و لهذا فإتها لا تضيف علي أي جلسة تحضرها و لا تنقص، و لهذا أيضا ً لا يفتقدها أحد إذا غابت سوي من يحب جمالها و عددهم -عجبا ً- لم يكن بالكثير.
كنت دائما ً أتعجب ما الذي ينقص هذه الفتاة لتصبح متميزة مؤثرة لها إضافات و بصمة خاصة، فهي تعيش حياة أسرية هادئة هانئة أقرب للرفاهية. ففي بادئ الأمر ظننت أن سبب بقائها في الظل هكذا هو لمعان و ظهور أصدقائها،فهي دائما ً برفقة أكثر فتاة تفوق وحين فكرت في الحب أحبت أكثر فتي شهرة و وسامة و لما تزوجت تزوجت من أغني شاب في مجتمعها. فظننت أنه بسبب لمعان و ظهور من معها يعطي عليها و علي تميزها و يضعها في الظل، و تعجبت لماذا لا تستقل عنهم لتظهر هي و تؤثر فيمن حولها، و تقربت منها لعلي أجد السبب.
و بالفعل علمته و كان السبب غريب جدا ً، يرجع إلي أنها تشعربالنقصان، دائما ً تحس أنها ناقصة و ينقصها شيء و لهاذا دائما ً تحتاج لأحد بجانبها يغطي علي هذا النقصان و يداريه و هذا ما شعرته من كلامها و أسلوبها و ترددها و عدم ثقتها في نفسها، فإذا أقحمت في مناقشة و طلب رأيها –حتي و لو في موضوع عابر مثل في فيلم أو مطرب- تجدها تقول كلمات قليلة هامسة مهزوزة بعيون تدور في محجريها تبحث عن شيء أو أحد ثم فجأة تجد لمعة و فرحة حين تجد صديقتها أو صديقها فتسأل سريعا ً السؤال و تقول رأيها لها أولا ً و إذا عضد الصديق رأيها تجد شخصية مختلفة تماما ً، تعيد رأيها بصوت قوي و جهوري و عيون متحدية لأي أحد يعارض، متعصبة و معتدة بنفسها و رأيها فلم أجد تفسيرا ً لهذا إلا أنها تستمد قوتها و نفسها و ثقتها ممن تتبعه، و لكن لم أستطع سر هذا حتي قابلت والدتها مرة ووجدتها دائما ً تردد:”من جاور السعيد يسعد و من جاور الشاطر يتشطر و من جاور الغني يغتني” ففهمت السر، فلهذا هي دائما ً تشعر أنها لا يمكن أن تكون هي منبع السعادة و لا الشطارة و لا الغني و لا أي شيء بل هي تستمد ذلك من المحيطين تماما ً كالقمر، يظل مظلما ً و لا يضيء سوي من إنعكاس الشمس عليه، فترسخت هذه الكلمات بداخلها أنها بليدة، جاهلة، تعيسة، فقيرة دون ذلك الجار المسعد!!
وهذا ما يفسر تصرفتها التي بدت غريبة و غير مفهومة. تركت أفضل صديقتها التي كانت ملازمها طوال الوقت فجأة دون أي مقدمات و دون عراك لتلازم صديقة أخري لمجرد أن الصديقة الجديدة أشطر!!
و هذا يفسر أيضا ً تركها لحبيبها رغم حزنها لذلك و حبها الشديد له لظهور إنسان بمركز أكثر مرموقا ً و أغني…
و لأن هناك دائما ً من هو أغني و أكثر سعادة و أكثر لمعان و أخاف إن لم ترضي بما قسمه الله لها و تثق بنفسها و تشعر أنها ممكن أن تكون هي نبع الخير ستظل هكذا مجرد صدي صوت لمن حولها و لن تبقي أبدا ً لا في عمل و لا زواج و ربما حولت حياة أبنائها إلي جحيم من المقارنة و إجبارهم علي ملازمة أناس لا يحبونهم.
2 أغسطس 2010