حكاية اليوم ليس بها بطل يهودي حقيقي ملموس كالحكايات الماضية و لكن هذه الحكاية ستحتوي علي ظلهم بصورة عامة و ألم و تجربة شخصية مؤلمة جداً بصورة خاصة
حكاية اليوم بطلتها إبنتي، في يوم عادت من الحضانة و كانت وقتها عندها 3 سنوات و نصف فقط و وجدتها تحمل رسمة هي رسمتها للشمعدان الموجود أعلاه!!!!!
الحقيقة أول مرة أشعر بضغط عالي و دم يغلي في رأسي و كل أطرافي و وددت لو ظللت أخبط رأسي بالحائط حتي ينشق و تزهق روحي فبالتأكيد أن الموت أرحم من الألم الذي ألم برأسي لحظتها و وجع قلبي و لكن الأيام علمتني أن أملك نفسي و أتحكم بأعصابي جيداً حين تلمني مصيبة أحتاج بها عقلي ليتصرف، فأهدأ حتي لا أخطأ خطأ جسيم أندم عليه طوال حياتي حيث لا ينفع الندم، و بالتأكيد أنهار بعد ذلك كيفما أشاء.
فابتسمت و أخذت ابنتي بالحضن و أجلستها علي حجري مثلما أفعل كل يوم عند عودتها من المدرسة لأسألها عن يومها و أسمعها جيدا تسرد لي حكايات اليوم و ما حدث و ما قالت و ما قيل لها و ما دار من اليوم من ألعاب مع صديقاتها و أصدقائها بالمدرسة، و تصرفت كما العادة كأن شيئا لم يكن و لا أشعرها بالمرة بالشرخ الذي حدث بداخلي لحظتها!!
و بدأت أسألها عما فعلته أيضاً من أعمال فنية أخري غير هذه فوجدتها فرحة جداُ بها و مهتمة بها اهتمام خاص قتركتها بحريتها تحكي و أنا أسمع و الدخان يتصاعد من أذناي،
سألتني كم شمعة تلك يا مامي ؟
فقلت: 9
أجابت: خطأ يا مامي حاولي مرة أخري
فابتسمت ثانية و عددتهم أمامها و قلت 9
قالت: لا يا مامي هم ثمانية و واحدة
فقلت:كيف؟
فوجدتها تعد من الناحية اليمني 1 2 3 4 شمعات ثم من الناحية اليسري 5 6 7 8 شمعات ثم أشارت إلي التي في المنتصف قائلة و هذه واحدة
فسألتها و ما يميز تلك عن الآخرين لماذا لم تحسبيها معهم؟
قالت: انظري يا مامي هذه أعلي من الآخرين إذن هي وحدها
فسألتها: و ما هذه الشمعات ؟
أجابت بأسلوب كيف لا تعرفين و انتي مامي: هذه هي المانورا يا مامي عيد النور
فابتسمت و حاولت ثانية أن أتوهها عن الموضوع لموضوع أخر فقالت بتلعثم يدل علي أنها لم تلتقط كل الحكاية و قالت هي عن ناس ذهبوا لأناس آخرين وجدوهم يلعبون بتلك التسع شمعات، هي ايه بقية الحكاية يا مامي تاني؟
فلم أتحمل و حقيقة أنا لم أكن أعلم أي شئ عن هذا العيد سوي أني أري هذا الشمعدان علي بعض المطاعم أثناء احتفالات الكريسماس و أعرف أنه عيد يهودي و السلام
و لكن بالطبع بعد ما حدث كان يجب أن أعرف كل شئ بالتفصيل
«عيد التدشين» هو الاسم العربي لعيد «حانوخه» وهي كلمة عبرية معناها «التدشين». ويستمر عيد التدشين ثمانية أيام بدءاً من الخامس والعشرين من كسلو (يقابل ديسمبر) حتى 3 تيفت. والمناسبة التاريخية لهذا العيد هي دخول يهودا الحشموني (أو المكابي) القدس وإعادته للشعائر اليهودية في الهيكل. من هنا كانت تسميته بعيد التدشين. ويُقال إن يهودا المكابي، حينما دخل الهيكل، وجد أن الزيت الطاهر الذي يحمل ختم الكاهن الأعظم لا يكفي إلا يوماً واحداً (وكان من الضروري أن تمر ثمانية أيام قبل إعداد زيت جديد كما تقضي التوراة). فحدثت المعجزة، واستمر الزيت في الاحتراق مدة ثمانية أيام بدلاً من يوم واحد. ولذلك، صُمِّم لهذا اليوم شمعدان مينوراه خاص من تسعة أفرع، فتُوقَد شمعة في الليلة الأولى، ثم تُضاف ثانية في اليوم التالي، وهكذا حتى اليوم الثامن. وتُقرَأ بعض الفقرات من سفر العدد، ثم يُضاف وصف لمعجزة الحانوخه في تلاوة العميداه أثناء الصلاة.
وقد قرر الحاخامات أن تُقرَأ فقرات من سفر زكريا (4/6) « لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود ». وقد أراد الحاخامات بذلك أن يقللوا من شأن الجانب العسكري للعيد، وأن يركزوا على الجانب الروحي. ولكن العكس يحدث الآن في الأوساط اليهودية تحت تأثير الصهيونية، وفي الدولة الصهيونية على وجه الخصوص، إذ يبالغون في الاحتفال بهذا العيد وفي تأكيد الجانب القومي.
وعيد التدشين ليس في الواقع من الأعياد التي وردت في العهد القديم. وقد كان هذا العيد عيدا بلا أهمية كبيرة. ولذا، فهو العيد الوحيد (باستثناء عيد النصيب) الذي لا يحرم فيه العمل. وكان يحتفل به بطريقة بسيطة جدا، فتوقد شمعة واحدة في أول يوم، ثم شمعتان في اليوم التالي، وهكذا إلى أن توقد الشموع الثمانية. وكان رب الأسرة يتلو دعاء، وتنشد الأسرة أغنية بسيطة لشكر الإله يشار فيها إلى السلوقيين بوصفهم ” الكلاب” (حرفيا: العدو الذي ينبح). وكان الأطفال يلعبون لعبة بسيطة. ولم تكن أيام عيد التدشين تختلف عن أيام الأسبوع الأخرى. ولكن العيد بحكم توقيته (الخامس والعشرين من ديسمبر) يقع في الفترة نفسها التي يحتفل فيها المسيحيون بأهم أعيادهم (عيد الميلاد). ولما كان أعضاء الجماعات اليهودية يكتسبون هويتهم من خلال الحضارة التي يعيشون بين ظهرانيها، فإن عيد التدشين يكتسب أهمية خاصة، حتى صار هذا العيد غير المهم من أهم الأعياد على الإطلاق وأصبح صدى لعيد الكريسماس. فهناك المينوراه المقابل لشجرة الكريسماس، كما أن الهدايا تعطى للأطفال في ذلك العيد. وقد تمت علمنة العيدين بحيث تحولا إلى مناسبتين للمرح واللعب. بل بلغ تقليد الكريسماس إلى حد أن الأدعية التي كانت تتلى في عيد التدشين والأغاني والألعاب التقليدية لأطفال اليهود اختفت تقريبا وحل محلها ما يسمى «شجرة الحانوخه» (التدشين)، وهي تعادل شجرة الكريسماس. وهناك «العم ماكس رجل الحانوخه» الذي يوزع الهدايا، وهو مقابل سانتا كلوز. ومن الطريف أن العيد، بعد أن فقد هويته اليهودية تماما، ينظر إليه باعتباره أهم تعبير عن الهوية اليهودية.
ويحتفل بالعيد في إسرائيل على أنه عيد ديني قومي، فتوقد الشمعدانات في الميادين العامة، وتنظم مواكب من حملة المشاعل. وأثناء الاحتفال، يصعد آلاف الشبان إلى قلعة ماسادا.
فعلمت أنه ليس عيدا أقره سيدنا موسي و لا كان في الشريعة اليهودية إنما هو للحفاظ علي الهوية اليهودية أمام عيد الكريسماس !!!!
و بعد أن لهيت ابنتي و شغلتها تخلصت من الرسمة دون أن تشعر و قمت بمحادثة مدرستها علي الفور و سألتها ان كانت يهودية أم لا فأجابت بلا و سألتها ان كان أيا من المدرسات كذلك فأجابت بالنفي أيضاً و لكنها قالت أن هناك بعض الأطفال كذلك فسألتها إذن لماذا تدرسون لهم أشياء عن الدين فأجابت أنهم لا يفعلون ذلك و أن هذا هو عيد النور العيد المصاحب للكريسماس و عيد يحتفل به العالم أجمع فسألتها ان كانوا قصوا علي الأطفال قصصا تتعلق بالدين المسيحي فأجابت بالنفي فاغتظت بشدة و قلت لها أني سألت حين ألحقت ابنتي بالمدرسة ان كانوا يدرسون أي شئ يتعلق بالأديان فأجابوا بالنفي و رغم ذلك قلت لمدير المدرسة أن ابنتي مسلمة و أني لا أحبها أن تسمع أي شئ عن أي دين آخر حتي لا يحدث لها ارتباك في عقيدتها في مثل هذه السن المبكرة و عليه فإنه غير مقبول أن يحدثوها بقصة تحكي عن كهنة معبد يهيودي أو رهبان أو أياً من هذا القبيل
فاعتذرت و وعدت أن هذا لن يحدث ثانية و لكني حقيقة كنت لا زلت مغتاظة فلم أنهي المكالمة و إنما أزدت في لومها و سألتها: ما دامتم تحكوا عن الأديان فلماذا لم تحكوا عن الأعياد الإسلامية خاصة و أن العيد الكبير كان من أسبوع و قبله بوقت قصير كان شهر رمضان الذي انتهي بعيد الفطر، ألم تسمعي عن هذه الأعياد؟
فأجابت: ببلي و لكنهم يحتفلون بالأعياد التي تعترف بها الحكومة و تنصها في جدول الدراسة و لم يأت لهم بأي شئ يدل علي الاحتفال بهذه الأعياد
فأخرستني، فعلاً هناك مشكلة منذ زمن علي تحديد الأعياد الإسلامية بأمريكا حتي أنه أحياناً تجد مسجد أعلن الإفطارو صلي العيد و تجد آخر أفطر و صلي باليوم التالي
فأجبتها أني علي استعداد للحضور للمدرسة بشخصي و عمل مقدمة عن أعياد المسلمين و شرائعهم
فردت أن القرار ليس بيدها لأنها ليست المدرسة الرئيسية للفصل و علي أخذ موافقة المدير أيضاً
فشكرتها و خذرتها من تكرار ذلك مرة أخري حتي لا يتسببوا بضرر للبنت و هي في مثل هذه السن الصغيرة
و لكن عندما حكيت لزوجي ما حدث غضب بشدة، و قال ان القوانين في أمريكا تمنع أن أسأل أي شخص عن دينه و أنه كان يتوجب علي إدارة الحديث بأسلوب أذكي من المواجهة المباشرة علي هذا النحو و أن ذلك قد يتسبب في اضطهادهم للبنت لاحقاُ و مضايقتهم لها
فقررت مراقبة الوضع و علمت من ابنتي بعد ذلك أنه أحياناً تجلس المدرسة معها وحدها في حجرة اللعب فقلقت و حين سألت المدرسة أجابت أنهم كانوا يحكوا قصة خافوا أن أعتبرها دينية فجنبوها سماعها إياها
فشكرتها كثيراً علي الوفاء بوعدها
و لكن منذ ذلك اليوم و أنا أدعو أن يكون ابنتي و أولادها و كل من يأتي من بعدي أن يكونوا مؤمنين علي الدين الإسلامي الحنيف و بدأت مع ابنتي منذ ذلك اليوم بتحفيظها كل شئ بالعربية و الإنجليزية حتي يتسني لها الحديث عن الدين الإسلامي بالإنجليزية أمام أصدقائها بعد أن كنت أركز فقط علي اللغة العربية و ربط أي شئ يربط الدين باللغة العربية فقط
فأصبحت تعلم من هو سيدنا محمد بجمل قصيرة مختصرة بالإنجليزية و قصص بعض الأنبياء و ترجمة السور التي تحفظها بالانجليزية حين تطلب ذلك رغم أني كنت أرفض ذلك في السابق و أصر علي تفسيرها بالعربية فقط
و لكن لن أخفي أني خفت ، خفت جداً، شعرت أن أحداً يحاول خطف ابنتي من حضني و قتلها أمام عيني و بعض الأحيان لمت نفسي أني حدثت المدرسة و احترت ان كان يجب علي أن أتجاهل الموقف اعتمادا علي ان ابنتي صغيرة و بالتأكيد ستنسي ؟
و حين سألت أصدقائي الذين لهم أبناء يكبرون ابنتي بعدة أعوام انتقدوا ذلك بشدة و قالوا ان المدرسة بالغت
و بعد ذلك بعدة أشهر كان هناك قضية تشغل الرأي العام الأمريكي و كانت البرامج الحوارية تدار حول هذا الموضوع علي القنوات تقريباً و كانت عن مدرس باحدي المدارس أعتقد الاعدادية، تم فصله و محاكمته لأنه أعطي لكل طلبة فصله أقلام مكتوب عليها آيات من الإنجيل و أن هذا مخالف للقوانين لأنه قد يؤذي مشاعر بعض الطلبة الذين لا يعتقدون بوجود إله -أستغفر الله العظيم- صحيح أنه لم يكن أياً من الفصل هكذا و لكن ربما فلم يفرض علي أحدهم قراءة أشياء تخالف عقيدته و يجرح مشاعره؟؟!! هذه كانت التهمة الموجهه إلي المدرس
عندها تأكدت أني لم أكن مخطئة بل ربما كان يجب علي الذهاب لتسجيل محضر ضدهم بالقسم و إغلاق المدرسة
و يجب أن أعترف أيضاً بشئ آخر داخَل نفسي، لو أن المدرسة أجابت بأنها يهودية ربما كان هدأ ذلك من روعي و لكن ظل سؤال حتي الآن لم أفهمه لماذا تقوم مدرسة بتدريس أشياء عن دين غير دينها فحين تدرس عن دينها فإن ذلك مفهوم
عامة أعتقد أن المشكلة تكمن في أني في بلاد غير بلادي و أعيش مع أناس غير أهلي، لا أعرف كيف يتعاملون مع الأديان الأخري، فأنا شخصياً حدث لي موقف مماثل حين دخلت المدرسة، أدخلتني مدرستي ميس ليندا إلي فصل الدين المسيحي لأني كنت أقول اسمي إنجي سمير فقط حينها و صديقتي كانت ماري، و علم والدي هذا حين رآني أعود له بكتاب الدين المسيحي للمنزل فذهب والدي و وضح الأمر لمس ليندا و أذكر أنه تعامل مع الموقف بهدوء شديد و لم ينزعج بالمرة، و لم يخاف أن تضهدني مدرستي مثلما فعلت أنا، حين سألته عن الفرق أجاب كلها أديان هدفها واحد في النهاية و لكن مختلفة في طريقة العبادات، و حين سألته عما إذا كان يجب أن أترك أعز صديقاتي لأنها علي غير ديني؟ فأجاب بالرفض القاطع
و للشهادة فإن ميس ليندا ظلت تحبني و تتابع أخباري حتي بعد تخرجي من الجامعة و كانت دائماً تفتخر بي و تدعو لي و أنا سأظل أحبها ما حييت و أتذكرها وأتذكر أفضالها علي إلي يوم
وفاتي فهي من أكثر من أثر بحياتي
ففعلاً ربما سبب فزعي هو الخوف من المجهول فقط لا أكثر و لا أقل و من تجربة لم أرها و لا أعرف منتهاه و كيف يمكن أن تؤول في النهاية و كيف تؤثر علي ابنتي
و ختاماً لأنه لا ملجأ لي سوي الله فأدعو كما دعت امرأة عمران والدة السيدة مريم: ” إني أعيذها و ذريتها من الشيطان الرجيم”
و أدعو كما دعا سيدنا إبراهيم:
((رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .)).
((رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء . رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ .)).
المصادر:
موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري
very nice story ya Engy, Rabena ye7faz weladna wa banatna ya Rab
فعلا قصة او نقطة يجب ان يلاحظها كل من هو مغترب يجب ان يلاحظ على اولاده وحماية معتقداتهم لان الاباء هم المسؤولين بالدرجة الاولى لا حولا ولا قوة الا بالله هناك من يدهب لجمع المال فقط فينسى هو نفسه تعاليم الايلام كيف سيوصلها لابنائه