هذه قصة شاب وعد نفسه برحلة إلي الأرجنتين في وقت معين، و رغم أنه كان قد بدأ مشروع جديد إلا أنه قرر السفر و ترك الإدارة لشركائه. في الأرجنتين قابل صديقة تدير مؤسسة خيرية عن تجميع الأحذية و توزيعها علي الأطفال المعدمين، و لكن دائماً ما كان يواجهها مشكلات في مقاسات الأطفال حتي لو جائهها العديد من التبرعات و لم يتوافق المقاسات فينتهي الأمر إلي أطفال لا يزالوا حفاة!!
فقرر عمل مشروع إستثماري يحمل نموذج لمشروع تجاري جديد يعتمد علي مبدأ جديد: واحد لواحد، أي لكل حذاء جديد يشتريه، سيعطي حذاء جديد مصنع علي مقاس طفل في الأرجنتين.
و هو في الأرجنتين لاحظ أنهم يلبسون نوع قماشي من الأحذية و تعجب كيف لهذه الأحذية لم تدخل السوق الأمريكي، فقرر أن يبحث عن صانع أحذية محلي يقبل بتعديل التصميم التقليدي قليلاً ليلائم السوق الأمريكي
علماً أن هذا الشاب لم يكن عنده أي فكرة عن تصنيع الأحذية و لكنه قرر أن يخوض التجربة من أجل هؤلاء الأطفال الحفاة
بعد عدة سفريات و جولات علي صناع الأحذية المحليين و رفضهم فكرة مشروعه، وجد واحدا وافق و اضطر أن يسافر له بعيداً عن مكان فندقه في الأرجنتين
و بعد محاولات عديدة و تجارب، صمموا الحذاء الأرجنتيني المعدل و صنعوا منه يدويا ٢٥٠ حذاء
و أثناء ذلك، كان افتتح موقع الكتروني يحمل الفكرة و يعرض صور الحذاء ويقبل الشراء أونلاين
عاد لأمريكا ثم جمع بعض أصدقائه و هو يحنل تلك ال٢٥٠ حذاء و عرض عليهم الفكرة ليقترحوا عليه ما يجب أن يفعل كخطوة تالية و من يجب أن يخاطب من شركات الأحذية
و اللطيف أن الجميع اشتري منه في نهاية اللقاء
النموذج الذي يقدمه هو: For Profit، أي أنه مشروح ربحي و لكنه يقاسم الأرباح مع مشروع خيري، فيكسب هو شخصياً و أيضاً يصرف علي مشروع خيري و التصنيع كان يتم في الأرحنتين
اعتمد علي إعلان مجاني في قائمة حريج لأنه يحتاج من يساعده و اعتمد علي طلبة الجانعة interns و هو شئ مشابه لتدريب الصيفي في الجامعة و يكون بلا مقابل مادي
هذا الشاب هو بلام ميكومسي Blake Mycoksie صاحب مصانع تومس TOMS للاحذية
و خلال الكتاب عرض المبادئ التي بني عليها الشركة و الكتب التي قرأها، و الخبرات التي كان قد اكتسبها من قراءة السير الذاتية لمليونيرات العالم و كيف طبقها في إنشاء شركته
و الكتاب استعرض فيه العديد من القصص، من أكثر القصص التي أثرت فيّ كانت قصة والدته، التي تركت الجامعة و تزوجت من زميلها في المدرسة الثانوية لتظل بالبيت لمراعاة أولادها الثلاثة، و كيف عانت من اكتئاب السمنة فالتحقها زوجها بكوسات رياضية و بدأت تقرأ و تتعلم كيف تغير طريقة طبخها و بعدها و علي مدار عام ظلت تكتب كتاب به وصفات طبخ دون الحاجة للزبدة. و أصبح كل حلمها هو طباعة هذا الكتاب، و لأنها ليس عندها أي فكرة عن عملية النشر و لا كيف تتصل بدار نشر، قررت أن تتولها بنفسها، فأخذت قرض من البنك بقيمة $٣٠٠٠٠ و بحثت في الصفحات الصفراء (صفحات الاعلانات) عن مطبعة قريبة منها و ذهبت و وجدتهم في حالة مزرية فقررت أو تعطيهم الكتاب و الفلوس أملاً منها في مساعدتهم للخروج من هذا البؤس.
و لكنهم أغلقوا المطبعة بعد عدة أيام و بعد القضايا و المحكمة لم تستطع الحصول علي المال و لكن حصلت فقط علي النسخة الأصلية التي كتبتها للكتاب. و طبعاً انهارت و شعرت انها دمرت أسرتها بعد سدادها القرض و خبرتها السيئة و لكن زوجها أخذ لها قرض آخر و أصر أن يجعلها تحاول مرة أخري مع مطبعة أخري، و كانت في منتهي الرعب من أن تفشل مرة أخري في اختيار المطبعة و لكنها لا تعرف طريقة أخري، و لكن المطبعة الجديدة قامت بعمل ممتاز و طبعت ٥٠٠٠ نسخة من الكتاب في وقت قصير بل و شاركت في الدعاية للكتاب و بالفعل قام تلفزيون محلي و جريدة محلية بعمل حديثين مغها تسببا في بيع ال٥٠٠٠ نسخة كلهم خلال ٣ أسابيع فقط، كانت تقوم هي و زوجها و أولادها بالتغليف و لصق الطوابع و كتابة الأسماء و إرسال الكتب بالبريد العادي من بيتهم، و علمت عنها دار نشر في نيويورك فأرسلت لها رحلة طيران مجانية لتمضي معهم ليقوموا هم بالطباعة و الدعاية و الإعلان فوافقت فبيع في أقل من سنة ما يزيد عن المليون نسخة و أصبح الكتاب متداول حتي مجانا في المكتبات العامة و سددت القرضين و حققت أرباح سمحت لها بافتتاح مكان لاعطاء دروس رياضية به!!
قارنت خبرة هذه السيدة بخبرة طباعة نشر كتابي في مصر، يا اللهول !!!
لجأت لدار نشر من البداية و لكن دورها لم يتعد دور المطبعة رغم محاولات الدار في الاتصال بالمكتبات الخاصة حيث أنه لا يوجد مكتبات عامة في مصر أصلاً و أنه ظهر علي الأرفف بعد شهور بسبب أن كل مكتبة لها “لجنة” تقرأ و تبحث الكتاب ثم تكتب تقرير عن رفض أو مولفقة المكتبة لتنزيل الكتاب!!!!!!!! و طبعاً لتعويض ذلك التأخير يتعين عليّ أن أحمل كتابي و أقوم بجولات توقيع مكوكية في أنحاء البلاد لأبيع الكتاب و هذا ما لم تسمح به ظروف سفري طبعاً و قمت بعمل حفلة توقيع واحدة !! في حين أني هنا بأمريكا قمت فقط برفع الكتاب علي موقع أمازون ليصبح متاحاً في أمريكا و أوروبا دون كل هذا العناء!! و لا أنكر أني أفكر ألا أطبع كتب ثانية في مصر و عليّ أن أكتبها بالإنجليزية و أنشرها بأمريكا… و شكراً للجان “الشنكل” المنتشرة بأنحاء مصر !!
في النهاية أكد أنك لتبدأ مشروعك لا تحتاج أكثر من موقع إلكتروني و كروت عمل و مكان صغير تعمل به و لا يهم المكان ممكن أن يكون في مساحة حجرتك أو جراج بيتك، المهم أن تبدأ
كعادتي السيئة طابقت ذلك علي مصر، فتذكرت خبرتي أنا و إخوتي و بعض أصدقائي حين حاولنا فتح شركة بعد تخرجنا مباشرة و كيفكانت العملية مجهولة و غير واضحة المعالم!!
و فين حتي وجدنا محاسب قانوني ابن حلال شرح لنا خطوات فتح الشركة و أنواعهاhttp://ejabat.google.com/ejabat/threa… و طبعا الضرائب تعتمد علي رأس المال و موقع الشركة و وجدنا أنه لو لشركتنا محاسب قانوني حمار سننتهي جميعا في السجن، هكذا ببساطة
صحيح أن أخوتي لم يستسلموا و أصروا علي فتح شركاتهم و لكن تم ذلك بعد مرور حوالي عشر سنوات من العمل بأكثر من مكان في نفس الوقت و عدم نوم و السفر لبعض السنوات و دفع ألاف الجنيهات للدراسة و غيره
أما بليك فببساطة فتح الشركة وحده و هو في الأرجنتين و ليس بأمريكا أصلاً و لم يذكر كلمة هيئة الضرائب و لو لمرة أثناء الكتاب كله و لو بالغلط!! و خلال ٦ سنوات فقط كان من أغنياء أمريكا !! شكراً وزارة الإستثمار و المالية و هيئة الضرائب !!!!!
يا ريت بقي يفهموا يعني ايه إعادة الهيكلة و تعديل القوانين؟؟
في الكتاب استعرض بليك كيف أدار شركته منذ البداية حتي أصبحت واحدة من كبري الشركات في أمريكا
تحدث عن القصة: أن يكون لك قصة سيساعد ذلك علي انتشار و دعاية شركتك
تحدث عن الثقة في الموظفين و العملاء
عن البساطة سواء في الفكرة أو في الممتلكات و كيفية أن التحرر من الممتلكات و ما يحيطك يحرر عقلك… للعلم بعد نجاح شركته و شهرتها، تخلص من كل ممتلكاته حتي الملابس الزائدة و ذهب ليعيش في قارب.. طبعا الشئ الوحيد الذي احتفظ به هو كتبه
رجل أعمال يعني رجل مثقف، مش نصاب و فهلوي!! 🙂
إقرأوا لتغتنوا و سافروا و اغتربوا لتعرفوا الدنيا
ربنا يوسع رزق الجميع 🙂