ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا ﴾: أي: فهم أذِلاَّءُ مُحتقَرون أينما وُجِدوا، فلا يكون اليهود إلا تحت أحكام المسلمين، تُؤخَذ منهم الجِزْيَة ويُسْتَذَلُّون، أو تحت أحكام النَصارَى، ﴿ إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ ﴾: أي: إلا بعد أن يُوفوا بعهد الله الذي أخذه عليهم مِن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم متى بُعِث، والدخول في الإسلام، فبذلك يَزول ذلك الذل عنهم، ﴿ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ﴾: يعني: أو بعهدٍ من الناس يأمَنون به على أنفسهم وأموالهم، كحماية دولة قوية لهم، أو مُعاهَدةٍ يفعلونها، أو غير ذلك).
﴿ وَبَاءُوا ﴾: أي: ورجعوا ﴿ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ﴾ مُستحقين له، ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ﴾: وهي فقر النفوس، فلا ترى اليهوديَّ إلا وعليه الخوف والرعب مِن أهل الإيمان، ﴿ ذَلِكَ ﴾ الذي جعله الله عليهم، ﴿ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ﴾ ﴿ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾: أي: ظلمًا واعتداءً، ﴿ ذَلِكَ ﴾: أي: الجُرأة على قتل الأنبياء كانت ﴿ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾: أي: بسبب ارتكابهم للمعاصي، وتجاوُزِهِم لحدود الله).
الآية 113: ﴿ لَيْسُوا سَوَاءً ﴾: أي: ليس أهل الكتاب متساوين، فإنَّ ﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ﴾: يعني: مستقيمة على أمر الله، مؤمنة برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ ﴾: أي: وهم يقومون الليل مُرَتِّلينَ آيات القرآن الكريم، (وغالباً يَكتُمُ هؤلاء إيمانهم، خوفاً من بطش أعدائهم)،﴿ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾: أي: وهم خاضعون لله، ذليلون له، مُقبلون على مُناجاتِهِ في صلواتهم).
الآية 115: ﴿ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ ﴾: يعني: فلن يَضِيعَ ثوابه عند الله، بل يُشكَرُ لهم، ويُجازونَ عليه، ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴾.
معاني كلمات الوجه 15 من ال عمران
111أذى :ضررًا يسيرا بالكذِب أو التهديد
111ُيولّوكم الأدبار :ينهزموا ويُخْذلوا
112ضُرِبت عليهم:أحاطت بهم أو ألصقت بهم
112الذِلة:الذلّ والصَّغار والهوان
112ثُقِفوا:وُجٍدوا أو أُدْرِكوا
112بحبلٍ من الله:بعهدٍ منه تعالى وهو الإسلام
112حبل من الناّس :عهدٍ من المسلمين
112باءُوا بغضب:رجعوا به مستحِقّين له
112المَسْكنة:فقر النفس وشُحُّها
113ليسوا سواءً:ليس أهل الكتاب بمُستوين
113أُمّة قائمة:طائفةٌ مستقيمة ثابتة على الحقّ
اسباب النزول
قوله تعالى : ( ليسوا سواء ) الآية [ 113 ] .
237 – قال ابن عباس ومقاتل : لما أسلم ، عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعيةوأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ، ومن أسلم من اليهود – قالت أحبار اليهود : ما آمن لمحمد إلا شرارنا ، ولو كانوا من أخيارنا لما تركوا دين آبائهم ، وقالوا لهم : لقد خسرتم حين استبدلتم بدينكم دينا غيره ، فأنزل الله تعالى : ( ليسوا سواء ) الآية . وقال ابن مسعود : نزلت الآية في صلاة العتمة يصليها المسلمون ، ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصليها .
238 – أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الغازي أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري ، أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى ، حدثنا أبو خيثمة ، حدثناهاشم بن القاسم ، حدثنا شيبان ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود قال :أخر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليلة صلاة العشاء ، ثم خرج إلى المسجد ، فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : إنه ليس من أهل الأديان أحد يذكر الله تعالى في هذه الساعة غيركم ، قال : فأنزلت هذه الآيات : ( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون ) إلى قوله : ( والله عليم بالمتقين )
لمسات بيانيه
قوله تعالى : ( لن يضروكم إلا أذى ) الآية [ 111 ] .
236 – قال مقاتل : إن رؤوس اليهود كعب ، وبحرى ، والنعمان ، وأبو رافع ،وأبو ياسر ، وابن صوريا ، عمدوا إلى مؤمنهم عبد الله بن سلام وأصحابه ، فآذوهم لإسلامهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
لمسات بيانيه
آية (110):
* (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) آل عمران)لِمَ جاء لفظ كنتم في الماضي؟(د.حسام النعيمى)
(كنتم خير أمة أُخرجت للناس) يعني هذا وجودكم هذه كينونتكم. (أُخرجت للناس) يعني أُوجِدت إيجاداً. كنتم خير أمة أخرجت للناس لا تعني في الماضي والآن أنتم لستم خير أمة لكن أنتم كوّنتم أمة خيرية. لماذا كوّنتم؟ لأن هذه الأمة أمة عالمية ليست أمة عرقية. من بدء الاسلام كان فيها العربي والفارسي والحبشي والرومي وليس عبثاً أن يدخل هؤلاء في الاسلام في أول تكوينه في مكة في بنية الاسلام. هذا التكوين يكوين خيري ثم وصفهم (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والكينونة متصلة بالوجود حقيقة.
مسألة (كان) وكونها لا تشير الى الماضي دائماً ولكن بحسب موقعها قد تشير الى معنى الاستمرار (وكان الله غفوراً رحيما) يعني هذا هو الله هذا شأنه سبحانه وتعالى أنه غفورً رحيم. أنه بهذه الصفة والله تعالى موصوف بالمغفرة وبالرحمة وهذا كونه هكذا وجوده ولا يعني أنها في الماضي.
لمسات بيانيه
قوله تعالى : ( كنتم خير أمة ) الآية [ 110 ] .
[ ص: 63 ] 235 – قال عكرمة ومقاتل : نزلت في ابن مسعود ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وذلك أن مالك بن الصيف ،ووهب بن يهوذا اليهوديين قالا لهم : إن ديننا خير مما تدعوننا إليه ، ونحن خير وأفضل منكم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية
لمسات بيانيه
*ما سر تقديم وتأخير (يؤمنون بالله) في آيات سورة آل عمران؟(الشيخ خالد الجندي)
قال تعالى في سورة آل عمران (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)) وقال تعالى في آية أخرى في نفس السورة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)) إذا لاحظنا ترتيب المواصفات في الآيتين لوجدنا أن آية 114 في سورة آل عمران جاء فيها (يؤمنون بالله) في البداية ثم تلاها يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أما في الآية 110 فجاءت في آخر الترتيب وذلك لأن الخطاب في هذه الآية هو للمسلمين ونحن آخر الأمم من حيث الترتيب الزمني فجاء الإيمان بالله آخراً لأن هناك من سبقونا بالايمان من أهل الكتاب من اليهود والنصارى. أما في الآية 114 فالخطاب لأهل الكتاب الذين أسلموا قبل بعثة الرسول r وفي زمن أنبيائهم موسى وعيسى عليهما السلام لذا جاء قوله تعالى يؤمنون بالله أولاً في الترتيب ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(يسارعون في الخيرات)المسارعة في الخيرات هو أسلوب القرآن الكريم وهناك فرق بين فعل الخير وبين المسارعة فيه والله تعالى يريد منا المسارعة في الخير ويريدنا أن نلجأ إليه كالذي يفِرّ (ففروا الى الله) ولم يقل امشوا أو اذهبوا. المسارعة إذن واجبة وهي التوجه باقبال واندفاع الى الله تعالى ولا نكون كالمنافقين الذين إذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى.
(يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)المعروف هو ما تعارف عليه الناس واتفقوا عليه بشرط أن يصطدم بشرع أي لا يحلّ حراماً أو يحرّم حلالاً. أما المنكر فهو ما استنكره الناس كالكذب والغش والغدر والاعتداء على الآخرين والخوض في الأعراض والخيانة وغيرها.
لمسات بيانيه
لماذا عبّر تعالى بكلمة الفاسقين بدل الكافرين في قوله تعالى (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) آل عمران)؟(الشيخ خالد الجندي)
قال تعالى في سورة آل عمران (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)) نعلم أن المؤمنين يقابلهم الكافرون ولكن الله تعالى استخدم لفظ (الفاسقين) في مقابل المؤمنين في الآية . المؤمن عكسها كافر وطائع عكسها فاسق. وكما أن الإيمان مراحل اسلام، إيمان، تقوى، إحسان، اطمئنان كذلك الكفر مراحل. وكلمة كافر تُطلق على واحد من ثلاثة أنواع:
ملحد وهو الذي لا يؤمن بوجود إلهمشرك وهو الذي يؤمن بوجود الله ولكنه يُشرك معه إلهاً آخروكافر وهو الذي يؤمن بوجود إله واحد لكنه يرفض عبادته وتصديق ما بعثه إلى رسله.
إبليس عليه لعنة الله تعالى كان يعترف بوجود الله الواحد لكنه رفض أوامر الله تعالى وعصاه (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) البقرة).
والكفر إما أن يكون عن جهالة ويقال لصاحبه كافر أصلي وإما أن يكون عن علم كأن يكون مؤمناً ثم يكفر مثل ابليس ويقال لصاحبه فاسق (فسق اشتقت من فسقت النواة من التمرة إذا خرجت منها بمعنى كانت فيها ثم خرجت منها) فالخارج من منهج الله تعالى يسمى فاسق (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) الكهف) فالفاسق هو أسوأ أنواع الكفار.
إذن من حيث العقيدة هناك كافر ومشرك وملحد ومن حيث الأصل هناك كافر أصلي وكافر فاسق ومن حيث إعلان الكفر هناك كافر صريح ومنافق.
وقوله تعالى (منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقين) الآية تتحدث عن الذين كانوا يعرفون علامات الرسول r من كتبهم ويعرفون صفاته ف التوراة والانجيل ثم حرّفوها وكتموا عليها فأولئك كفروا وهم يعلمون أن الرسول r حق من قبل أن يُبعث وكفروا به بعد البعثة فكان من الأنسب استخدام لفظ الفاسقين بدل الكافرين فسبحان الله تعالى ما أعظم هذا القرآن وما أعظم هذه اللغة التي بها نزل!
لمسات بيانيه
آية (114):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ (114) آل عمران) المسارعة في الخير الرغبة في الاستكثار منه والمبادرة إليه. وفيه إستعارة لطيفة تُدرّك بالتأمل والتدبر. فحرف (في) هنا استعارة تخيلية تؤذن بتشبيه الخيرات بطريق يسير فيه السائرون أما إذا قلت يسارعون إلى الخيرات فالمرء لم يبلغ بعدُ الخيرات بل يسعى لبلوغها.
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ (112) آل عمران) معنى ضرب الذلة إتصالها بهم وإحاطتها ففيه إستعارة مكنية إذ شُبِّهت الذلة وهي أمر معقول غير محسوس يقُبّة أو خيمة شملتهم وأحاطت بهم وشُبِّه اتصالها وثباتها بضرب القُبّة وشدّ أطنابها بحيث يصعب أن يتنزعوا هذه المذلة عنهم فهل يمكن أن تؤدي صورة أخرى ما أفادته هذه الصورة القرآنية الفريدة؟
آية (115):
لمسات بيانيه
*ما معنى يُكفروه في قوله تعالى في سورة آل عمران (وما يفعلوا من خير فلن يُكفروه)؟(الشيخ خالد الجندي)
قال تعالى (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)) هناك فريقان من الناس فريق اتبع الحقّ وفريق لم يؤمنوا. يُكفروه أي يُغطى عنهم أو يمنع عنهم أو يُحجب عنهم أي أن كل عمل خير تجده عند الله تعالى لكن بشرط التقوى والآية أشارت للشرطين في العمل:
لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لله تعالى (ألا لله الدين الخالص) (مخلصاً له الدين)
وما كان صحيحاً صالحاً الذي ينجي يوم القيامة.
الموضع الوحيد
ال عمران115 ( ومايفعلوا من خير)
وفي غيره (وماتفعلوا من خير)
المتشابهات
الايه 112 من ال عمران متشابهه مع البقره ايه 61
لربط الوجه 14 ب 15
(تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۗ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ) 108
(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) 109
تذكري الربط بهذه الجمله
كيف يريد الله ظلما للعالمين وحاله ان له مافي السموات ومافي الارض
——————————————————–
(١١٦-١٢١) معاني كلمات الوجه 16 من ال عمران
116لنْ تغني عنهم:لنْ تدفع عنهم أو تجزي عنهم
117فيها صِرٌّ:بردٌ شديد أو سمومٌ حارّة
117حرث قوم :زرعهم
118بِطانة:خواصَّ يستبطنون أمركم
118لا يألونكم خبالا:لا يقصِّرون في فساد دينكم
118ودُّوا ما عنتُّم:أحبّوا مشقّتكم الشديدة
119خَلوْا :مَضَوْا . أو انفرد بعضهم ببعض
119من الغيظ :أشدّ الغضب والحَنَق
121غدوت :خرجت أوّل النهار من المدينة
121تبوّئُ:تُنزِلُ وتُوطّن
121مقاعدَ للقتال:مواطن ومواقف له يوم أُحُد
تفسير مبسط للوجه 16 من ال عمران:
الآية 117: (﴿ مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ ﴾): أي: مَثَلُ ما يُنفق الكافرون في وجوه الخير (﴿ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾) (﴿ كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ ﴾): يعني: فيها بَرْدٌ شديد فـ (﴿ أَصَابَتْ ﴾) هذه الريح الباردة (﴿ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ﴾): أي: إنها هَبَّتْ على زرع قومٍ كانوا يَرجون خيره، ولكنْ بسبب ذنوبهم لم تُبْقِ الريح منه شيئًا، (وكذلك هؤلاء الكافرون لا يجدون في الآخرة ثوابًا، ولكن يُعَجِّلُ الله ثوابهم في الدنيا، حتى لا يَجعل لهم حظاً في الآخرة)، (﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾).
الآية 118: (﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً ﴾) كافرة، والمقصود ألاَّ تتخذوا الكافرين أولياء (﴿ مِنْ دُونِكُمْ ﴾): أي: من دون المؤمنين، ولا تُطْلِعوهم على أسراركم، لأنهم (﴿ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ﴾): أي: لا يُقَصِّرونَ جهداً في إفساد حالكم، و (﴿ وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ ﴾): أي: وهم يفرحون بَعَنَتِكم، يعني: بما يصيبكم من ضرر ومكروه، (﴿ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾): أي: وقد ظهرت شدة البُغض في كلامهم، (﴿ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾) مما يظهرونه لكم من الكراهية، (﴿ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ ﴾) المُتَضَمِّنة لبيان أعدائكم وأحوالهم وصفاتهم لتعتبروا (﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾) لأن العاقل هو الذي يُفرِّق بين الصديق والعدو).
الآية 119: (﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾): أي: وها هو الدليل على خطأكم في مَحبتهم، فأنتم تحبونهم وتحسنون إليهم، وهم لا يحبونكم ويحملون لكم العداوة والبغضاء، (﴿ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ﴾): أي: وأنتم تؤمنون بالكتب المُنَزَّلة كلها ومنها كتابهم، وهم لا يؤمنون بكتابكم، فكيف تحبونهم؟، (﴿ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا ﴾) (﴿ وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ﴾): أي: ظهر عليهم الغم والحزن، فعَضُّوا أطراف أصابعهم من شدة الغضب، لِمَا يرون مِن ألفة المسلمين واجتماع كلمتهم، وعزة الإسلام، وإذلالهم به، (﴿ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾).
الآية 121: (﴿ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾): أي: واذكر حين خَرَجْتَ من بيتك في الصباح، لابسًا عُدَّة الحرب، و (﴿ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ﴾): أي: وتنظم صفوف أصحابك، وتُنْزِل كل واحد في منزله للقاء المشركين في غزوة “أُحُد”، (﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ ﴾) لأقوالكم، (﴿ عَلِيمٌ ﴾) بأفعالكم).
أسباب النزول :
.- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} الْآيَةَ [118]:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يُصَافُّونَ الْمُنَافِقِينَ وَيُوَاصِلُونَ رِجَالًا مِنَ الْيَهُودِ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ وَالصَّدَاقَةِ وَالْحِلْفِ وَالْجِوَارِ وَالرَّضَاعِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ يَنْهَاهُمْ عَنْ مُبَاطَنَتِهِمْ خَوْفَ الْفِتْنَةِ مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ.
.- قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} الْآيَةَ [121]:
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ محمد الزاهد قال: أَخْبَرَنَا أَبُو علي الفقيه قال: أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم البغوي قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الحماني قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن جعفر المخزمي، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَيْ خَالِي أَخْبِرْنِي عَنْ قِصَّتِكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ: اقْرَأِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ آلِ عِمْرَانَ تَجِدْ{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا}
لمسات بيانيه
آية (117):
*ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)
كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة آل عمران (مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {117})
أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة الأعراف (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {57})
وفي سورة سبأ (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {12}) استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لأن الله سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء.
لمسات بيانيه
يأتي الضر مع فعل مسّ ومع الرحمة يأتي الفعل أذقنا فما الفرق بين المسّ والإذاقة في القرآن؟(د.فاضل السامرائى)
أولاً هذا التفريق غير دقيق فالذوق والمس يأتي للضر وغير الضر، الذوق هو إدراك الطعم والمسّ هو أي إتصال. أما كون المس يأتي مع الشر فغير صحيح لأن المس يأتي مع الرحمة أيضاً (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) المعارج) (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ (120) آل عمران) (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ (17) الأنعام) وكذلك الإذاقة تأتي مع العذاب ومع الرحمة (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) السجدة) (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا (48) الشورى) (وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) الفرقان) ليس هنالك تقييد في الاستعمال.
لمسات بيانيه
آية (118):
*ورتل القرآن ترتيلاً:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ (118) آل عمران) البِطانة بكسر الباء في الأصل داخل الثوب لكن البيان الإلهي يتخذها لتصوير حالة صديق الرجل وخصيصه الذي يطّلع على شؤونه فيكون كبطانة الثياب في شدة القرب من صديقه.
*(إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118) آل عمران) قال تعالى (تعقلون) ولم يقل تعلمون أو تفقهون؟ ألا تؤدي ذات المعنى؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إن هذه الآيات آيات فراسة وتوسّم في اختيار من يثق به الإنسان ويتخذه صديقاً لذلك عبّر عنها بالعقل لأنه أعمّ من العلم والفقه اللذين لا يكشفان حقيقة هذه الفئة.
لمسات بيانيه
مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ (117) آل عمران) تدبر هذا التمثيل القرآني ستجد أنك أمام صورة في غاية في الدقة والإحاطة بالأمور. فقوله تعالى (ظلموا أنفسهم) ليس جزءاً من الصورة لو سقط الكلام لكان المعنى تاماً لا لبس فيه لكنه صار إدماجاً في التمثيل ليُكسبه تفظيعاً وتشويهاً ولينفي ما يمكن أن يتحصل للسامع من الشفقة والرحمة على حال أصحاب الحرث الهالك
المتشابهات
{إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيط}ٌ (١٢٠)ال عمران
لضبط نهاية الأية :
( إن الله) وليست والله ، تشابهها مع أول الأية
دوران السين (تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) لضبط كلمة سيئة حتى لا يذكرها القارئ ( مصيبة)
المتشابهات
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۚ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
[آل عمران : ١١٦]
تشبه:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} [آل عمران : ١٠]
متشابهات
وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)
لضبط نهاية الأية تشابهها مع أولها (والله )وليست إن الله
ولضبط الأية السابقة مع الأية التى تليها وهى فى بداية الصفحة التالية وهى قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١٦)
الضبط من خلال المعنى أو المقابلة بين صنفين من البشر وهم أهل الإيمان وأهل الكفر حيث :
الأية ١١٥ الله لا يضيع عمل المؤمنين فما يفعلوا من خير لن يُكفروه
الأية ١١٦: على الجانب الأخر الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً وأن الله سيُحبط عملهم حيث أن مثل ما ينفقون أى يعملون من أعمال الخير كمثل ريح …. إلى أخر الأية
الضبط من خلال مقابلة الأيات
الموضع الوحيد
{ِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُون}َ
ال عمران:١١٨،الشعراء:٢٨
وفي غيرهما (لعلكم تعقلون)
كما فى الأية ٢٤٢ البقرة ، ٦١ النور ، ١٧ الحديد
الموضع الوحيد
{ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }
ال عمران ١١٧
وفي غيره (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)
الموضع الوحيد
{هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ }.
ال عمران: ١١٩
وفي غيره (هاأنتم هؤلاء )
إضاءات
١. لايغني عن المرء مال ولا ولد متى ظلم وتعرض لنقمة الله تعالى.
2- أهل الكفر هم أهل النار وخلودهم فيها محكوم به مقدّر عليهم لا نجاة منه.
3- بطلان العمل الصالح بالشرك والموت على الكفر.
5-حرمة اتخاذ مستشارين وأصدقاء من أهل الكفر عامّة وحرمة إطلاعهم على أسرار الدولة الإِسلامية، والأمور التي يخفيها المسلمون على أعدائهم لما في ذلك من الضرر الكبير.
6- بيان رحمة المؤمنين وفضلهم على الكافرين.
7- بيان نفسيات الكافرين وما يحملونه من إرادة الشر الفساد للمسلمين.
8-الوقاية من كيد الكفار ومكرهم تكمن في الصبر والتجلد وعدم إظهار الخوف للكافرين ثم تقوى الله تعالى بإقامة دينه ولِزوم شرعه والتوكل عليه، والأخذ بسننه في القوة والنصر..
————————————
(122/132)
معاني كلمات الوجه 17
122أن تفشلا:تجْبُنا وتضْعُفا عن القتال
123أذلّةٌ:بقلّة العدد والعُدّة
124أن يمِدّكم:يقوّيكم ويعينكم يوم بدر
125يأتوكم:أي المشركون
125فورهم هذا:ساعتهم هذه بلا إبطاء
125مسوّمين:مُعلنين أنفسهم أو خيلهم بعلامات
127ليقطع طرفا:ليُهلِك طائفة
127يكبِتهم:يُخزيهم ويغمّهم بالهزيمة
130مضاعفة:كثيرة وقليل الرّبا ككثيره حرام
تفسير مبسط للوجه 17
الآية 122: (﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ ﴾) وهم بنو سَلِمة وبنو حارثة، (﴿ أَنْ تَفْشَلَا ﴾): يعني: فقد حدثتهم أنفسهم بأن يَجْبنوا، ويَهربوا من القتال، ويرجعوا مع زعيمهم المنافق (عبد الله بن أُبَيٍّ) خوفًا من لقاء العدو، (﴿ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ﴾): أي: ولكنَّ اللهَ عَصَمَهُم وحَفظهم وثَبَّتَهم، فساروا معك متوكلين على الله، (﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾).
واعلم أن التوكل على الله: هو الأخذ بالأسباب – تعبُّداً لله تعالى – لأنه هو الذي أمرنا بذلك، ولكنْ مع الاعتماد على الله وحده، ومع الاعتقاد الجازم بأنّ كل شيء بيده سبحانه وتعالى، فلا يُعَلِّقُ العبد قلبه بالأسباب أبداً، وإلاَّ، فإنَّ هناك مَن يأخذ بنفس الأسباب ورغم ذلك يفشل في قضاء حوائجه، فالتوفيق كله بيد الله تعالى، فهو سبحانه الذي يُيَسِّرُ لعبده الأمور، وهو الذي يُلهمه أسباب الرشاد، ويُسَخِّر له مَن يُرشده للصواب، ويُهيئ له الأسباب الصالحة والأوقات المناسبة لقضاء حاجاته ومصالحه، وهو الذي يُسَخِّر قلوب العباد لخدمة المتوكلين عليه، إذ إنَّ قلوب العباد بين يديه سبحانه، قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلبٍ واحد، يُصَرِّفه حيث شاء) (والحديث في صحيح الجامع برقم: 2141)، (فهو سبحانه المتصرف في الأمور كلها)، قال تعالى – في شأن العبد التَقِيّ -: ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾، وقال أيضاً – في شأن العبد الشَقِيّ -: ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾.
⭐الآية 123: (﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾): أي: وأنتم ضعفاء، قليلوا العَدَد والعُدَة، (﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾).
⭐الآية 124، والآية 125: (﴿ إِذْ ﴾): أي: اذكر ما حدث في بدر حينَ (﴿ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾) – عندما بَلَغَهُم أثناء المعركة أن “كرز بن جابر المُحاربي” يريد أن يَمُدّ المشركين برجاله ليقاتلوا معهم، فشَقَّ ذلك على أصحابك، فقلتَ لهم -: (﴿ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴾) مِن السماء إلى أرض المعركة، يُثبِّتونكم، ويقاتلون معكم؟، (﴿ بَلَى ﴾): أي: يَكفيكم هذا المَدَد، وهناك بشارة أخرى، وهي أنكم (﴿ إِنْ تَصْبِرُوا ﴾) على لقاء العدو (﴿ وَتَتَّقُوا ﴾) اللهَ في جميع أحوالكم، فتفعلوا ما يُرضيه وتنتهوا عما يُسخِطه، (﴿ وَيَأْتُوكُمْ ﴾) أي: مَدد المشركين (﴿ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا ﴾): أي: على الفور مُسرعين لقتالكم (يظنون أنهم سوف يستأصلونكم)، فحينئذٍ سوف (﴿ يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ﴾) (﴿ مُسَوِّمِينَ ﴾): أي: إن هؤلاء الملائكة قد عَلَّموا أنفسهم وخيولهم بعلاماتٍ واضحات).
فلما قعد “كرز” عن إمداد قريش بالمقاتلين: لم يَمُدّ اللهُ تعالى رسوله والمؤمنين بهذا العدد من الملائكة، لأنه سبحانه وعدهم أن يَمُدَّهم بذلك العدد في حالة مَجيء هذا المَدد المُشرك مِن فورهم مُسرعين، فلما لم يأتوا: لم يَزدهم الللهُ على الألف التي أمَدَّهم بها عندما استغاثوه في أول المعركة، كما قال تعالى في سورة الأنفال: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ﴾.
⭐الآية 126، والآية 127، والآية 128: (﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ ﴾): أي: وما جعل الله هذا الإمداد بالملائكة يوم بدْر (﴿ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ﴾) (﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾)، وقد جعل تعالى ذلك النصر (﴿ لِيَقْطَعَ طَرَفًا ﴾): أي: لِيَهْلِكَ فريقًا (﴿ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾) بالقتل، (﴿ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ ﴾): يعني: ويجعل مَن نَجا منهم – من القتل – يرجع حزينًا، قد ضاقت عليه نفسه، يَظْهر عليه الخِزي والعار، ثم قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:(﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾): أي: ليس لك مِن أمْر العباد شيء، بل إنّ الأمر كله لله تعالى وحده لا شريك له، (﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾): أي: ولعل بعض هؤلاء الذين قاتَلوك تنشرح صدورهم للإسلام فيُسلِموا، فيتوب الله عليهم، وقد كان، فيَكفيك إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد (الذي كان أحد أسباب هزيمة المسلمين في غزوة “أحد”)، (﴿ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾): يعني: ومَن بَقي على كُفره منهم بعد أن نَجا من القتل، فإن الله يعذبه في الدنيا والآخرة بسبب ظلمه وكفره).
واعلم أن الجملة: ﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ هي معطوفة على الجملة: ﴿ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ ﴾، يعني: كأنّ الله تعالى أراد أن يقول: (وقد جعل تعالى ذلك النصر لِيَقْطَعَ فريقًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالقتل، أَوْ يَكْبِتَ مَن نجا منهم فَيَنْقَلِبُوا إلى أهلهم خَائِبِينَ يَظْهر عليه الخزي والعار، أَوْ يَتُوبَ عَلَي مَن شاء منهم، أَوْ يُعَذِّبَ مَن بَقي منهم على كُفره فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)، وبهذا تكون الجملة: (﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾): هي جملة اعتراضية بين الجملتين، للتأكيد على أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له من أمر العباد شيئ، فلا يَملك لهم ضراً ولا نفعاً، فكيف بمَن هو دونَهُ صلى الله عليه وسلم؟!، فلذلك لابد أن يعلم العبد أنه لا يُقصَدُ في الدعاء، وقضاء الحوائج إلا الله تبارك وتعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله) (والحديث في صحيح الجامع برقم: 7957).
لمسات بيانيه
آية (132):
* لماذا يرد في القرآن أحياناً أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأحياناً أخرى يرد وأطيعوا الله والرسول؟(د.فاضل السامرائى)
في القرآن قاعدة عامة وهي أنه إذا لم يتكرر لفظ الطاعة فالسياق يكون لله وحده في آيات السورة ولم يجري ذكر الرسول r في السياق أو أي إشارة إليه كما جاء في سورة آل عمران (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {132}). والأمر الآخر أنه إذا تكرر لفظ الطاعة فيكون قطعياً قد ذُكر فيه الرسول في السياق كما في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {59} النساء) و (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {54} النور) وهذا ما جرى عليه القرآن كله كقاعدة عامة.
لمسات بيانيه
آية (129):
*ما دلالة تقديم وتأخير (يغفر) في قوله تعالى (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129) آلعمران) (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) المائدة) ؟
د.حسام النعيمى :
لو نظرنا في الآيات سنجد أن تقديم المغفرة على العذاب هو الأصل لأنه (كتب ربكم على نفسه الرحمة) وفي الحديث في صحيح البخاري “رحمتي سبقت غضبي” لكن في الآية 40 في سورة المائدة؟ هذا الأمر يتعلق بقطع اليد (والسارق والسارقة)قدّم العذاب لأن الكلام في البداية كان على عذاب ثم على مغفرة فلا بد أن يتقدم العذاب ولو عسكت لما إستقام الكلام. بينما الأماكن الأخرى الكلام كان إعتيادياً على مغفرة الله تعالى وعذابه فدائماً يقدم الرحمة ويردف بالعذاب يقدم الرحمة ترغيباً للمطيعين ويؤخر العذاب ويذكره تحذيراً من المعصية.
لمسات بيانيه
ما اللمسة البيانية في التقديم والتأخير في آية (10)الأنفال وآية (126) آل عمران؟
د.فاضل السامرائى:
قال تعالى في سورة الأنفال (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {10} ) وفي سورة آل عمران (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ {126}) لماذا جاءت قلوبكم مقدّمة على به في الأنفال ومتأخرة في آل عمران؟ يجب أن نرى أولاً سياق الآيات في السورتين، سياق آية آل عمران فيه ذكر لمعركة بدر وتمهيد لمعركة أحد وما أصاب المسلمون من حزن وقرح والمقام مقام مسح على القلوب وطمأنة لها (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139} إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140}) وغيرها من آيات التصبير والمواساة وخصص البشرى بهم (بشرى لكم) وبه تعود على الإمداد السماوي لذا قدّم القلوب (قلوبكم) على (به) لأن المقام مقام تصبير ومواساة والكلام مسح على القلوب. أما في آية الأنفال قدّم (به) على (قلوبكم) لأن الكلام على الإمداد السماوي الذي هو محور آيات سورة الأنفال وكذلك لم يخصص البشرى وجعلها عامة (وما جعله الله إلا بشرى).
لمسات بيانيه ):
* ما فائدة (قد) مع الفعل الماضي هل تفيد التأكيد؟(د.فاضل السامرائى
(قد) تفيد التحقيق والتحقيق لا ينفك عنها إذا دخلت على الماضي وأحياناً يجتمع معها التقريب والتوقّع. التحقيق لا ينفك، لا محالة واقع إذا دخلت على الماضي وقد يكون مع التحقق التقريب أو التوقّع أو تجتمع كلها لكن يبقى التحقيق معها. (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ (26) الأعراف) (قد) هنا لا فيها توقّع من بني آدم ولا فيها تقريب لكن فيها معنى التحقيق. (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ (123) آل عمران) فيها توقّع لأن الله تعالى وعدهم بالنصر (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ (7) الأنفال) وفيها تقريب. التحقيق لا يفارق (قد). إذا دخلت على الفعل المضارع قد يكون للتحقيق والتكثير. (قد) حرف وإعرابها حرف تحقيق مبني (سائر الحروف مبنية).
ربط الايتين128،129
كيف يظلم الله وهو الذي له مافي السموات ومافي الارض وبيده المغفره والعذاب سبحانه
هذه الآية 130 التي تتحدث عن الربا، وسياق الآيات جميعاً يتحدث عن غزوة أحد، فإدخال هذه الآية في وسط الآيات التي تتحدث عن أحد هل له وجه يظهر لنا؟ هل يمكن أن نستشف من هذا شيئاً؟ ما وجه الارتباط في المعنى؟
حينما ذكر الله -عز وجل- آيات الصيام ثم ذكر في أثنائها {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [(186) سورة البقرة] قال العلماء: إن للصوم مزية وللدعاء تعلق خاص بالصيام أو برمضان لوجود ليلة القدر مثلاً، أو لأن للصائم دعوة مستجابة؛ لذلك دخلت آية الدعاء بين آيات الصيام.
ووجه ذكر معصية التعامل بالربا أثناء الحديث عن غزوة أحد يمكن أن يكون سببه ذكر المعصية التي سببت الهزيمة.
ويمكن أن يقال أيضاً: إن الربا حرب لله ولرسوله كما قال تعالى في الآية الأخرى: {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] فالمواطن التي يُتعاطى فيها الربا هي قلاع لحرب الله ورسوله، والمشتغلون الموظفون فيها هم جنود في تلك القلاع يحاربون الله ورسوله، فإذا كان ذلك موجوداًَ في المجتمع، فكيف ينتظر النصر من يحارب الله ورسوله؟، فهذه الهزيمة التي وقعت وما ذكر من أسباب النصر ذُكر في أثنائه الربا الذي خصه الله -عز وجل- من بين سائر الذنوب بأنه حرب لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- والله أعلم..
لمسات بيانيه
لِمَ عبّر الله تعالى عن الثقة والأمان بقوله (ولتطمئن قلوبكم)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
في هذه الكلمة من الدلالة ما يقصر غيرها من الكلمات عن التعبير. فسكون القلب يعني عدم اضطراب نبضات القلب الناجم عن الخوف والهلع وإذا كان القلب طبيعياً بنبضاته فهذا يعني أن الإنسان في حال أمن وكأنه خارج إطار الحرب بل هو في دار سلام وأمن.
المتشابهات
(فينقلبوا خائبين) اول ال عمران127
وفي غيره (فتنقلبوا خاسرين)
المتشابهات
(أطيعوا الله والرسول) ال عمران 32 ؛132
وفي غيرهما(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)
المتشابهات
الايه 123 متشابهه مع التوبه25
المتشابهات
الايه 126ال عمران مع الانفال 10
المتشابهات
الايه 132 ال عمران متشابهه مع النور 56
هداية الآيات:
1- فضيلة الصبر والتقوى وأنهما عدة الجهاد في الحياة.
2- استحسان التذكير بالنعم والنقم للعبرة والاتعاظ.
3- ولاية الله تعالى للعبد تقيه مصارع السوء، وتجنبه الأخطار.
4- تقوى الله تعالى بالعمل بأوامره واجتناب نواهيه هي الشكر الواجب على العبد.
5-بيان سبب هزيمة المسلمين في أحد وهو عدم صبرهم وإخلالهم بمبدأ التقوى إذ عصى الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلوا من الجبل يجرون وراء الغنيمة هذا على تفسير أن الوعد بالثلاثة آلاف وبالخمسة كان بأحد، وكان الوعد مشروطاً بالصبر والتقوى فلما لم يصبروا لم يتقوا لم يمدهم بالملائكة الذين ذكر لهم.
6- النصر وإن كانت له عوامله من كثرة العدد وقوة العدة فإنه بيد الله تعالى فقد ينصر الضعيف ويخذل القوى، فلذا وجب تحقيق ولاية الله تعالى أولاً قبل إعداد العدد. وتحقيق الولاية يكون بالإِيمان والصبر والطاعة التامة لله ولرسوله ثم التوكل على الله عز وجل.
7- ثبوت قتال الملائكة مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر قتالاً حقيقياً، لأنهم نزلوا في صورة بشر يقاتلون على خيول، وعليهم شاراتهم وعلاماتهم، ولا يقولنّ قائل: الملك الواحد يقدر على أن يهزم ملايين البشر، فكيف يعقل اشتراك ألف ملك في قتال المشركين وهم لا يزيدون عن الألف رجل، وذلك أن الله تعالى أنزلهم في صورة بشر فأصبحت صورتهم وقوتهم قوة البشر، ويدل على ذلك ويشهد له أنّ ملك الموت لما جاء موسى في صورة رجل يريد أن يقبض روحه ضربه موسى عليه السلام ففقأ عينه، وعاد إلى ربّه تعالى ولم يقبض روح موسى عليهما معاً السلام. من رواية البخارى.
8- استقلال الرّب تعالى بالأمر كله فليس لأحد من خلقه تصرف في شيء إلا ما أذن فيه للعبد.
9- الظلم مستوجب للعذاب ما لم يتدارك الرب العبد بتوبة فيتوب ويغفر له ويعفو عنه.
10- حرمة أكل الربا مطلقا ً مضاعفاً كان أو غير مضاعف.
11- وجوب التقوى لمن أراد الفلاح في الدنيا والآخرة.
12- وجوب اتقاء النار ولو بشق تمرة.
13-وجوب طاعة الله ورسوله للحصول على الرحمة الإِلهية وهي العفو والمغفرة ودخول الجنة.
——————————
(١٣٣-١٤٠)
معاني كلمات الوجه (١٨)من آل عمران
134السرّاء والضرّاء:اليسر والعسر
134الكاظمين الغيظ:
الحابسين غيظهم في قلوبهم
135فعلوا فاحشة:معصية كبيرة متناهية في القُبح
137خلت:مضت وانْقضت
137سننٌ:وقائع في الأمم المُكذّبة
139لا تهِنوا:لا تضعفوا عن قتال أعدائكم
140قرْحٌ:جراحة يوم أُحُدْ
140قرحٌ مثله:يوم بدر
140نداولُها:نصرّفُها بأحوالٍ مُختلفة
تفسير مبسط للوجه 18 من ال عمران
الآية 133، والآية 134: ﴿ وَسَارِعُوا ﴾ بطاعتكم لله ورسوله ﴿ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ﴾ واسعةٍ ﴿ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾، وهم ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ ﴾ أموالهم ﴿ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾: يعني: في حال يُسرهم، وكذلك في حال عُسرِهم، ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾: أي: والذين يُمسكون ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر.
واعلم انَّ أفضل وسيلة لكظم الغيظ وطرد الغضب بإذن الله تعالى هي:
أولاً: (أن تُكثِر – وبقوة – من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، بشرط أن تقول الاستعاذة بصِدق اللُّجوء إلى الله تعالى، وطلب العِصمة والحِفظ منه سبحانه).
ثانياً: (احتقار النفس، وعدم رؤيتها وتعظيمها، لأنها عاصية لله تعالى، بمعنى أن تكره نفسك العاصية، لأنها هي التي أوقعتك في الذنوب والمعاصي، وهي التي جَرَّأتكَ على حُرُمات ربك، وهي السبب فيما أنت فيه من البلاء، فلذلك هي لا تستحق أن تَغضب لها، ولا أن تَنتصر لها، لأنها أخَسّ وأحقر مما قيل فيها، فلذلك تقول لها: (مَن أنتِ حتى أدافع عنكِ) (لا شيء)، وكذلك تتذكر أنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يغضب لنفسه، فهل تغضبُ لها أنت؟!).
ومِن لَطيفِ ما يُذكَر أنّ أحد الدُعاة كانَ إذا قيل له: (إنَّ فلاناً قد قال في حقك كذا وكذا) – مع أن هذا الفعل خاطئ، لأن الله تعالى يقول: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ﴾ (الإسراء: 53) – المهم أن هذا الداعية كان إذا قيل له ذلك، تذكَّرَ احتقاره لنفسه، فكان يقول: (أنا في الوَحْل والطين، دَعْكَ مِنِّي)، وهذه نقطة هامة جداً، لأنّ تذكُّر حَقارة النفس عند الغضب، يَجعلك تتحكم في أعصابك، حتى تكون ردود أفعالك مُنضبطة.
﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾: أي: والذين إذا قَدَروا أن يعاقبوا مَن ظلمهم: عَفَوا عنه، لأنهم يعلمون أن الله يَغفرُ لهم ما فعلوه في حقه، فلماذا لا يغفرون هم ما يفعله الخلق في حقهم؟!، كما قال تعالى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ ﴾؟، ولكنْ بشرط أن تكون نتيجة هذا العفو: إصلاحٌ، كما قال تعالى: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾، بمعنى أنك إذا وجدتَ هذا الشخص (الذي قد عفوتَ عنه) يَتمادى في الإساءة والإيذاء، فهذا لا ينفع معه العفو، لأنه يظن بذلك أنك ضعيف، ولا يَفهم أنك تعفو عنه لله، فهذا من الممكن أن تقول له: (الله يسامحك)، ولكنْ تقولها له بشدة، وبِوَجْهٍ غاضب، وذلك لأنّ تغيُّر الوجه بالغضب عند قوْل كلمة: (الله يسامحك)، يُوحي لمَن أمامك بأنك قادرٌ على مُعاقبته، وإنما يمنعك من ذلك خوفك من الله، وكذلك تُعَلِّم ابنك الصغير أن يفعل ذلك – أي: قوْل: (الله يسامحك) بوجهٍ غاضب – مع أصدقائه إذا شتموه، أو أهانوه.
وأما الذي ينفع معه العفو فهو الذي – إذا عفوتَ عنه – يتوقف عن ظلمه وأذاه وإساءته، ويَعتبر أنّ عفوك هذا جميلٌ يحمله في رقبته إلى يوم القيامة.ومِن لَطيفِ ما يُذكَر أن أحد الناس كانَ قد التقى في العُمرة بأحد الأشخاص الذين ظلموه وآذوه أشد الإيذاء، فقال له ذلك الشخص الظالم: (سامحني)، فقال له: (لا أستطيع أن أسامحك بعد كل ما فعلته معي، لا أقدر)، ثم لمَّا طاف شوطاً بالكعبة: لَقِيَهُ مرة أخرى أمامه، فقال له: (اعلم أنني قد سامحتك حتى يسامحني الله، وإلاَّ، فماذا سأستفيد أنا إذا أنت دخلتَ جهنم؟)، وكانَ أحد الناس يقول لِخُصومه (الذين اغتابهم وآذاهم): (إن لم تسامحوني، فأنا أشْهِدُ اللهَ أنني قد سامحتكم فيما كان منكم في حقي)، فكان بذلك يُرَقق قلوبهم، فيسامحوه.
﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾: يعني: وهذا هو الإحسان الذي يحب الله أصحابه).
الآية 135: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ﴾: أي: ارتكبوا ذنبًا كبيرًا، ﴿ أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ بارتكاب صغائر الذنوب: ﴿ ذَكَرُوا اللَّهَ ﴾: أي: ذكروا وَعْدَ اللهِ ووعيده، فتذكروا أنهم قد يُحرَمون من الجنة إذا خُتِمَ لهم بذلك، وماتوا على المعاصي مِن غير توبة، وتذكروا أنهم لا يتحملون أقلّ قدْر من عذاب الله، وهو لِبس النعلين الذين تغلي الدماغ من شدة حَرّها وسخونتها، فعندما تذكروا ذلك، وخافوا عقاب الله، وخافوا حرمانهم من نعيم الجنة: ﴿ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ﴾: أي: فلجأوا إلى ربهم تائبين، مستغفرين نادمين، يطلبون منه أن يغفر لهم ذنوبهم، ﴿ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾: أي: وهم موقنون أنه لا يغفر الذنوب إلا الله، فليسَ لأحدٍ من البشر أن يَدَّعِي أنّ معه (صَكّ غفران) يغفر به الذنوب، وإلاَّ، فليَغفر ذنوبه هو، ﴿ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا ﴾، واعلم أن الإصرار: هو البقاء على المخالفة، والعزم على المعاودة، كأن ينوي أن يفعل معصية معينة في الأسبوع القادم، فهذا ليس بتائب، وليس من المتقين، ﴿ وَهُمْ ﴾ – أي: المتقون – ﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ أنهم إن تابوا بصِدق: تاب الله عليهم).
الآية 137: ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ ﴾: يخاطب الله المؤمنين لـمَّا أُصيبوا يوم “أُحُد” تَعْزِيَةً لهم بأنّ سُنَن الله تعالى قد مضت في أممٍ قبلكم، فابتُلِيَ المؤمنون منهم بقتال الكافرين، فكان النصر في النهاية للمؤمنين، وإن شَكَكْتم في ذلك: ﴿ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ﴾ بأبدانكم وقلوبكم، وتأملوا في الهالكين كعادٍ وثمود، وفي ديارهم ﴿ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾، فإنكم لن تجدوهم إلا مُعَذَّبين بأنواع العقوبات الدنيوية، قد خَوَت ديارهم، وذهب عِزُّهم ومُلْكُهم، وزالَ بَذَخُهم وفخرهم، أليس في هذا أعظم دليل على صِدْق ما جاءت به الرُسُل؟).
الآية 138: ﴿ هَذَا ﴾ القرآن ﴿ بَيَانٌ لِلنَّاسِ ﴾: أي: يتبينون به الحق من الباطل، والهدى من الضلال، ﴿ وَهُدًى ﴾: أي: وإرشاد إلى طريق الحق، ﴿ وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾: أي: وتذكيرٌ تَخْشَع له قلوب المتقين، وهم الذين يخشون الله تعالى، وقد خُصُّهم الله بتلك الموعظة لأنهم هم المنتفعون بها دون غيرهم).
ولذلك نلاحظ أن الله تعالى عندما يذكر فضائل القرآن ومنافعه، فإنه يخص بها عباده المؤمنين، وعباده المتقين، كما قال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾، وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ ، أما عندما ذكَرَ سبحانه فوائد العسل قال: ﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ﴾ .
الآية 139: ﴿ وَلَا تَهِنُوا ﴾: أي: ولا تضْعُفوا – أيها المؤمنون – عن قتال عدوكم، ﴿ وَلَا تَحْزَنُوا ﴾ لِمَا أصابكم في” أُحُد”، ﴿ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ﴾: أي: وأنتم الغالبون والعاقبة لكم ﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ بالله، ومطيعين له ولرسوله).
الآية 140: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ﴾: يعني: إن أصابتكم أيها المؤمنون جِراح وقتل في غزوة “أُحُد” فحزنتم لذلك، فقد أصاب المشركين جراح وقتل مثل ذلك في غزوة “بدر”، ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾: أي: وتلك الأيام يُصَرِّفها الله بين الناس (نصرٌ مَرة وهزيمة مَرة)، لِما في ذلك من الحكمة، ﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾: أي: وحتى يظهر ما علمه الله في قديم الأزل، ليتميَّز المؤمن الصادق مِن غيره، ﴿ وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ﴾: يعني: ولِيُكْرِمَ أقوامًا منكم بالشهادة، ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ لأنفسهم، الذين قعدوا عن القتال في سبيله
لمسات بيانيه
آية (140):
*ما دلالة ذكر وحذف اللام فى آيتى آل عمران (140-141)؟(د.فاضل السامرائى)
في قوله تعالى (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) آل عمران) هذه معطوفة(وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) آل عمران) إحداها فيها لام والأخرى ليس فيها لام، قسم فيها عطف. الذي فيه لام يكون أقوى وآكد(وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء) أيُّها الأكثر يعلم الله الذين آمنوا أو يتخذ شهداء؟ يعلم الله الذين آمنوا أكثر. (وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) أيُّ الأكثر تمحيص الذين آمنوا أو محق الكافرين؟ تمحيص الذين آمنوا فجاء باللام والأخرى لم يذكر فيها اللام، هذا المتعلق بالآية. وعندنا قاعدة الذكر آكد من الحذف.
لمسات بيانيه
آية (134):
*(ورتل القرآن ترتيلاً):
فى قوله تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ (134) آل عمران) الكظم: لغة الإخفاء والإمساك وهو مأخوذ من كظم القِربة إذا ملأها وأمسك فمها
وعلى هذا تكون الآية تمثيلاً رائعاً بحق الخُلُق العظيم من جهتين: أولاً إخفاء الغضب من جهة وثانياً إمساكه عند وصوله حد الإمتلاء تماماً كالماء إذا خيف أن يظهر من القربة وهي هنا النفس الغاضبة.
المتشابهات
آل عمران 138 – ( هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) .
تشبه:
البقرة – 66 ( فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ).
المائدة – 46 ( …. وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) .
النور – 34 ( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ).
المتشابهات
(فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) سورة آل عمران/ الآية: 137
(فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) سورة النحل/
الآية: 36
المتشابهات
وَاللّهُ يُحِبّ الْمُحْسِنِين َ
الآية: { 148 ،134 }
من آل عمران
المتشابهات
136 – ( أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) .
تشبه:
العنكبوت – 58 ( وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) .
الزمر – 74 ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)
. المتشابهات
والله يحب / والله لا يحب
ضبط نهاية الأيات من خلال المعنى :
الأية 134 : صفات المحسنين توجب حب الله لهم : ضبط لفظة يحب وليست (لا يحب) والصفات المذكورة خاصة بالمحسنين (وليست بالصابرين)
الأية 140 : تداول الإيام لإستبدال الظالمين بالعادلين : إشارة ضمنية إلى الظالمين بلفظة تداول الإيام فكانت نهاية الأية (والله لا يحب الظالمين)
المتشابهات
وسارعوا / وسابقوا
(سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين) سورة آل عمران/الآية: 133
(سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين امنوا بالله ورسله) سورة الحديد/ الآية: 20
سارعوا بها راء مثل أسم السورة
السموات جمع وهى فى السورة الأطول
المتشابهات
{هذا بيان للناس}
آل عمران :138
تشبه:
{هذابلاغ للناس}
ابراهيم:52
هداية الايات:
1- و جوب تعجيل التوبة وعدم التسويف فيها لقوله تعالى: {سارعوا}.
2- سعة الجنة، وانها مخلوقة الآن لقوله تعالى: {أُعدت}.
3- المتقون هم أهل الجنة وورثتها بحق.
4- فضل استمرار الانفاق في سبيل الله، ولو بالقليل.
5- فضيلة خلة كظم الغيظ بترك المبادرة إلى التشفى والانتقام.
6- فضل العفو عن الناس مطلقا مؤمنهم وكافرهم بارهم وفاجرهم.
7- فضيلة الاستغفار وترك الإِصرار على المعصية للآية ولحديث: «ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة». رواه الترمذى وابو داود. وحسنه ابن كثير.
8- في آيات القرآن الهدي والبيان والمواعظ لمن كان من أهل الإِيمان والتقوى.
9- أهل الإِيمان هم الأعلون في الدنيا والآخرة.
10-الحياة دول وتارات فليقابلها المؤمن بالكر والصبر.
11- الفتن تمحص الرجال، وتودي بحياة العاجزين الجزعين.
———————————————————
(141/148)
معاني كلمات الوجه 19 من ال عمران
141لمحِّص:ليُصفي ويُطهّر من الذنوب
141يمحق:يُهلك ويستأصل
145كتابا مُؤجلاً:مؤقتا بوقت معلوم
146كأيّن من نبيّ:كم من نبيّ – كثير من الأنبياء
146رِبّيون:علماء فقهاء أو جموع كثيرة
146فما وهنوا:فما عجزوا أو فما جبُنوا
146ما استكانوا:ما خضعوا أو ذلّوا لعدوّهم
تفسير مبسط للوجه 19
141: ﴿ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾: أي: وقد كانت هذه الغزوة اختبارًا وتصفية للمؤمنين من ذنوبهم وعيوبهم، المنافقين المُخالطين لهم، ﴿ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾: أي: بإذهابهم وإنهاء وجودهم، فإنّ هذا الدرس قد نفع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد، فلم يخرجوا عن طاعة نبيهم، وبذلك توالت انتصاراتهم حتى أذهبوا ريح الكفر والكافرين من أرض الجزيرة العربية كلها، بل وخارج الجزيرة، فالفتوحات التي فتحها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغرب والشرق لم يفتحها غيرهم مِمَّن جاء بعدهم (لا من التابعين ولا من غيرهم)، وهذا إنجازُ وَعْدِ الله تعالى لهم في قوله: ﴿ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
الآية 142: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ﴾ دونَ أن تُبْتَلُوا بالقتال والشدائد؟ ﴿ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ﴾: أي: ولابُدَّ أن تبتلوا بذلك حتى يعلم الله – عِلماً ظاهراً للخلق – المُجاهدين منكم في سبيله، ﴿ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ على مقاومة الأعداء.
الآية 143: ﴿ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ﴾: يعني: ولقد كنتم تتمنون لقاء العدو، لتنالوا شرف الجهاد والاستشهاد (الذي ناله إخوانكم في غزوة “بدر”)، ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ ﴾: يعني: مِن قبل أن تلقوا الموتَ، وتروهُ أمام أعيُنِكم في غزوة “أُحُد”، ﴿ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾: يعني: فها هو ذا قد حصل لكم الذي تمنيتموه وطلبتموه، فقاتِلوا واصبروا).
الآية 144: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾: أي: إنه مِثل باقي الرسل، مهمتهم واحدة، وهي تبليغ رسالات ربهم وتنفيذ أوامره، ليسوا بمُخلَّدين، وليس بقاؤهم شرطاً في امتثال أوامر الله، بل الواجب على الأمم عبادة ربهم في كل وقت وبكل حال، ﴿ أَفَإِنْ مَاتَ ﴾ بانقضاء أجله، ﴿ أَوْ قُتِلَ ﴾ كما أشاع الأعداء: ﴿ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ﴾: أي: رجعتم عن دينكم وتركتم ما جاءكم به نبيكم؟، ﴿ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ﴾، إنما يَضر نفسه ضررًا عظيمًا، أما مَن ثبت على الإيمان وشكر ربه على نعمة الإسلام، فإن الله يشكر له سَعْيَهُ وعمله، ﴿ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ أحسن الجزاء).
الآية 145: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ وَقَدَره، فقد كتب تعالى ذلك ﴿ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾: وهو اللوح المحفوظ الذي كُتِبَت فيه آجال الناس بمواقيتها، فلا تتقدم عنه ولا تتأخر، ﴿ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا ﴾: يعني: ومَن يطلب بعمله عَرَض الدنيا والثناء من الناس، نُعطِهِ ما قسمناه له مِن رِزق، وليسَ له حظَّ في الآخرة، ﴿ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ﴾: يعني: ومَن يطلب بعمله ثوابَ الله في الآخرة، نؤته جزاءه وافرًا في الآخرة، مع ما لَه في الدنيا مِن رزقٍ مقسوم، فهذا قد شَكَرَنا بطاعته وجِهاده، ﴿ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ خير الجزاء).
الآية 146، والآية 147: ﴿ وَكَأَيِّنْ ﴾: يعني: وَكَم ﴿ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ﴾﴿ ﴾: يعني: قاتل معهم جُموعٌ كثيرة مِن أتباعهم الصالحين، ﴿ فَمَا وَهَنُوا ﴾: يعني: فما ضعفوا نفسياً ولا قلبياً ولا إيمانيا ﴿ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ مِن قتلٍ وجِراح، ﴿ وَمَا ضَعُفُوا ﴾: يعني: وما عَجَزوا جسدياً عن مقاتلة الأعداء بعد ذلك، ﴿ وَمَا اسْتَكَانُوا ﴾: أي: ولا خضعوا لعدوهم، إنما صبروا على ما أصابهم، ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾، ﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ ﴾ في أثناء المعركة ﴿ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ﴾ فلا تخذلنا أثناء القتال بسببها، ﴿ وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا ﴾: أي: واغفر لنا ما وقع منا مِن تجاوُز في أمْر ديننا، ﴿ وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ﴾ حتى لا نَفِرَّ من قتال عَدُوِّنا، ﴿ وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ الذين جحدوا وحدانيتك ونُبُوَّة أنبيائك).
الآية 148: ﴿ فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا ﴾ وذلك بالنصر على أعدائهم، وبالتمكين لهم في الأرض، ﴿ وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ ﴾: أي: وآتاهم الجزاء الحسن العظيم في الآخرة، وهو رضوانه الذي أحَلَّهُ عليهم وهم في جنات النعيم المقيم، الذي قد سَلَمَ مِن جميع المُنَكِّدات والمُنَغِّصات، ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ الذين أحسنوا عبادتهم لربهم، وأحسنوا معاملة خلقه).
لمسات بيانيه
*(وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) آل عمران) لقد جمعت الآية بين الضعف والوهن وهما متقاربتان تقارباً يبلغ حد الترادف فهل يمكن الاستغناء عن أحدهما دون الآخر؟(ورتل القرآن ترتيلا
لمسات بيانيه
*(إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ (140) آل عمران) انظر كيف استطاعت ابلاغة القرآنية أن تنقص من قدر المصيبة على المؤمنين. فأين تكمن البلاغة في هذه الآية التصويرية؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
لقد عبّر الله تعالى عن المصيبة بقوله (يمسسكم) ولم يقل يصبكم لأن المسّ أصله اللمس باليد فيكون أمراً سطحياً لا يخترق الجسد خلاف الفعل يصبكم الذي يفيد اختراق القرح إلى داخل الجسد وهذا مؤذن بالتخفيف. ثم صور الهزيمة بالقرح أي الجرح وهو هنا مستعمل في غير حقيقته فيكون بذلك إستعارة للهزيمة إذ لا يصح أن يراد بها الحقيقة لأن الجراح التي تصيب الجيش لا يُعبأ بها إذا كان معها النصر ناهيك عن أن تصوير الهزيمة بالقرح مؤذن بالشفاء منه.
من اسباب النزول
قوله (وَما مُحمَّدٌ إِلّا رَسولٌ) الآيات. قال عطية العوفي: لما كان يوم أحد انهزم الناس فقال بعض الناس: قد أصيب محمد فأعطوهم بأيديكم فإنما هم إخوانكم وقال بعضهم: إن كان محمد قد أصيب ألا ما تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به فأنزل الله تعالى في ذلك (وما مُحَمَّدٌ إِلّا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُسُلُ).
إلى (وَكأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيّونَ كَثيرٌ فَما وَهَنوا لِما أَصابَهُم في سَبيلِ الله ِوَما ضَعُفوا)- لقتل نبيهم- إلى قوله (فَآتاهُمُ الله ُثَوابَ الدُنيا)
المتشابهات
ايه 145 من ال عمران
(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ۗ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)
متشابهه مع يونس 100
(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ)
المتشابهات
ال عمران 147
(وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
متشابهه مع البقره 250
(وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
المتشابهات
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) ال عمران 142
مع البقره ايه 214
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)
من هداية الآيات:
1- عاقبة المكذبين بدعوة الحق الخسارة والوبال.
2- في آيات القرآن الهدي والبيان والمواعظ لمن كان من أهل الإِيمان والتقوى.
3- أهل الإِيمان هم الأعلون في الدنيا والآخرة.
4- الحياة دول وتارات فليقابلها المؤمن بالصبر.
5- الفتن تمحص الرجال، وتودي بحياة العاجزين الجزعين.
6- الابتلاء بالتكاليف الشرعية الصعبة منها والسهلة من ضروريات الإِيمان.
7- تقرير رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبشريته المفضلّة، ومَوْتَتِه المؤلمة لكل مؤمن.
8- الجهاد وخوض المعارك لا يقدم أجل العبد، والفرار من الجهاد لا يؤخره أيضاً.
9- ثواب الأعمال موقوف على نية العاملين وحسن قصدهم.
10- فضيلة الشكر بالثبات على الإِيمان والطاعة لله ورسوله في الأمر والنهي.
11-الترغيب في الائتساء بالصالحين في إيمانهم وجهادهم وصبرهم وحسن أقوالهم.
12- فضيلة الصبر والإِحسان، لحب الله تعالى الصابرين والمحسنين.
13- فضيلة الاشتغال بالذكر والدعاء عن المصائب والشدائد بدل ا لتأوهات وإبداء التحسرات والتمنيات، وشر من ذلك التسخط والتضجر والبكاء والعويل.
14- كرم الله تعالى المتجلي في استجابة دعاء عباده الصابرين المحسنين.
————————————–
(١٤٩-١٥٣)
معاني كلمات الوجه 20 من ال عمران
150الله مولاكم:الله ناصركم لا غيره
151الرّعب:الخوف والفزع
151سُلطانا:حُجّةً وبرهانا
151مثوى الظّالمين:مأواهم ومُقامُهم
152تحُسّونهم:تقتلونهم قتلاً ذريعاً
152فشِلتم:فزعتم وجبُنتُم عن عدوّكم
152ليبتلِيكم:ليمتحِن صبركم وثباتكم
153تُصعِدون:تذهبون في الوادي هربا
153لا تلوون:لا تُعرّجون
153فأثابكم:فجازاكم الله بما عصيتم
153غمّا بغم:حزنا متّصلا بحزن
154أمنةً:أمنا وعدم حوف
154نُعاسا:سكونا وهدوءًا
تفسير الوجه 20 من ال عمران
الآية 149، والآية 150: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ﴾: يعني: يُضِلوكم عن طريق الحق، وترتدُّوا عن دينكم، ﴿ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ﴾: أي: فتعودوا بالخُسران المُبين والهلاك المُحَقَّق، إنهم لن ينصروكم، ﴿ بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ﴾: أي: ناصركم، ﴿ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴾.
الآية 151: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ﴾ في الدنيا ﴿ بِمَا أَشْرَكُوا ﴾: أي: بسبب إشراكهم ﴿ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾: يعني: آلهة مزعومة، ليس لهم دليل أو برهان على استحقاقها للعبادة مع الله، ﴿ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ﴾: يعني: ومكانهم الذي يأوون إليه في الآخرة هو النار، ﴿ وَبِئْسَ مَثْوَى ﴾: أي: وَبِئْسَ مُقام ﴿ الظَّالِمِينَ ﴾ جهنم).
اية 152: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ مِن نَصْرٍ على المشركين في أول القتال في غزوة “أُحُد” ﴿ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ﴾: أي حين كنتم تقتلون الكفار، وذلك بإذنه تعالى بقتالكم لهم، ﴿ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ ﴾: يعني حتى إذا جَبُنتم وضعفتم عن القتال، ﴿ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْر ﴾: أي واختلفتم: هل تبقون في مواقعكم؟، أو تتركونها لجمع الغنانم مع مَن يجمعها؟، ﴿ وَعَصَيْتُمْ ﴾ أمر رسولكم حين أمركم ألا تفارفوا أماكنكم بأي حال، فساعتها حلَّت بكم الهزيمة ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ﴾ مِن النصر (في أول المعركة)، وتبيَّن أنّ ﴿ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ﴾، وقد أصابكم الخوف والرعب، حينما رأيتم أنفسكم محصورين بين رُماة المشركين ومُقاتلِيهم، ﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ﴾: يعني ثم صرفكم الله عن عدوكم، بأن فررتم من القتال لتنجوا بأنفسكم، وقد قدَّرَ اللهُ حدوث ذلك كله ﴿ لِيَبْتَلِيَكُم ﴾: أي ليختبركم، فيرى المؤمن الصادق من المنافق الكاذب، ويرى الصابر من غيره، ﴿ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُم ﴾ بعد أنْ عَلِمَ سبحانه ندمَكم وتوبتكم، ﴿ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
الآية 153: ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ ﴾: أي اذكروا حين كنتم تَصْعَدون الجبل هاربين من أعدائكم، ﴿ وَلَا تَلْوُونَ ﴾ رؤوسكم ﴿ عَلَى أَحَدٍ ﴾ يعني ولا تلتفتون إلى أحدٍ لِمَا اعتراكم من الدهشة والخوف والرعب، ﴿ وَالرَّسُولُ ﴾ ثابت في الميدان، و ﴿ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ) ﴾: أي يناديكم مِن خلفكم قائلاً: (إليَّ عبادَ الله)، وأنتم لا تسمعون ولا تنظرون، ﴿ فَأَثَابَكُمْ ﴾: أي فكان جزاؤكم على فِعلكم أن أنزل الله بكم ﴿ غَمًّا بِغَمٍّ ﴾: يعني غَمَّاً يَتبَعُ غَمَّاً: (إذ أصابكم غَمٌّ بفوات النصر وفوات الغنيمة، وغَمٌّ آخر بانهزامكم، وغَمٌّ ثالث أنساكم كل غَمّ، وهو سماعكم أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قُتِل)، (وقد جعل الله اجتماع هذه الأمور من باب التربية لعباده المؤمنين لمكانتهم عنده)، ثم لَطَفَ الله تعالى بكم، فجعلكم تتأكدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُقتَل، فهانت عليكم تلك المصائب، وفرحتم بوجوده المُهَوِّن لكل مصيبة ومِحنة، وذلك ﴿ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ﴾ مِن نَصرٍ وغنيمة، ﴿ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ﴾ مِن خوفٍ وهزيمة، ﴿ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
أسباب النزول :
قوله تعالى : ( سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب ) الآية [ 151 ] .
قال السدي : لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين إلىمكة ، انطلقوا حتى بلغوا بعض الطريق ، ثم إنهم ندموا وقالوا : بئس ما صنعنا ! قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد تركناهم ، ارجعوا فاستأصلوهم . فلما عزموا على ذلك ألقى الله تعالى في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما عزموا ، وأنزل الله تعالى هذه الآية
أسباب النزول :
قوله تعالى : ( ولقد صدقكم الله وعده ) الآية [ 152 ] .
قال محمد بن كعب القرظي : لما رجع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة وقد أصيبوا بما أصيبوا يوم أحد ، قال ناس من أصحابه : من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر ؟ فأنزل الله تعالى : ( ولقد صدقكم الله وعده ) الآية إلى قوله : ( منكم من يريد الدنيا ) يعني الرماة الذين فعلوا ما فعلوا يوم أحد .
لمسات بيانيه
آية(151):
* في سورة آل عمران (ومأواكم النار وبئس مثوى الظالمين) ما هو المثوى؟ولماذا لم ترد كلمة مثوى في حال أهل الجنة أبداً؟ (د.حسام النعيمى)
المثوى في اللغة المنزل أو المكان الذي يثوي فيه الإنسان. والثواء هو الإنحسار في مكان ويكون عادة الإنسان فيه قليل الحركة مثل المسكن، المنزل، الحجرة التي يبيت فيها
الثواء هو التوى يعني الإستقرار في مكان واحد وإن كان فيه حركة فهو حركة ضيّقة.
والمأوى استعمل في النار وفي الجنة فالجنة تضم صاحبها والنار تضم صاحبها لكن شتان بين الضمتين، بين إحتضان الجنة للإنسان وإحتضان النار للإنسان.
فكلمة الثوى والثواء استعملت في حال الدنيا لأنه منزل يثوي إليه أو يأوي إليه لذلك نجدها في أكثر من سورة في حال الدنيا.
في الآخرة إستعمل اللفظة للنار لماذا؟ لأن الجنة ليست منطقة ضيقة محصورة إنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فيها السعة والإنطلاق. لاحظ مثلاً: (أكرمي مثواه) أي نُزُله في الدنيا.
لمسات بيانيه
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ (152) آل عمران)
انظر إلى دقة النظم القرآني بترتيب الأفعال الدالّة على الحدث: الفشل، التنازع والعصيان. فقد رتبها على حسب ترتيبها في الحصول وهو ضجر بعض الرُماة من ملازمة مواقعهم ثم التنازع في ملازمة الموقف وفي اللحاق بالجيش في الغنيمة. ونشأ عن التنازع تصميم معظمهم على مفارقة الموقع وفيه عصيان لأمر النبيr بالملازمة.
*(وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ (152) آل عمران) لقد كان عصيان الصحابة في معركة أُحُد مخالفة لأمر النبي وسميت هذه المخالفة عصياناً مع أن تلك المخالفة كانت عن اجتهاد لا عن استخفاف والعصيان من الاستخفاف فلِمَ عبّر الله تعالى عن مخالفتهم بالعصيان ولم يقل وخالفتم؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
سُميت عصياناً لأن المقام ليس مقام اجتهاد فإن شأن الحرب الطاعة المطلقة للقائد من دون تأويل لذلك جاءت بصيغة العصيان زيادة عليهم في التقريع.
لمسات بيانيه
ما دلالة الإلقاء فى قوله تعالى (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ (151) آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
حقيقة الإلقاء هو رمي الشيء على الأرض كقوله تعالى (فألقوا حبالهم وعصيّهم). فهو هنا إذن مجاز على طريقة الإستعارة فالإلقاء مؤذِن بتمكّن الرعب من قلوبهم.
لمسات بيانيه
آية (152):
* فى سؤال عن أصل كلمة شيطان وهل لها جذور عربية؟(د.فاضل السامرائى)
كلمة حسّان. إما أن تكون من الحُسن أو من الحَسّ كما في قوله تعالى (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ (152) آل عمران) فإذا كانت من الحُسن يكون منصرفاً لأن النون أصلية وإذا كان من الحَسّ (الحَسّ هو القتل) تكون غير منصرفة، شاعر الرسول r حسان بن ثابت ورد ممنوعاً من الصرف فهو من الحَسّ.
وكذلك كلمة ريّان إذا كانت من الريّ أو من الريْن. إذا كانت من الريّ فهي ممنوعة من الصرف وإذا كانت من الريْن فهي مصروفة.
وأنا أرجح أن شيطان من شطن لأنه منصرف (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) التكوير) القرآن استعملها مصروفة وقد يعترض أحدهم في النحو. الجذر الذي اشتق منه شيطان يدل على الحالة التي مرّ بها إبليس: إحترق غضباً فعصى ربه لما قال له اسجد لآدم أو بعُد في الشرّ وذهب بعيداً فالأمر يحتمل.
لمسات بيانيه
آية (153):
* ما دلالة كتابة كلمة (كي لا) منفصلة مرة في آية سورة الحشر و(لكيلا) موصولة في آية سورة آل عمران؟(د.فاضل السامرائى)
أولاً خط المصحف لا يقاس عليه أصلاً لكن يبدو في هذا الرسم ملحظ بياني والله أعلم في أكثر من موطن. فمرة تكتب (لكي لا) مفصولة ومرة (لكيلا) موصولة. وأقول أن هذا ليس فقط للخط وإنما لأمر بياني
في آية سورة آل عمران (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) جاءت لكيلا متصلة لأن المعنى يدل على أن الغمّ متصل بالغمّ غمّ الهزيمة وغمّ فوات الغنائم وهذا اقتضى الوصل فوصل (لكيلا).
وفي آية سورة الحشر (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (7) فصل (لكي لا) هنا لأنه يريد أن يفصل الأموال لأنها لا ينبغي أن تبقى دُولة بين الأغنياء وإنما يجب أن تتسع الأموال لتشكل الفقراء فاقتضى الفصل في رسم (لكي لا) في هذه الآية.
وهذا الأمر نقول أنه من باب الجواز فهو جائز أن تكتب لكيلا متصلة أو منفصلة (لكي لا) لكنها تُرسم أيضاً بما يتناسب مع الناحية البيانية والبلاغية بحيث تتناسب مع الأحكام.
المتشابهات
{خبير بما تعملون}
[آل عمران:١٥٣ ، المائده:٨ ،
التوبه:١٦ ، النور ٥٣ ،
المجادله:١٣]
وفي غيرها {بما تعملون خبير}
المتشابهات
آل عمران- 149 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ).
تشبه:
آل عمران:100- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ).
الموضع الوحيد:
{وبئس مثوى الظالمين}
آل عمران:١٥١
وفي غيره (مثوى المتكبرين)
المتشابهات
{مأواهم النار}
[آل عمران:١٥١، يونس:٨،
النور:٥٧، السجده:٢٠]
وفي غيرها {مأواهم جهنم}
المتشابهات
{وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُم}آل عمرانْ: 152
{وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُم}آل عمران:ْ 155
المتشابهات
آل عمران: 153 {ٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
تشبه:
{لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد : 23]
من هداية الآيات
1- تحرم طاعة الكافرين في حال الاختيار.
2- بيان السر في تحريم طاعة الكافرين وهو أنه يترتب عليها الردة والعياذ بالله.
3- بيان قاعدة من طلب النصر من غير الله أذلة الله.
4- وعد الله المؤمنين بنصرهم بعد القاء الرعب في قلوب أعدائهم، إذ هم أبو سفيان بالعودة إلى المدينة بعد إنصرافه من أحد ليقضي عمن بقى في المدينة من الرجال كذا سولت له نفسه، ثم ألقى الله تعالى في قلبه الرعب فعدل عن الموضوع بتدبير الله تعالى.
5- بطلان كل دعوى ما لم يكن لأصحابها حجة وهي المعبر عنها بالسلطان في الآية إذ الحجة يثبت بها الحق ويناله صاحبه بواسطتها.
6-مخالفة القيادة الرشيدة والتنازع في حال الحرب يسبب الهزيمة المنكرة.
7- معصية الله ورسوله والاختلافات بين أفراد الأمة تعقب آثاراً سيئة أخفها عقوبة الدنيا بالهزائم وذهاب الدولة والسلطان.
10- ما من مصيبة تصيب العبد إلاّ وعند الله ما هو أعظم منها فلذا يجب حمد الله تعالى على أنها لم تكن أعظم.
11- ظاهر هزيمة أحد النقمة وباطنها النعمة، وبيان ذلك أَنْ عَلِمَ المؤمنون ان النصر والهزيمة يتمان حسب سنن إليهة فما أصبحوا بعد هذه الحادثة المؤلة يغفلون تلك السنن أو يهملونها.
12- بيان حقيقة كبرى وهى ان معصية الرسول صلى الله عليه وسلم مرة واحدة في أحد ترتب عليها آلام وجراحات وقتل وهزائم وفوات خير كبير وكثير فكيف بالذين يعصون رسول الله طوال حياتهم وفى كل أوامره ونواهيه وهم يضحكون ولا يبكون، وآمنون غير خائفين.
————————————–
(154/157)
معاني كلمات ال عمران الوجه 21 ص70
154أمنةً:أمنا وعدم حوف
154نُعاسا:سكونا وهدوءًا أو مُقاربة للنّوم
154يغشى:يُلابس كالغشاء
154لبرز:لخرج
154مضاجعهم:مصارعهم المقدّرة لهم أزلا
154لبتلِي:ليختبر وليمتحِن وهو العليم الخبير
154ليُمحّص:ليخلّص ويزيل أو ليكشف ويميز
155استزلّهم الشّيطان:حملهم على الزّلة بوسوسته
156ضربوا:سافروا لتجارة أو غيرها فماتوا
156غزًّى:غُزاةً مجاهدين فاستشهدوا
تفسير مبسط لال عمران ص 70
الآية 154: ﴿ ثُمَّ ﴾ كان من رحمة الله بكم أيها المؤمنون المخلصون أن ﴿ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً ﴾ أي ألقى في قلوبكم اطمئنانًا وثقة في وعد الله تعالى، مِن بعد ما نزل بها مِن همٍّ وغمٍّ، وكان مِن أثر هذا الأمن والاطمئنان أن أنزل عليكم ﴿ نُعَاسًا يَغْشَى ﴾: أي يُغطي ﴿ طَائِفَةً مِنْكُم ﴾ وهم أهل الإخلاص واليقين، ﴿ وَطَائِفَة ﴾ أُخرى ﴿ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾ أي أهمَّهم تخليص أنفسهم خاصَّةً دونَ المؤمنين، و ﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّة ﴾: أي إنهم أساؤوا الظن بربهم وبدينه وبنبيه صلى الله عليه وسلم، وظنوا أن الله لن يُتِمُّ أمر رسوله، وأن الإسلام لن تقوم له قائمة، ولذلك تراهم نادمين على خروجهم للقتال، فـ ﴿ يَقُولُونَ ﴾ لبعضهم: ﴿ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ يعني هل كان لنا مِن اختيار في الخروج للقتال؟، ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ فهو الذي قدَّرَ خروجكم وما حدث لكم، وهم ﴿ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَك ﴾ من الحسرة على خروجهم للقتال، فـ ﴿ يَقُولُونَ ﴾ سِرَّاً فيما بينهم: ﴿ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا ﴾:يعني لو كان لنا الاختيار، ما خرجنا ولا قاتلنا ولا أصابنا الذي أصابنا، فأطْلَعَ الله رسوله على سِرِّهِم، وقال له: ﴿ قُلْ ﴾ لهم: إن الآجال بيد الله و ﴿ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ ﴾، وقدَّر الله لكم أن تموتوا: ﴿ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِم ﴾ أي لخرج الذين كَتب الله عليهم الموت إلى حيث يُقْتلون، ﴿ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ﴾: أي وما جعل الله ذلك الذي حدث في “أُحُد” إلا ليختبر ﴿ مَا فِي صُدُورِكُمْ ﴾ من الشك والنفاق، ﴿ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ﴾: أي ولِيَمِيزَ الخبيث من الطيب، ويَظهر للناس أمر المنافق (مِن أقوالِهِ وأفعالِه)، ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾.
الآية 155: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾: أي فرُّوا عن القتال يوم التقى المؤمنون والمشركون في غزوة “أُحُد”: ﴿ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ﴾: يعني إنما أوقعهم الشيطان في هذا الذنب العظيم (وهو الفرار من الجهاد)، بسبب بعض ما اكتسبوه مِن مُخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث تركوا مواقعهم، ونزلوا لطلب الغنيمة، فخذلهم الله بسبب ذلك الذنب، فلم يُثبِّت أقدامهم في القتال، ﴿ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ﴾: أي تجاوز عنهم فلم يعاقبهم، ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾، فيُمهِلُ عَبدَهُ حتى يتوبَ فيتوب عليه ويغفر له، ولو لم يكن حليماً: لعاقب مِن أول ذنب، فلا يُمَكِّنُ أحداً من التوبة والنجاة).
الآية 156: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْض ﴾: أي إذا خرجوا يبحثون في أرض الله عن معاشهم، ﴿ أَوْ كَانُوا غُزًّى ﴾: يعني أو كانوا مع الغُزاة المقاتلين (ثم ماتوا أو قُتِلوا)، فإنهم يُعارضون القدَر، ويقولون: ﴿ لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا ﴾: أي لو لم يخرج هؤلاء، وأقاموا معنا ﴿ مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ﴾ ﴿ لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ﴾: يعني: وعندما يتذكر المنافقون الذين أُصِيبوا (أنهم لو كانوا قعدوا عن القتال مع أصحابهم المنافقين: ما أصابهم شيئاً)، فإنهم بذلك يزدادون حُزنًا وحسرة تُمزقهم، بسبب سخطهم على قضاء الله وقدره.
أما المؤمنون فإنهم يعلمون أنّ ذلك بقدر الله تعالى، فيَهدي الله قلوبهم، ويخفف عنهم المصيبة، ﴿ وَاللَّهُ يُحْيِي ﴾ مَن قدَّر له الحياة -وإن كان مسافرًا أو غازيًا، ﴿ وَيُمِيتُ ﴾ مَنِ انتهى أجله – وإن كان مقيمًا، ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾، وسيرى سبحانه: هل ستنتهون عَمَّا نَهاكم عنه أو لا، وسيُجازيكم على ذلك).
الآية 157: ﴿ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ ﴾ مَوتةً (طبيعية) بانقضاء آجالكم أثناء المعركة: ﴿ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ ﴾: أي لَيَغفِرَنَّ الله لكم ذنوبكم، وليَرحَمَنَّكم رحمة مِن عندِه، فتفوزون بجنات النعيم، وذلك ﴿ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾: أي خيرٌ من الدنيا وما يَجمعه أهلها فيها)
لمسات بيانيه
آية(157)-(158):
*ما دلالة تقديم وتأخير الموت في آيتي سورة آل عمران؟
د.حسام النعيمى :
لما نأتي إلى آيتي سورة آل عمران يلفت نظرنا فيها شيء وهي قول الله سبحانه وتعالى (وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ (158)) نلاحظ في الأولى قدّم القتل وفي الثانية قدّم الموت. قد يقول قائل أن هذا لغرض التلوين والتنويع في الأسلوب وهذا طبيعي حتى لا يصير نفس الرتابة. لكن هناك شيء آخر وهو: لما تكلم عن سبيل الله يعني الشهادة قدّمها على الموت الإعتيادي لأن الشهادة مقدمة لأن للشهداء منزلة. لكن لما يتكلم عن الموت والقتل الإعتيادي الإنسان يموت موتاً اعتيادياً، قد يُقتَل خطأ، قد يُقتل بثأر، قد يقتل في الجهاد، قد تقتله أفعى، فقدّم الشيء الطبيعي، قدّم الأكثر الذي هو الموت، هذه لفتة بيانية أردنا أن نبينها.
لمسات بيانيه
آية (154):
* (لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ (154) آل عمران) وليس من مضاجعهم؟(د.فاضل السامرائى)
يذهبون إلى مضاجعهم من الموت حيث يموتون، إلى مضاجع الموت وليس من الفراش، ليس كلهم يقومون من الفراش، كلهم يقومون من المضجع. لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم التي يموتون فيها إذن المضجع النهائي الذي يموتون فيها، إلى مضاجعهم أي إلى حيث الموت.
لمسات بيانيه
*(إِنَّ الذين تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ (155) آل عمران) إستزلال الشيطان إياهم هو الهزيمة واستزلهم بمعنى أزلّهم فما فائدة السين والتاء؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
إعلم أن زلة الهزيمة هي من أعظم الزلاّت لذلك جاءت على صيغة إستزل لتأكيد وتفظيع هذا الفعل.
تدبر في الايات
2- وطائفة قد : أهمتهم أنفسهم”نحن الذين نصننع الهموم لأنفسنا، لنتوقف عن ذلك، سوف تتوقف همومنا فورا / عبد الله بلقاسم
3 – أكثر الناس سوء ظن بالله من يعمل لنفسه أكثر من الحق. (وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية)” / عبد العزيز الطريفي
-4 يحل بالعباد الابتلاء ليختبر الله مافي صدورهم من حسن الظن به أو عدمه،ويمحص مافي قلوبهم من أدران(وليبتلي الله مافي صدوركم وليمحص مافي قلوبكم). / سعود الشريم
5- إذا احتدم الصراع بين الحق والباطل كشف الله ضعاف النفوس الذين لا يطيقون مواصلة الحق(وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غيرالحق ظن الجاهلية). /سعود الشريم
6- وَطَائِفَةٌ قَدْ: أَهَمَّتْهُمْ : أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِهمومنا كلها من صناعتنا وظنوننا وأوهامنا شمع مصنع الهموم في صدر بالشمع الأبيض، وتوقف عن إنتاج همومك على الفور/عبد الله بلقاسم
7- { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا}النعاس والنوم أمنة من الحزن بإذن الله ولذلك كثيرا ماينسى الإنسان حزنه بعد نومه. /محمد الربيعة
8- ثم أنزل عليكم من بعد (الغم) أمنة” قد يحاول اﻵخرون مساعدتنا من الخارج لكن الذي يخلق الراحة والفرج في دواخلنا هو الله وحده.قل يارب / عبدالله بن بلقاسم
-9 ” ثم أنزل عليكم من بعد (الغم) (أمنة) نعاسا” من رحمة الله يامؤمن مع كل ألم يحل بك ، انتظر بعده أمنا ينزل في أعماقك وسكينة تشد على قلبك. / عبدالله بن بلقاسم
10-المتشائمون بقايا جاهلية” يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية”./ عبد الله بلقاسم
11- ئَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ….الصادقون يجتازون أنانيتهم في المحن ويلغون ذواتهم فيها، ويفكرون في الناس. / عبد الله بلقاسم
12- هؤلاء الذين تهمهم أنفسهم! أبشروا بذم الله لكم،، (طائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية!) ظن الجاهلية:عدم نصره للمؤمنين،،/ وليد العاصمي
13- الفرار من مواضع القتال لن يؤخر الأجل إذا وجب،، (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم!) فلمَ القعود إذن! / وليد العاصمي
14-إذا خشِيت من سطْوة جبّار لا تستَطيع ردّها ، أو أمرٍ تخشَى عاقبتَه ..! { قل إنّ الأمرَ كُله لله } ” ثُم نم مُطمئناً ” #تدبر
المتشابهات
(غفور حليم)
ذكرت في البقره 225، 235 ؛ ال عمران 155؛ المائده 101
وفي غيرها {غفور رحيم} عدا *فاطر30 والشورى 23 غفور شكور
—————————————————–
(١٥٨-١٦٥)
معاني كلمات الوجه22 من ال عمران ص71
159فبما رحمة:فبرحمة عظيمة
159لِنْتَ لهم:سهّلْتَ لهم أخلاقكَ ولم تُعنِّفهم
159فظّا:جافيا في المُعاشرة قولا وفعلا
159لانفضّوا:لتفرّقوا ونفروا
160فلا غالب لكم:فلا قاهر ولا خاذل لكم
161يغُلّ:يخون في الغنيمة
162باء بسخطٍ:رجع متلبِّسا بعضب شديد
164يُزكّيهم:يُطهّرهم من أدناس الجاهلية
165أنّى هذا ؟:من أين لنا هذا الخذلان ؟
تفسير مبسط للوجه 22 ص 71
الآية 158: ﴿ وَلَئِنْ مُتُّمْ ﴾ بانقضاء آجالكم في هذه الحياة الدنيا، فمُتُّم على فُرُشكم، ﴿ أَوْ قُتِلْتُمْ ﴾ في ساحة القتال: ﴿ لَإِلَى اللَّهِ ﴾ وحده ﴿ تُحْشَرُونَ ﴾ فيُجازيكم بأعمالكم).
الآية 159: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾: يعني فبسبب رحمةٍ مِن الله لك ولأصحابك، مَنَّ اللهُ عليك فكنتَ رفيقًا بهم، وهذا يُوضح كمال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخُلُقِي، ويوضح أيضاً فضل الصحابة، وكرامتهم عند ربهم، ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾: أي ولو كنت سيِّئ الخُلق قاسي القلب، لانْصَرَفَ أصحابك من حولك، ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ ﴾: أي فلا تؤاخذهم بما كان منهم في غزوة “أُحُد”، ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ الذي يحتاج إلى مشورة، ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ ﴾ على أمر من الأمور – بعد الاستشارة – ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ : يعني فأَمْضِ هذا الأمر معتمدًا على الله وحده، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ عليه).
الآية 161: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُل ﴾: أي يأخذ الغُلول، وهو أخْذ شيء من الغنيمة قبل تقسيمها، ﴿ وَمَنْ يَغْلُلْ ﴾ منكم: ﴿ يَأْتِ بِمَا غَلَّ ﴾ حاملاً له ﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ لِيُفضَحَ به في الموقف المشهود، ﴿ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
الآية 162 ، والآية 163: ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ ﴾ أي أفمن كان مُتبعاً لما يُرضي الله من الأقوال والأفعال والنيَّات، ﴿ كَمَنْ ﴾: أي هل يستوي مع مَن ﴿ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ ﴾: أي رجع بغضب من الله، لانغماسه في المعاصي، ﴿ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ﴾: يعني فاستحق بذلك سكن جهنم ﴿ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾؟ لا يستويان أبداً، ﴿ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ ﴾: يعني أصحاب الجنة المتبعون لما يُرضي الله متفاوتون في الدرجات، وأصحاب النار المتبعون لما يُسخِط الله متفاوتون في الدركات، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾، ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾).
الآية 165: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ ﴾ وهي جراحكم وقتلكم يوم “أُحُد”، ﴿ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا ﴾ مِن المشركين في يوم بدْر، ﴿ قُلْتُمْ ﴾ متعجبين: ﴿ أَنَّى هَذَا ﴾: يعني كيف يكون هذا ونحن مسلمون، ورسول الله فينا، وهؤلاء مشركون؟، ﴿ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾: يعني قد أصابكم ذلك بسبب مخالفتكم أمْرَ رسولكم وإقبالكم على جمع الغنائم، ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾، فيفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا مُعَقِّب لِحُكمه).
اسباب النزول:
قوله تعالى : ( وما كان لنبي أن يغل ) الآية [ 161 ] .
[ ص: 67 ] 255 – أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المطوعي ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري ، أخبرنا أبو يعلى ، حدثنا أبو عبد الله [ بن عمر ] بن أبانحدثنا ابن المبارك ، حدثنا شريك ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : فقدت قطيفة حمراء يوم بدر مما أصيب من المشركين ، فقال أناس : لعل النبي – صلى الله عليه وسلم – أخذها ، فأنزل الله تعالى : ( وما كان لنبي أن يغل )
اسباب النزول:
قوله تعالى : ( أولما أصابتكم مصيبة ) الآية [ 165 ] .
260 – قال ابن عباس : حدثني عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء ، فقتل منهم سبعون ، وفر أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، وسال الدم على وجهه ، فأنزل الله تعالى : ( أولما أصابتكم مصيبة ) إلى قوله : ( قل هو من عند أنفسكم ) قال : بأخذكم الفداء .
الموضع الوحيد:
{رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ }: 164
(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (164)
ال عمران
الوحيدة فى القرأن (رسولاً من أنفسهم) وما عداها (رسولاً منكم ، رسولاً منهم ).
والأية تتشابه مع الأيتين 129 ، 151 من سورة البقرة
(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )
البقرة 129
(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)
البقرة 151
لمسات بيانيه
*(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ (159) آل عمران) ما فائدة تقديم الجار والمجرور (فبما رحمة) على الفعل(لِنت) مع أن الأصل: لنت لهم برحمة من الله؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
هذه الآية من رحمة الله تعالى على المؤمنين وقد عبّر عن هذه الرحمة بأسلوب جميل فقد استطاع التقديم في الآية أن يُغني المعنى بشيء من الحصر أي برحمة الله لا بغير ذلك لان النبي r لأمّته. كما أفاد القصر في هذا الموضع التعريض بأن أحوالهم كانت مستوجبة غِلظة ولكن الله تعالى ألآن خُلُق رسوله rرحمة بهم لحكمة في سياسة الأمة والذي قوّى القصر وأكّده زيادة (ما) بعد باء الجرّ.
المتشابهات
(وماكان لنبي أن..)
{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..} َۚ
[آل عمران :161]
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} ۚ [الأنفال : 67]
المتشابهات
وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)
ال عمران
دوران مُتم بالضم
القاف فى قُتلتم تسبق الميم فى مُتم : لضبط ترتيب الكلمتين فى الأيتين
المتشابهات
{كل نفس ماكسبت}
آل عمران161 – ( ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
تشبه:
•البقرة – 281 ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
•إبراهيم – 51 ( لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
•النحل – 111 ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
•الزمر – 70 ( وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ).
•غافر – 17 ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
•الجاثية – 22 ( وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
ملاحظة:
كل هذه الآيات فيها ( كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ) إلا موضعي النحل و الزمر ( مَا عَمِلَتْ)
و زاد الباء في موضعي الحواميم غافر و الجاثية ( بِمَا كَسَبَتْ).
المتشابهات
164 – ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ).
تشبه:
•البقرة -129 ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ …..).
•البقرة -151 ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا …..).
•التوبة – 128 ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ …..).
•المومنون -32 ( فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ …..).
•الجمعة -2 ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ …..).
ملاحظة:
زاد في آية آل عمران ( مِنْ أَنْفُسِهِمْ) لأنه سبحانه مَنَّ على المؤمنين به فجعله من أنفسهم ليكون موجب المنة أظهر ،
و كذلك في آية التوبة
قال ( مِنْ أَنْفُسِكُمْ) ليكون داعي الاستجابة و الإيمان به أظهر.
من هداية الآيات:
1- كمال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلقى.
2- فضل الصحابة رضوان الله عليهم وكرامتهم على ربهم سبحانه وتعالى.
3- تقرير مبدأ المشورة بين الحاكم وأهل الحل والعقد في الأمة.
4- فضل العزيمة الصادقة بالتوكل على الله تعالى.
5- طلب النصر من غير الله خذلان، والمنصور من نصره الله، والمخذول من خذله الله عز وجل.
6-تحريم الغلول وأنه من كبائر الذنوب.
7- طلب رضوان الله واجب، وتجنب سخطه واجب كذلك، والأولى يكون بالإِيمان وصالح الأعمال والثاني يكون بترك الشرك والمعاصي.
8- الإسلام أكبر نعمة وأجلها على المسلمين فيجب شكرها بالعمل به والتقيد بشرائعه وأحكامه.
9- فضل العلم بالكتاب والسنة.
———————————————————————-
(166/173)
معاني كلمات الوجه 72 من ال عمران
165أنّى هذا ؟:من أين لنا هذا الخذلان ؟
168فادْرءُوا:فادفعوا
172أصابهم القرح:نالتهم الجراح يوم أُحُدْ
تفسير مبسط للوجه 72 من ال عمران
الآية 166، والآية 167، والآية 168: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ ﴾: يعني وكل ما أصابكم مِن جراح أو قتلٍ ﴿ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ في أُحُد: ﴿ فَبِإِذْنِ اللَّه ﴾: أي فذلك كله بقضاء الله وقدَره، ﴿ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾: أي وليظهر ما عَلِمَه اللهُ في قديم الأزَل لِيَتميَّز المؤمنون الصادقون منكم، ﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾، وهم الذين كشف الله ما في قلوبهم عندما: ﴿ وَقِيلَ لَهُمْ ﴾: أي حين قال المؤمنون لهم: ﴿ تَعَالَوْا قَاتِلُوا ﴾ معنا ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ﴾ المشركين عنا بتكثيركم لعددنا، حتى وإن لم تقاتلوا، ﴿ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ ﴾: أي لَوْ نَعْلَمُ أنكم تقاتلون أحدًا لَكُنَّا معكم عليهم، ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ ﴾: أي في هذا اليوم ﴿ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾ لأنهم ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾: أي بما يُخفون في صدورهم، وهؤلاء المنافقون هم (الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ) الذين أصيبوا مع المسلمين أثناء قتالهم المشركين يوم “أُحُد” ﴿ وَقَعَدُوا ﴾ هم عن القتال: ﴿ لَوْ أَطَاعُونَا ﴾ وقعدوا معنا: ﴿ مَا قُتِلُوا ﴾، ﴿ قُلْ فَادْرَءُوا ﴾: أي فادفعوا ﴿ عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ في دعواكم أنهم لو أطاعوكم ما قتِلوا، وأنكم قد نجوتم من الموت بقعودكم عن القتال).
الآية 169: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ﴾ ﴿ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾: أي: في جوار ربهم (الذي جاهدوا مِن أجله، وماتوا في سبيله)، ﴿ يُرْزَقُونَ ﴾: أي: يَجري عليهم رزقهم في الجنة، ويُنعَّمون).
الآية 170: (﴿ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾: يعني: لقد عَمَّتهم السعادة حين مَنَّ الله عليهم، فأعطاهم من النعيم والرضا ما تَقَرُّ به أعينهم، ﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ﴾: يعني: وهم يفرحون بإخوانهم المجاهدين (الذين فارقوهم وهم أحياء)، لِعِلْمِهم أن إخوانهم إذا استُشهِد في سبيل الله مُخلِصين له، فإنهم سوف ينالون من الخير الذي نالوه، و﴿ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ فيما يَستقبلونه مِن أمر الآخرة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم من أمور الدنيا).
الآية 171، والآية 172، والآية 173: (﴿ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ﴾: يعني: وإنهم لفي فرحة غامرة بما أُعطاهم الله مِن عظيم جُودِه وواسع كرمه، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ ﴾: أي: وَبأن الله (﴿ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾: أي: الذين لبُّوا نداء الله ورسوله، وخرجوا في أعقاب المشركين إلى “حمراء الأسد”، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن يَرفع معنويات أصحابه الذين جُرحوا وهُزِموا بأحُد، وأن يُرهِب أعداءه، فأمر مؤذناً يؤذن بالخروج في طلب أبي سُفيان وجيشه، فاستجاب المؤمنون وخرجوا معه (﴿ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ﴾):أي: رغم ما كان بهم من آلام وجراح، وبذلوا غاية جهدهم، والتزموا بطاعة نبيهم، (﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ ﴾): أي: مِن هؤلاء المؤمنين، (﴿ وَاتَّقَوْا ﴾) ربهم، فلم يُشركوا به، ولم يَعصوه فيما أمرهم به أو نهاهم عنه، فأولئك لهم (﴿ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾)، وهؤلاء المؤمنون هم (﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ ﴾): أي: قال لهم بعض المشركين: (﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ﴾): أي: إنَّ أبا سُفيان ومَن معه قد أجمعوا أمرهم على الرجوع إليكم لقتلكم، فاحذروهم واخشوا لقاءهم، فإنه لا طاقة لكم بهم، (﴿ فَزَادَهُمْ ﴾) ذلك التخويف (﴿ إِيمَانًا ﴾): أي: يقينًا وتصديقًا بوعد الله لهم بالنصر عليهم، ولم يَثْنِهم ذلك عن عزمهم، فساروا إلى حيث شاء الله، (﴿ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ ﴾): أي: هو سبحانه كافينا شَرّ ما أرادوه بنا من الأذى، (﴿ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾) الذي نُوكل إليه أمورنا، ونفوضها إليه).
فلما قالوا ذلك، مَرَّ أحد حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعسكر أبي سفيان، فسأله أبو سفيان عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنه قد خرج في طلبكم ومعه جيش كبير وكُلُّهُم تَغَيُّظٌ عليكم، ونصحهم أن يرحلوا، فألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان، فانهزم وهرب برجاله إلى مكة، خوفاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
واعلم أنّ في قوله تعالى: (﴿ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا ﴾): دليلٌ على أن الإيمان يزيد وينقص، فيزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
اسباب النزول
قوله تعالى : ( الذين قال لهم الناس ) الآية [ 173 ] .
270 – أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي ، أخبرنا أبو صالح شعيب بن محمد ، أخبرناأبو حاتم التميمي ، أخبرنا أحمد بن الأزهر ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا سعيدعن قتادة قال : ذاك يوم أحد بعد القتل والجراحة وبعدما انصرف المشركون :أبو سفيان وأصحابه ، قال نبي الله – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه : ألا عصابة تشدد لأمر الله فتطلب عدوها ، فإنه أنكى للعدو ، وأبعد للسمع ؟ فانطلق عصابة على ما يعلم الله تعالى من الجهد ، حتى إذا كانوا بذي الحليفةجعل الأعراب والناس يأتون عليهم ، فيقولون : هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس ، فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، فأنزل الله تعالى فيهم قوله : (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ) إلى قوله تعالى : (والله ذو فضل عظيم ) .
اسباب النزول
قوله تعالى : ( الذين استجابوا لله والرسول ) الآية [ 172 ] .
268 – أخبرنا أحمد بن إبراهيم المقرئ ، أخبرنا شعيب بن محمد ، أخبرنا مكي بن عبدان حدثنا أبو الأزهر ، حدثنا روح ، حدثنا أبو يونس القشيري ، عن عمرو بن دينار : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – استنفر الناس بعد أحد حين انصرف المشركون ، فاستجاب له سبعون رجلا ، قال : فطلبهم فلقي أبو سفيان عيرا من خزاعة فقال لهم : إن لقيتم محمدا يطلبني فأخبروه أني في جمع كثير . فلقيهم النبي – صلى الله عليه وسلم – فسألهم عن أبي سفيانفقالوا : لقيناه في جمع كثير ، ونراك في قلة ، ولا نأمنه عليك . فأبى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا أن يطلبه ، فسبقه أبو سفيان فدخل مكة ،فأنزل الله تعالى فيهم : ( الذين استجابوا لله والرسول ) حتى بلغ ( فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) .
اسباب النزول
قوله تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ) الآية [ 169 ] .
261 – أخبرنا محمد بن محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الخلالي ، أخبرنا عبد الله بن زيدان [ بن يزيد ] البجلي ، حدثنا أبو كريب ، حدثناعبد الله بن إدريس ، عن محمد بن إسحاق ، عن إسماعيل بن أبي أمية ، عن أبي الزبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : لما أصيب إخوانكم بأحد ، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم ، قالوا : من يبلغ إخواننا [ عنا ] أنا في الجنة نرزق ، لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا في الحرب ؟ فقال الله عز وجل : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) . رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه من طريق عثمان بن أبي شيبة .
262 – أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الغازي ، أخبرنا محمد بن حمدان ، أخبرناحامد بن شعيب البلخي ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا [ عبد الله ] بن إدريس فذكره . رواه الحاكم عن علي بن عيسى الحيري ، عن مسدد ، عنعثمان بن أبي شيبة .
المتشابهات
لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا 156 / لو أطاعونا ما ما قتلوا 168
الموضع الأول : الضرب فى الأرض يناسبه الموت والغزو يناسبه القتل (شيئين بشيئين)
الموضع الثانى فيه الحرب فى المعركة وهو يناسبه القتل (شئ بشئ)
لمسات بيانيه
آية (170):
* ما دلالة كلمة (خلفهم) في الآية ((فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(170)في سورة آل عمران؟(د.فاضل السامرائى)
بعد نقيضة قبل وأظهر استعمال لها في الزمان. أما خلف فهي نقيضة قُدّام (وهي في الغالب للمكان) هذا من حيث اللغة. والخلف في اللغة هوالظهر أيضاً.
أحياناً لا يصح وضع إحداهما مكان الأخرى فلا يمكننا أن نضع خلف مكان بعد ففي هذه الآيات لا يمكن أن تحلّ خلف محل بعد (ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) البقرة) (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) البقرة) لأنها متعلقة بالزمان.
أما خلف فهي في الأصل للمكان، (ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) الأعراف) (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) يس) وكذلك قوله تعالى (فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) آل عمران) الذين معهم في المعركة والقتال فهي في الأصل خلف في المكان.
إضاءه فكريه
*ما الفرق بين قوله تعالى (والله بما تعملون خبير) و (خبير بما تعملون)؟(د.فاضل السامرائى)
إذا كان السياق في غير العمل ويتكلم عن الإنسان في غير عمل كالقلب أو السياق في أمور قلبية أو في صفات الله عز وجل يقدم صفة الخبير على العمل، هذا خط عام.
إذا كان السياق في عمل الإنسان يقدم العمل (والله بما تعملون خبير) يقدم العمل على الخبرة وإذا كان السياق في أمور قلبية أو عن الله سبحانه وتعالى يقول (خبير بما تعملون). نضرب أمثلة حتى تتضح الصورة:
(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير (8) التغابن) ذكر العمل فقدمه لأنه ذكر ما يتعلق بالإنسان وعمله فقدم العمل.
في حين قال تعالى (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) النفاق أمر قلبي وليست عملاً فقدم الخبرة .
هذه القاعدة العامة إذا كان الكلام عن عمل الإنسان يقدم العمل على الخبر وإذا كان الكلام ليس عن العمل وإنما في أمر قلبي أو الكلام على الله سبحانه وتعالى يقدم الخبرة.
تدبر في الايات
التوكل ليس ثقة بأن الله يعطيك ماتريد بل قبل هذا الرضا بما آتاك ( ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ) / عايض المطيري
أعظم أسباب كسب النعمة ودفع النقمة التوكل على الله والاعتماد عليه (وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء)/عبد العزيز الطريفي
(قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)لا تزال الابتلاءات بالمؤمن حتى لا يبقى في قلبه أحد إلا (الله)”/د. عقيل الشمري
المؤمن المتفائل حقا هو من يجعل من أدلة المتشائمين أقوى دليل على تفاؤله ” الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم” / إبراهيم العقيل.
(حسبي الله ونعم الوكيل ) دعاء قاله إبراهيم عليه السلام فجعل الله النار برداً و سلاماً .. / نايف الفيصل
تتعلّق القلوب عند الشدائد بالمخلوقين لهذا شرع الله قول (حسبنا الله ونعم الوكيل) حتى لا تغلبه نفسُه فتصرف قلبَه عن الله فلا يُعينه ولا يتولاه.
تتعلّق القلوب عند الشدائد بالمخلوقين لهذا شرع الله قول (حسبنا الله ونعم الوكيل) حتى لا تغلبه نفسُه فتصرف قلبَه عن الله فلا يُعينه ولا يتولاه” / عبد العزيز الطريفي
﴿ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل ﴾ لا تزال الابتلاءات بالمؤمن ؛ حتى لا يبقى في قلبه أحد إلا (الله) . #تدبر ” / تأملات قرآنية
تدبر في الايات
1- (بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون) قدَّم (الرب) على (الرزق) لأن جوار الله أعظم رزقٍ / عقيل الشمري
2- (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) كل مانراه بأعيننا فهو (عين اليقين) إلا الشهداء فهم (فوق اليقين) / عقيل الشمري
3- أي منزلة وحياة هذه{بل أحياء عند ربهم يرزقون} {عند ربهم} يقتضي قربهم من ربهم {يرزقون}من أنواع النعيم{فرحين}مغتبطين اللهم ارزقنا الشهادة/ محمد الربيعة
4- (أحياء عند ربهم يرزقون) قيل لهم شهداء: لأنهم يشهدون ملكوت الله، ابن تيمية رحمه الله،الفتاوى5/405 / وليد العاصمي
5- ” ولا تحسبـنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون …. فرحين ” فرحين … أفلا نفرح لفرحهم ؟! / نايف الفيصل
6- ﴿بل أحياء عند ربهم ..فرحين بما آتاهم الله﴾ فرحهم هناك عند ربهم قد أنساهم آلام الرصاص وسياط ألسنة الشامتين هنيئا لكم معشر الشهداء” / إبراهيم العقيل
————————————————————–
(١٧٤-١٨٠)ص73
معاني كلمات الوجه ص (73 )من ال عمران
178أنّما نُملي لهم:أنّ إمهالنا لهم مع كفرهم
179يجتبي:يصطفي ويختار
180سيُطوّقون:سيُجعل طوقا في أعناقهم
تفسير مبسط للوجه24 ص (73 )من ال عمران
الآية 174: ((﴿ فَانْقَلَبُوا ﴾) من “حمراء الأسد” إلى “المدينة” مع نبيهم (﴿ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ﴾): أي: بالثواب الجزيل، وبالمنزلة العالية، وبالنصر على أعداء الله، وبالتوفيق للخروج بهذه الحالة، و (﴿ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ﴾): أي: وفازوا بالسلامة من القتل والقتال، (﴿ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ﴾) وذلك بطاعتهم له ولرسوله، (﴿ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾) عليهم وعلى غيرهم).
الآية 175: ((﴿ إِنَّمَا ﴾) المُثبِّط لكم (الذي يصيبكم بالإحباط والكسل عن الجهاد) هو (﴿ ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ ﴾) الذي جاءكم (﴿ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾): أي: يُخوِّفكم أنصاره، (﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ ﴾) لأنّهم ضِعافٌ لا ناصرَ لهم، (﴿ وَخَافُونِ ﴾) بالإقبال على طاعتي (﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾) بي ومُتبعينَ لرسولي).
الآية 176: ((﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ﴾): أي: لا تحزن بسبب هؤلاء الكُفار لمسارعتهم في الجحود والضلال، (﴿ إِنَّهُمْ لن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ﴾) بذلك الكُفر، إنما يضرون أنفسهم بحرمانها من الجنة ونعيمها، فأولئك (﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا ﴾) أي: نصيباً من الخير (﴿ فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾)).
الآية 178: ((﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ﴾): يعني: ولا يَظُنَنَّ الجاحدون أننا إذا أَطَلْنا أعمارهم, ومتعناهم بمُتع الدنيا, ولم نؤاخذهم بكفرهم وذنوبهم, أنهم قد نالوا بذلك خيرًا لأنفسهم، (﴿ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ﴾): يعني: إنما نؤخر عذابهم وآجالهم؛ ليزدادوا ظلمًا وطغيانًا، (﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾): أي: يُهينهم ويُذلُّهم في الآخرة).
الآية 179: ((﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ﴾) مِن التباس المؤمن منكم بالمنافق، (﴿ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾) وذلك بالمِحَن والابتلاءات والتكاليف الشاقة (كالجهاد والهجرة والزكاة وصلاة الفجر)، (﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ ﴾) الذي يعلمه مِن عباده، فتعرفوا المؤمن منهم من المنافق، (﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾): يعني: غير أن الله تعالى يصطفي من رسله مَن يشاء لِيُطلِعَهُ على بعض علم الغيب بِوَحْيٍ منه سبحانه، (﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾)).
اسباب النزول:
قوله تعالى : ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه ) الآية [ 179 ] .
- [ ص: 70 ] 271 – قال السدي : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :عرضت علي أمتي في صورها كما عرضت على آدم ، وأعلمت من يؤمن بي ومن يكفر . فبلغ ذلك المنافقين ، فاستهزءوا وقالوا : يزعم محمد أنه يعلم من يؤمن به ومن يكفر ، ونحن معه ولا يعرفنا . فأنزل الله تعالى هذه الآية .
- 272 – وقال الكلبي : قالت قريش : تزعم يا محمد أن من خالفك فهو في النار والله عليه غضبان ، وأن من اتبعك على دينك فهو من أهل الجنة والله عنه راض، فأخبرنا بمن يؤمن بك ومن لا يؤمن بك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
- 273 – وقال أبو العالية : سأل المؤمنون أن يعطوا علامة يفرقون بها بين المؤمن والمنافق فأنزل الله تعالى هذه الآية
اسباب النزول:
قوله تعالى : ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله ) الآية [ 180 ] .
- [ أجمع ] جمهور المفسرين على أنها نزلت في مانعي الزكاة .
- 274 – وروى عطية [ العوفي ] عن ابن عباس : أن الآية نزلت في أحبار اليهودالذين كتموا صفة محمد – صلى الله عليه وسلم – ونبوته ، وأراد بالبخل : كتمان العلم الذي آتاهم الله تعالى .
لمسات بيانيه
آية (176-178):
*ما الفرق بين خواتيم الآيات في سورة آل عمران (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِيالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْالْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178))؟(د.فاضل السامرائى)
نقرأ الآيات ونوضح سبب الاختيار. (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(176)) ذكر أن هؤلاء يعجلون فيالكفر، يسارعون في الكفر فربنا هددهم يريد الله أن لا يجعل لهم حظاً في الآخرة لا في الآخرين فإذن ذكر العذاب العظيم وهو أشد العذاب. إنما الآية الأخرى (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177)) الذي يشتري بضاعة يطلب الربح فإذا خسر يتألم، إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان يعني تركوا الإيمان واشتروا الكفر خسروا والخاسر يتألم فله عذاب أليم. (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178))هؤلاء أملى لهم من المال والرزق والسعة يملي لهم ما هو خير لهم في ظاهره ما يفخرون به وما هو يعتزون به وقد يستطيلون على خلق الله، هذا المستطيل يُهان فجاء بصفة ضد ما كان يصنع في حياته الدنيا، كان يعتز ويفخر فيهان. العذاب متحقق في الثلاثة لكن كل واحدة تناسب ما قيل فيه ومن قيل فيه.
لمسات بيانيه
ما اللمسة البيانية فى قوله تعالى(وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) آل عمران)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
انظر إلى هذه الاستعارة التمثيلية لحال أهل الكفر والنفاق والتي قوّاها تعدية المسارعة بـ (في) عوضاً عن (إلى) فقال تعالى (يسارعون في الكفر) ولم يقل إلى الكفر. وبيان ذلك أنه شبّه حال حرصهم وجدّهم في تكفير الناس وإدخال الشك على المؤمنين بحال الطالب المسارع إلى تحصيل شيء يخشى أن يفوته. فأفادت يسارعون في الكفر أنهم لم يكتفوا بالكفر بل توغلوا في أعماقه.
لمسات بيانيه
ختمت آية (29)سورة الحديد بالتعريف (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) وفي آل عمران (وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)) فما الفرق؟ (د.فاضل السامرائى)
في آل عمران في أُحد وفي نجاتهم مما كان يراد بهم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)) هذا أكبر أو النور والرحمة والمغفرة؟ انقلبوا لم يمسسهم سوء، المغفرة والرحمة والنور أكبر لذا قال ذو الفضل العظيم.أما لو مسهم سوء لهم أجر. أما فى سورة الحديد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28)لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)) كفلين من رحمته ويغفر لكم ويجعل لكم نوراً هذه أكبر إذن والله ذو الفضل العظيم. التعريف يفيد العموم والشمول والتنكير يفيد التقليل.
الموضع الوحيد:
(ولا يحسبن) في آل عمران 178،180،والأنفال 59
بقية القرآن بالتاء ، لاحظ في آل عمران 169بالتاء (ولا تحسبن الذين قتلوا)
الموضع الوحيد:
(والله ذو فضل عظيم )
آل عمران 174 الوحيدة
والبقية(والله ذو الفضل العظيم).
المتشابهات
وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)
الأية الأولى إشتراك نهاية الأية مع كلمة حظاً فى حرف الظاء ،
الأية الثانية إشتراك نهاية الأية مه بدايتها فى حرف الهمزة (إن ، أليم)
والموضع الثالث زيادة الأثم عذاب مهين لأن العذاب المهين يكون أيضاً أليم فبزيادة الذنب يزداد العذاب .
نجد دوران (ولهم ) فى نهايات الأيات الثلاثة مما قد يُحدث لبس لدى القارئ فى ترتيب الأيات والضابط جملة إنشائية لربط الثلاث أيات :[ المُسرع يشترى ولا يحسب] .
المتشابهات
وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)
وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)
لضبط نهاية الأيات : للإيمان أجر وللصبر عزم.
المتشابهات
{وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم}
ٌ آل عمران176
{وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}ٌ
آل عمران177
{وَلَهْمُ عَذَابٌ مّهِين}ٌ
آل عمران178
في نهايات الآيات الثلاث قد يحدث لبس للقارئ في ترتيب الآيات والضابط لها كلمة
[ عام ]
أعراب:
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (180)
إعراب كلمتى خير و شر
خير : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة والمفعول به الأول محذوف تقديره “بخلهم”
شر : خبر المبتدإ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة .
إضاءات:
( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء)
دائمااحمد الله واشكره على ما يقدره عليك من اﻷقدار فالله أرحم بك من نفسك/ عامر بن عيسى اللهو
أعظم أسباب كسب النعمة ودفع النقمة التوكل على الله والاعتماد عليه (وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء) / الشيخ عبد العزيز الطريفي
(إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه) أي : يخوفكم أولياءه بأن لهم بأس وشدة وأنهم لا يغلبون ، ولم يقل (يخوفكم)لأن تخويفه لا يستقر في قلوب الموقنين / عقيل الشمري
لما ذكر الله المنافقين قال (فاحذرهم) ولما ذكر الكافرين قال (فلا تخافوهم) لأن المنافق قريب ملازم فيجب معه الحذر الدائم . / الشيخ عبد العزيز الطريفي
من الخطأ تصور أن عدم إهلاك العدو هو انتصار له “ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين” / ناصر العمر
إذا طال عمر الطاغية ورأيت تمكينا للكافر فتذكر: ” ولايحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين”/ نايف الفيصل
– يكثر سواد المسلمين فيرسل الله المحن فتتمايز صفوفهم؛لئلا يغتر صادق بكاذب(ماكان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب). /سعود الشريم
——————————————————————————————
(181/186)ص74
معاني كلمات الوجه 74
180عهِدَ إلينا:أمرنا وأوصانا في التوراة
183بقربان: ما يُتقرّب به من البرّ إليه تعالى
184الزُّبُر:كتب المواعظ والزواجر
185زحزِح عن النّار:بُعِّد ونُحّيَ عنها
185الغرور:الخِداع أو الباطل الفاني
186لَتُبْلونّ:لتُمتحنُنّ وتختبرنّ بالمحن
تفسير مبسط للوجه25 ص (74 )
( 181 ) لقد سمع اللّه قول اليهود الذين قالوا: إن اللّه فقير إلينا يطلب منا أن نقرضه أموالا ونحن أغنياء. سنكتب هذا القول الذي قالوه، وسنكتب أنهم راضون بما كان مِن قَتْل آبائهم لأنبياء اللّه ظلمًا وعدوانًا، وسوف نؤاخذهم بذلك في الآخرة، ونقول لهم وهم في النار يعذبون: ذوقوا عذاب النار المحرقة.
( 182 ) ذلك العذاب الشديد بسبب ما قدَّمتموه في حياتكم الدنيا من المعاصي القولية والفعلية والاعتقادية، وأن اللّه ليس بظلام للعببد.
( 183 ) هؤلاء اليهود حين دُعُوا إلى الإسلام قالوا: إن اللّه أوصانا في التوراة ألا نصدِّق مَن جاءنا يقول: إنه رسول من اللّه، حتى يأتينا بصدقة يتقرب بها إلى اللّه، فتنزل نار من السماء فتحرقها. قل لهم -أيها الرسول-: أنتم كاذبون في قولكم؛ لأنه قد جاء آباءكم رسلٌ من قِبلي بالمعجزات والدلائل على صدقهم، وبالذي قلتم من الإتيان بالقربان الذي تأكله النار، فَلِمَ قَتَل آباؤكم هؤلاء الأنبياء إن كنتم صادقين في دعواكم؟
( 184 ) فإن كذَّبك -أيها الرسول- هؤلاء اليهود وغيرهم من أهل الكفر، فقد كذَّب المبطلون كثيرًا من المرسلين مِن قبلك، جاءوا أقوامهم بالمعجزات الباهرات والحجج الواضحات، والكتب السماوية التي هي نور يكشف الظلمات، والكتابِ البيِّن الواضح.
( 185 ) كل نفس لا بدَّ أن تذوق الموت، وبهذا يرجع جميع الخلق إلى ربهم؛ ليحاسبهم. وإنما تُوفَّون أجوركم على أعمالكم وافية غير منقوصة يوم القيامة، فمن أكرمه ربه ونجَّاه من النار وأدخله الجنة فقد نال غاية ما يطلب. وما الحياة الدنيا إلا متعة زائلة، فلا تغترُّوا بها.
( 186 ) لَتُخْتَبَرُنَّ -أيها المؤمنون- في أموالكم بإخراج النفقات الواجبة والمستحبَّة، وبالجوائح التي تصيبها، وفي أنفسكم بما يجب عليكم من الطاعات، وما يحلُّ بكم من جراح أو قتل وفَقْد للأحباب، وذلك حتى يتميَّز المؤمن الصادق من غيره. ولتَسمعُنَّ من اليهود والنصارى والمشركين ما يؤذي أسماعكم من ألفاظ الشرك والطعن في دينكم. وإن تصبروا -أيها المؤمنون- على ذلك كله، وتتقوا اللّه بلزوم طاعته واجتناب معصيته، فإن ذلك من الأمور التي يُعزم عليها، وينافس فيها.
اسباب النزول:
قوله تعالى : ( لقد سمع الله قول الذين قالوا ) الآية [ 181 ] .
275 – قال عكرمة والسدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق : دخل أبو بكر الصديق- رضي الله عنه – ذات يوم بيت مدراس اليهود ، فوجد ناسا من اليهود قد اجتمعوا على رجل منهم يقال له : فنحاص بن عازورا ، وكان من علمائهم ، فقالأبو بكر لفنحاص : اتق الله وأسلم ، فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله ، قد جاءكم بالحق من عند الله ، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة ، فآمن وصدق ، وأقرض الله قرضا حسنا يدخلك الجنة ، ويضاعف لك الثواب . فقال فنحاص : ياأبا بكر ، تزعم أن ربنا يستقرضنا أموالنا ، وما يستقرض إلا الفقير من الغني ، فإن كان ما تقول حقا فإنالله إذا لفقير ونحن أغنياء ، ولو كان غنيا ما استقرضنا أموالنا ، فغضب أبو بكر – رضي الله عنه – وضرب وجه فنحاص ضربة شديدة ، وقال : والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله . فذهب فنحاص إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : يا محمد انظر إلى ما صنع بي صاحبك ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر :ما الذي حملك على ما صنعت ؟ فقال : يا رسول الله إن عدو الله قال قولا عظيما ، زعم أن الله فقير وأنهم [ عنه ] أغنياء ، فغضبت لله وضربت وجهه . فجحد ذلك فنحاص ، فأنزل الله عز وجل ردا على فنحاص وتصديقا لأبي بكر : (لقد سمع الله قول الذين قالوا ) الآية .
اسباب النزول
قوله تعالى : ( الذين قالوا إن الله عهد إلينا ) الآية [ 183 ] .
277 – قال الكلبي : نزلت في كعب بن الأشرف ، ومالك بن الصيف ، ووهب بن يهوذا ، وزيد بن تابوه ، وفنحاص بن عازورا ، وحيي بن أخطب ، أتوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالوا : تزعم أن الله بعثك إلينا رسولا ، وأنزل عليك كتابا ، وأن الله قد عهد إلينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول يزعم أنه من عند الله حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، فإن جئتنا به صدقناك . فأنزل الله تعالى هذه الآية .
اسباب النزول
قوله تعالى : ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ) الآية [ 186 ] .
278 – أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب ، عنالزهري ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه – وكان من أحد الثلاثة الذين تيب عليهم : أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرا ، وكان يهجو النبي – صلى الله عليه وسلم – ويحرض عليه كفار قريش في شعره . وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – قدمالمدينة وأهلها أخلاط : منهم المسلمون ، ومنهم المشركون ، ومنهم اليهود .فأراد النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يستصلحهم [ كلهم ] ، وكان المشركونواليهود يؤذونه ويؤذون أصحابه أشد الأذى ، فأمر الله تعالى نبيه – صلى الله عليه وسلم – بالصبر على ذلك وفيهم أنزل الله تعالى : ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب ) الآيه
لمسات بيانية
ية181
لماذا استخدم لفظ (ذائقة) في آية سورة آل عمران (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)
وفي قوله تعالى (وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران)؟ لماذا استعمل الذوق مع الموت والعذاب؟(د.حسام النعيمى)
عندما يقول (ذائقة الموت) (ذوقوا عذاب الحريق) إشارة إلى شدة الإلتصاق والإتصال بحيث كأن الموت يتحول إلى شيء يكون في الفم بأقرب شيء من الإنسان بحيث يذوقه ويتحسسه يعنيالموت ليس خيالاً وإنما يُذاق والعذاب ليس خيالاً وإنما هو سيُذاق ذوقاً. فكما أن الشيء يوضع على اللسان فيحسه هكذا سيكون قُرب الموت من الإنسان والتصاقه به وهكذا سيكون العذاب منالقرب والإلتصاق بهذا المعذّب لأنه سيكون في فمه فهذا هو الغاية من هذه الإستعارة.
المتشابهات
إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ
{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120
{بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ }آل عمران125
{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ }آل عمران186
الموضع الوحيد
(فقد كذب رسل من قبلك) ال عمران 184
وفي غيره
(كذبت رسل من قبلك)
المتشابهات
(لقد سمع الله…)
ال عمران 181
(قد سمع الله قول التي تجدالك..) المجادله1
المتشابهات
182 ال عمران متشابهه مع الانفال 51 / 52
المتشابهات 185بداية ال عمران متشابهه مع الانبياء 35والعنكبوت 57
إضاءات
1. إذا قيل الدنيا؛ فإنها تعني مركبك، ومسكنك، وملبسك, ومحاولتك التميز في ذلك عن غيرك هي بداية الغفلة، ثم الغرور والهلاك،(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
- ما أعظم حلم الله تعالى، وصبره على أذى عباده،(لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ).
- اعلم أن أسعد الناس من أتته منيته، وقد زحزحه الله- تعالى- عن النار، وأدخله الجنة، (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وأدخل الجنة فقد فاز)
————————————————————————-
(١٨٧-١٩٤)ص٧٥
معاني كلمات الوجه(٢٦)
ص (٧٥) ال عمران
187فنبذوه:طرحوه ولم يُراعوه
188بِمفازة:بفوز ومنجاةٍ
191باطلاً:عبثا عاريا عن الحكمة
191فقنا عذاب النّار:فاحفظنا من عذابها
192أخزيته:فضحته أو أهنته أو أهلكته
193مناديا:الرسول أو القرآن
193ذنوبنا:الكبائر
193كفِّر عنّا سيّئاتنا:أزِل عنّا صغائر الذنوب
تفسير مبسط للوجه (٢٦)
ص (٧٥)
الآية 187: ((﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ﴾)، فقال لهم: (﴿ لَتُبَيِّنُنَّهُ ﴾) أي: الكتاب (﴿ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾) عنهم، (﴿ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ﴾:أي: فتركوا ذلك العهد ولم يلتزموا به،(﴿ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾): أي: وأخذوا ثمنا قليلاً مقابل كتمانهم الحق وتحريفهم الكتاب،(﴿ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾):أي: فبئس هذا الشراء الذي يُضَيِّعون به ميثاق ربهم).
الآية 188: ((﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا ﴾) مِن أفعالٍ قبيحة كاليهود والمنافقين وغيرهم، (﴿ وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا ﴾): أي: يُثني عليهم الناس (﴿ بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا ﴾): أي: بالخير والإصلاحالذي لم يفعلوه، والحق الذي لم يقولوه، (﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ﴾) في الدنيا (﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾) في الآخرة)
الآيه (189)[وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ]
أي: هو المالك للسماوات والأرض وما فيهما، من سائر أصناف الخلق، المتصرف فيهم بكمال القدرة، وبديع الصنعة، فلا يمتنع عليه منهم أحد، ولا يعجزه أحد
الآيه(190 )يخبر تعالى: { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب } وفي ضمن ذلك حث العباد على التفكر فيها، والتبصر بآياتها، وتدبر خلقها، وأبهم قوله: { آيات } ولم يقل: “على المطلب الفلاني” إشارة لكثرتها وعمومها، وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة ما يبهر الناظرين، ويقنع المتفكرين، ويجذب أفئدة الصادقين، وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية، وخص الله بالآيات أولي الألباب، وهم أهل العقول؛ لأنهم هم المنتفعون بها، الناظرون إليها بعقولهم لا بأبصارهم.
آيه (191):ثم وصف أولي الألباب بأنهم { يذكرون الله } في جميع أحوالهم: { قياما وقعودا وعلى جنوبهم } وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب، ويدخل في ذلك الصلاة قائما، فإن لم يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب، وأنهم { يتفكرون في خلق السماوات والأرض } أي: ليستدلوا بها على المقصود منها، ودل هذا على أن التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين، فإذا تفكروا بها، عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا، فيقولون: { ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك } عن كل ما لا يليق بجلالك، بل خلقتها بالحق وللحق، مشتملة على الحق. { فقنا عذاب النار } بأن تعصمنا منالسيئات، وتوفقنا للأعمال الصالحات، لننال بذلك النجاة من النار. ويتضمن ذلك سؤال الجنة، لأنهم إذا وقاهم الله عذاب النار حصلت لهم الجنة، ولكن لما قام الخوف بقلوبهم، دعوا الله بأهمالأمور عندهم،
آيه (192) { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } أي: لحصوله على السخط من الله، ومن ملائكته، وأوليائه، ووقوع الفضيحة التي لا نجاة منها، ولا منقذ منها، ولهذا قال: { وما للظالمين من أنصار } ينقذونهم من عذابه، وفيه دلالة على أنهم دخلوها بظلمهم.
الآية 193: ((﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا ﴾) وهو نبيك محمد صلى الله عليه وسلم،(﴿ يُنَادِي ﴾) الناس (﴿ لِلْإِيمَانِ ﴾) بك، والإقرار بوحدانيتك، والعمل بشرعك، فأمَرَهُم (﴿ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ ﴾)، (﴿ فَآَمَنَّا ﴾): أي: فأجَبنا دَعْوَتَه، وصدَّقنا رسالته، (﴿ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ﴾) الكبيرة، (﴿ وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ﴾) الصغيرة (﴿ وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾):أي: وألحِقنا بالصالحين في درجاتهم العالية فيالجنة).
الآية 194: ((﴿ رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى ﴾) ألسنة (﴿ رُسُلِكَ ﴾) مِن نَصرٍ وتمكين وتوفيق وهداية، (﴿ وَلَا تُخْزِنَا ﴾): أي: ولا تفضحنا أمام خلقك بذنوبنا (﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾) (﴿ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾)).
اسباب النزول:
قوله تعالى : ( لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ) الآية [ 188 ] .
280 – أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا أبو الهيثم المروزي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري ، أخبرناسعيد بن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري : أن رجالا من المنافقين على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان إذا خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى الغزو تخلفوا عنه ، فإذا قدم اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، فنزلت : ( لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ) الآية . رواه مسلم عنالحسن بن علي الحلواني ، عن ابن أبي مريم .
اسباب النزول
قوله تعالى : ( إن في خلق السماوات والأرض ) الآية [ 190 ] .
284 – أخبرنا أبو إسحاق المقرئ قال : أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى العنبري ، حدثنا أحمد بن نجدة ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، أخبرنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أتت قريش اليهود ، فقالوا : ما جاءكم به موسى من الآيات ؟ قالوا : عصاه ويده بيضاء للناظرين . وأتوا النصارى فقالوا : كيف كانعيسى فيكم ؟ فقالوا : يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى . فأتوا النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا : ادع لنا ربك يجعل [ لنا ] الصفا ذهبا . فأنزل الله تعالى : ( إن في خلقالسماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) .
لمسات بيانيه :
آية (193):
*ما الفرق بين كفّر عنهم سيئاتهم وغفر لهم ذنوبهم وحطّ عنهم خطاياهم؟(د.فاضل السامرائى)
السيئات هي الصغائر صغار الذنوب والذنب أكبر والخطيئة عامة. لماذا يستعمل مع السيئات التكفير والمغفرة مع الذنوب (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا (193) آل عمران)؟ قلناالسيئات الصغائر والذنوب الكبائر، التكفير في الأصل الستر وكفر الشيء أي ستر الكافر في الشريعة هو الذي خرج عن الملة هذا في الاصطلاح وفي اللغة يعني ستر. وأصلها كفر البذرة أي غطاها وسترها بتراب ومأخوذ أصلاً من الزرع فالزارع يسمونه الكافر لأنه يستر البذرة في الأرض، كفرها أي سترها والليل سمي كافراً لأنه يستر الناس (لي فيك أجر مجاهد إن صح أنالليل كافر) من أسماء الليل الكافر لأنه يستر. نأتي إلى المغفرة من المِغفَر والمِغفر هو الغفر والستر، المِغفر وهو الذي يُلبس في الحرب حتى يمنع السِهام.أيها الأمنع من الإصابة المِغفر أوالتراب في الأرض؟ المِغفر أمنع. الليل يستر لكن لا يمنع سهماً أو إصابة وإنما يستر على العموم لكن لو جاءت ضربة لا تمنع أما المِغفر يمنع، فلما كان الذنب أكبر فهو يحتاج إلى مانع أكبر لذا قال معه مغفرة لأن الذنب أكبر، الذنب يصيب الإنسان إصابة كبيرة فيحتاج إلى مغفرة كما يحتاج المِغفر في الحرب. لما كان الذنب أكبر إحتاج لمانع أكبر ولمغفرة أشدّ. كفر ستر قد تكون بدون منع أو قد تكون بمانع خفيف لذا قال (فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا).
عندما تكفر البذرة في التربة تحتاج حفرة صغيرة وتسترها لكن المغفرة أكبر. إذن الذنب هو أكبر من السيئة ولذلك يستعمل معه المغفرة لأنه لما كان أكبر احتاج لوقاية أكبر والخطيئة عامة قد تكون لأكبر الذنوب وقد تكون للصغائر تستعمل فيها كلها، السيئة صغائر وقد تكون من اللمم ,أنت تقول أسأت إلى فلان ولا تقول له أذنبت معه. والذنب أكبر، يستعمل كفر عنا سيئاتنا لأنها صغيرة ومعالذنوب يقول غفران.
الموضع الوحيد:
(وَإِذْ أَخَذَ اللّه)
آل عمران (81){وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ …}
آل عمران (187)(وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ …. )
وفي غيرهما (وإذ أخذنا)
المتشابهات
آل عمران190 – ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ).
تشبه:
البقرة – 164 ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ
( الدعاء في سورة آل عمران)
(رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّاب)ُ (٨)
(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ )(٩)
(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (١٦)
(رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (٥٣)
(وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا
وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين)َ (١٤٧)
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (١٩٢) رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَار (١٩٣ِ) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَالْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَاد)َ (١٩٤)
إضاءات
يهلك المجتمع إذا كتم العلماء الحق؛ إرضاء للناس، أو ليحوزوا على مكاسب دنيوية، مالاً، أو جاهاً، أو سلطاناً،(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ).
حق على العالم و طالب العلم أن ينشر العلم الذي أخذه بين الناس، ولا يكتمه عن أحد،(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ).
إياك أن يتسلل لقلبك حب المدح والثناء، وأعظم منه أن تحب المدح بما لم تفعل، (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
احرص على أذكار الصباح، والمساء، والنوم،(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
انظر إلى السماء، وإلى طلوع الشمس وغروبها، واستخرج من كل واحدة فائدة على عظيم خلق الله سبحانه، (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
اقرأ هذه الآيات: (إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ) إلى آخر السورة، وذلك عند القيام للتهجد آخر الليل، ثم ادع بالأدعية الواردة فيها؛ لثبوت ذلك في الصحيح عنه صلىالله عليه وسلم.
——————————————————————–
ص76
معاني كلمات الوجه الاخير
196لا يغُرّنّك:لا يخدعنّك عن الحقيقة
196تقلُّبُ:تصرّف
197متاع قليل:بُلغة فانية ونعمة زائلة
197بِئس المهاد :بئس الفراش، والمضجع جهنم
198نُزلا:ضِيافة وتكرِمة وجزاءً
200صابروا:غالبوا الأعداء في الصبر
200رابطوا:أقيموا بالحدود مُتأهّبين للجهاد
تفسير الوجه الاخير من ال عمران
الآية 195: ((﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ﴾) (﴿ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾): يعني: والذكر والأنثى هم سَواءٌ في أُخُوَّة الدين، وقَبول الأعمال والجزاء عليها، وكذلك في التكليف بالأحكام الشرعية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شَقائق الرجال) (والحديث في صحيح الجامع برقم: 2333)، (﴿ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ﴾): أي: أوذوا في عبادتهم لربهم والدعوة إليه،(﴿ وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا ﴾) لإعلاء كلمته: (﴿ لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾): أي: لأسترنَّ عليهم ما ارتكبوه من المعاصي، كما سترتُها عليهم فيالدنيا، فلا أحاسبهم عليها، (﴿ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾) (﴿ ثَوَابًا ﴾): أي: جزاءً(﴿ مِنْ عِنْدِ اللَّه ﴾) (﴿ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾): يعني: خير الجزاء وهي الجنة).
الآية 196: ((﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ﴾): أي: لا يَخدعَنَّك ما عليه أهل الكفر مِن سعةٍ في الرزق والعيش، ومن انتقالهم من مكان إلى مكان للتجارة وطلب الأموال، فإن هذا كلُّه (﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ﴾)، وسوف يزول عنهم عن قريب، (﴿ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَاد ﴾)).
الآية 198: ((﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾) (﴿ نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾): يعني: هي منزلهم الدائم لا يخرجون منه، (﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾) مما يتقلب فيه الكافرون مِن نعيم الدنيا).
الآية 199: ((﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ﴾) ربًّا واحدًا وإلهًا معبودًا، (﴿ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ﴾): أي: ويؤمنون بما أنزل إليكم وهو القرآن، (﴿ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ ﴾): أي: ويؤمنون بما أنزل إليهم، (﴿ خَاشِعِينَ لِلَّهِ ﴾): يعني: متذللين لله تعالى، خاضعين له،(﴿ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾)مِن حُطام الدنيا، ولا يكتمون ما أنزل الله إليهم، ولا يحرفونه كغيرهم من أهل الكتاب،(﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾)).
الآية 200: ((﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا ﴾) (﴿ وَصَابِرُوا ﴾): أي: واغلبوا أعدائكم في الصبر، (﴿ وَرَابِطُوا ﴾): أي: وأقيموا على جهاد عدوي وعدوكم، (﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾)).
اسباب النزول
قوله تعالى : ( فاستجاب لهم ربهم ) الآية [ 195 ] .
285 – أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي ، أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد ، حدثنا جعفر بن محمد بن سوار ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، عن سفيان ، عنعمرو بن دينار ، عن سلمة بن عمر بن أبي سلمة ، – رجل من ولد أم سلمة -قال : قالت أم سلمة : يا رسول الله ، لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء . فأنزل الله تعالى : ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) الآية . رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي عون محمد بن أحمد بن ماهان ، عن محمد بن علي بن زيد ، عن يعقوب بن حميد ، عن سفيان .
اسباب النزول
قوله تعالى : ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله ) الآية [ 199 ] .
287 – قال جابر بن عبد الله ، وأنس ، وابن عباس ، وقتادة : نزلت فيالنجاشي ، [ ص: 74 ] وذلك [ أنه ] لما مات نعاه جبريل ، – عليه السلام – لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فياليوم الذي مات فيه . فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه : اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم . فقالوا : ومن هو ؟ فقال : النجاشي ، فخرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى البقيع ، وكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة ، فأبصر سرير النجاشي ، وصلى عليه ، وكبر أربع تكبيرات ، واستغفر له ، وقال لأصحابه : استغفروا له ، فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي على علج حبشي نصراني ، لم يره قط وليس على دينه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
اسباب النزول
قوله تعالى : ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ) .
286 – نزلت في مشركي مكة ، وذلك أنهم كانوا في رخاء ولين من العيش ، وكانوا يتجرون ويتنعمون ، فقال بعض المؤمنين : إن أعداء الله فيما نرى من الخير ، وقد هلكنا من الجوع والجهد . فنزلت هذه الآية .
اسباب النزول
قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ) الآية [ 200 ] .
290 – أخبرنا سعيد بن أبي عمرو الحافظ ، أخبرنا أبو علي الفقيه ، حدثنامحمد بن معاذ الماليني . حدثنا الحسين بن الحسن بن حرب المروزي ، حدثناابن المبارك ، أخبرنا مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، حدثني داود بن صالح قال : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : يا ابن أخي ، هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية : ( ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ) ؟ قال : قلت : لا ، قال : إنه يا ابن أخي لم يكن في زمان النبي – صلى الله عليه وسلم – غزو يرابط فيه ، ولكن انتظار الصلاة خلف الصلاة . رواه الحاكم أبو عبد اللهفي صحيحه ، عن أبي محمدالمزني ، عن أحمد بن نجدة ، عن سعيد بن منصور، عن ابن المبارك .
لمسات بيانيه
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ (200) آل عمران) هذه دعوة الله المؤمنين إلى الصبر لكن ألا يُغني واحد منهما عن الآخر الصبر أو المصابرة؟ الحقيقة أن الدعوة إلى الصبر دونالمصابرة مدعاة للتزلزل والفشل وإذا لم يقترن الصبر بالمصابرة والمجاهدة على الصبر حتى يلين الخصم فإنه لا يجني منه شيئاً لأن نتيجة الصبر تكون لأطول الصابرين صبراً كقول الشاعر:
سقيناهم كأساً سقونا بمثلها ولكنهم كانوا على الموت أصبَرا
فالمصابرة هي سبب النصر على الخصوم في ساحات الوغى.
لمسات بيانيه
ما دلالة قوله تعالى (من ذكرٍ أو أنثى) فى الآية(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ (195) آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
قد يظن السامع لهذه الآية الكريمة أن قوله تعالى (من ذكر أو أنثى) زيادة كان الأولى الإستغناء عنها ولكن هذا القول جاء لحكمة بليغة فلو استعرضت الأعمال التي أتى بها أولو الألبابالمذكورون في الآية لوجدت أن أكبرها الإيمان ثم الهجرة ثم الجهاد. ولما كان الجهاد أكثر تكراراً خيف أن يُتوهَم أن النساء لا حظّ لهن في تحقيق الوعد على لسان الرسل فأتى بالتفصيل (من ذكر وأنثى).
لمسات بيانيه
قال تعالى (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ(193) آل عمران) وقال (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِالْكَافِرِينَ (147) آل عمران) لماذا اختلاف الخاتمة؟ (د.فاضل السامرائى)
كيف تأتي الخاتمة؟ الخاتمة تختلف بحسب السياق والغرض.الآية (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) آل عمران) قبلها مباشرة (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)) هل يمكن في القتال أن تقول توفّنا؟ تقول في القتالانصرنا، لذا لا يجوز أن نقتطعها ونضع لها خاتمة. ولا يمكن أن تضع خاتمة تلك الآية في هذه الآية لأن كل منها في سياق واحدة في سياق حرب وقتال وطلب الثبات. والقدامى يضربون لنا مثالاً (ون تعدوا نعمت الله لا تحصوها) وردت مرتين كل مرة بخاتمة، الآية الواردة في سورة النحل (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18)) هي في بيان صفات الله فختمها بقوله (إن الله لغفور رحيم) أما الثانية ففي بيان صفات الإنسان وجحوده، فلما كانت في بيان صفات الإنسان وجحوده ختمها (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم) النعم لا تحصى لكن الإنسان ظلوم كفار مع أن نِعَم الله إن الإنسان متتالية عليه ومتتابعة لكنه ظلوم كفار، السياق هكذا واحدة في صفات الله وواحدة في صفات الإنسان فلا يصح أن تؤخذ الآية مقتطعة من سياقها. حتى في حياتنا اليومية نذكر أمراً لكن الغرض من ذكره يختلف، مثلاً تذكر حادثة غريبة تدل على كسل شخص لكنك تذكر الحادثة لبيان صفة الشخص أو للتندر منها أو لبيان أن هذاالشخص لا يصلح في المكان الذي عُهِد به إليه أو سيفرِّط في المسألة، هي مسألة واحدة لكن ما الغرض من الذي ذكرته؟ التعقيب يكون بحسب الغرض من الذكر في حادثة واحدة يمكن أن نذكرها في أماكن متعدة وفي جلسات متعددة وهكذا ينبغي أن يكون النظر في خواتيم الآيات عموماً لا نقتطعها وإنما نضعها في سياقها وننظر الغرض في هذه الآية.
لمسات بيانية
آية 200
ما الفرق بين اصبروا وصابروا؟(د.فاضل السامرائى )
صابروا أعلى من اصبروا تحتاج إلى صبر أكثر ثم صابروا فيها أيضاً معنى اصبروا على ما هو أشدّ. وصابروا لو كنت في الحرب وكان أمامك مقاتل صابر فينبغي أنت أن تغلبه في الصبر، أنت تصابره، يعني هو أمامك ليس يجزع ويفرّ أمامك واحد صابر فلا تفرّ من أمامه وينبغي أن تغلبه في الصبر.
آية 200
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ (200) آل عمران) هذه دعوة الله المؤمنين إلى الصبر لكن ألا يُغني واحد منهما عن الآخر الصبر أو المصابرة؟
الحقيقة أن الدعوة إلى الصبر دون المصابرة مدعاة للتزلزل والفشل وإذا لم يقترن الصبر بالمصابرة والمجاهدة على الصبر حتى يلين الخصم فإنه لا يجني منه شيئاً لأن نتيجة الصبر تكون لأطول الصابرين صبراً
كقول الشاعر:
سقيناهم كأساً سقونا بمثلها
ولكنهم كانوا على الموت أصبَرا
فالمصابرة هي سبب النصر على الخصوم في ساحات الوغى.
المتشابهات
(لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار… )ال عمران198
متشابه مع الزمر 20
(لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف)
المتشابهات
(وإن من اهل الكتاب..)النساء 159
اما في ال عمران 199
(وإن..النون مشدده)
إضاءات
1. وجوب الصبر، والمصابرة، والمرابطة، والتقوى؛ للحصول على الفلاح الذي هو النصر في الدنيا، والفوز في الآخرة،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
- لا يغرنك استعلاء الكافرين، وتمكنهم من هذه الحياة الدنيا؛ فإن وراء هذا حِكَماً أرادها الله سبحانه وتعالى،(لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَالْمِهَادُ).
- لا يكن همك من وراء حفظ القرآن وتدبره والعمل به الحصول على المكاسب الدنيوية،( لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا).